في الوقت الذي انشغل فيه مراقبون بفحوى الحديث الإعلامي الذي أدلى به رئيس النظام السوري لوسائل الإعلام، عقب استقباله الوفد الحكومي الروسي برئاسة نائب رئيس وزراء الروسي، ديمتري روغوزين، الاثنين، كان هناك من يبحث عن دلالات الزيارة الاقتصادية.
وفيما أسهبت وسائل الإعلام بالحديث عن الاتهامات التي وزعها الأسد جزافا على كل من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وأكراد سوريا، اعتبر مراقبون أن ما جرى خلال الزيارة التي ضمت نواب وزراء التنمية الاقتصادية والطاقة والنقل والصناعة الروس إلى جانب روغوزين، بيعا للثروات السورية للروس.
روسيا تريد تعويض خسائرها
وفي هذا الصدد، يعتقد الكاتب الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، عدنان عبد الرزاق، أن زيارة الوفد الروسي الأخيرة جاءت "تتويجا للاتفاقات الاقتصادية التي وقعت العام الفائت ما بين النظام وروسيا البالغ قيمتها 800 مليون يورو".
وأضاف لـ"عربي21" أن روسيا متواجدة في قطاع الطاقة السوري منذ العام 2012، حيث دخلت ثلاث شركات روسية في ذلك العام، وأعقبها في العام الماضي 2016 دخول شركة أخرى لاستثمار الفوسفات، وتأهيل المنشآت الغازية.
وعلى كل ذلك يرى عبد الرزاق، أن باستطاعته القول إن "روسيا تملكت إلى حد بعيد استثمار وإعادة تأهيل الطاقة في سوريا"، ويستدرك: "عندما نقول الطاقة فنقصد الكهرباء إلى جانب الغاز والنفط والفوسفات".
ونوه إلى ما أشار له وزير النفط السوري هاني غانم خلال الزيارة الروسية، حول وجود مشروعات استثمارية روسية جديدة ستعلن خلال أيام، معتبرا أن ذلك يؤكد وبوضوح أن روسيا مقبلة على مرحلة جني المكاسب الاقتصادية في سوريا.
من جانب آخر أشار عبد الرزاق إلى سعي روسيا للسيطرة على الجغرافية السورية بقدر سعيها إلى السيطرة على الثروات الباطنية فيها، بسبب أهمية الجغرافية السورية للروس، لأنها منطقة عبور إلزامية لطاقة الشرق الأوسط إلى أوروبا.
ولفت كذلك إلى رغبة روسيا بالاستئثار بعقود الطاقة في منطقة الساحل السوري والمياه الإقليمية، مشيرا إلى تقديرات المسوحات التي تمت في العام 2004، التي أكدت أن سوريا تأتي في مقدمة الدول المنتجة للغاز في العالم كله.
والأهم من ذلك كله بحسب عبد الرزاق، أن روسيا ومن خلال توجهها الاقتصادي نحو سوريا تحاول تعويض خسائرها جراء تدخلها العسكري في سوريا.
وفي هذا السياق، ذكر أن الخسائر الروسية التي منيت بها روسيا منذ تدخلها في سوريا في العام 2015 تقدر بحوالي 2.4 مليار دولار أمريكي، وأوضح أن هذا الرقم "لا يتضمن ثمن خمس طائرات حربية روسية أربع منها أسقطت في سوريا، وواحدة في تركيا، وثلاث حوامات، فضلا عن خسائر أخرى غير مكشوفة مالية وبشرية".
غياب ملف إعادة الإعمار
لكن اللافت في الزيارة، من وجهة نظر الباحث الاقتصادي سقراط العلو، غياب ملف إعادة الإعمار، بسبب عدم قدرة روسيا على تغطية تكلفة هذه العملية واشتراط الأطراف الممولة الدولية تحقيق الحل السياسي قبل بدء المرحلة.
ورأى العلو خلال حديثه لـ"عربي21"، أنه رغم أهمية الزيارة اقتصاديا، إلا أنها لا تدلل على أن الأسد شريك للروس في مستقبل سوريا.
وأوضح، أن الروس يستغلون وجود الأسد لتمرير عقود اقتصادية، مستدركا بقوله: "لكن الجائزة الكبرى المتمثلة بملف إعادة الإعمار لم يتم التطرق لها، لأن روسيا غير متحكمة بهذا الملف".
وتابع بأنها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها الروس على عقود اقتصادية من الأسد، مشيرا في هذا الصدد إلى استثمار روسيا لكل المنشآت السياحية في الساحل الروسي.
وألمح العلو، إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد توقيع عقود إضافية ما بين روسيا والنظام وخصوصا في منطقة دير الزور وذلك ما بعد انتهاء الحرب على تنظيم الدولة هناك، مبينا أن العقد الذي يخص مناجم الفوسفات في بادية حمص الذي وقع خلال الزيارة الأخيرة، جاء بسبب انتهاء القتال في المنطقة.
بعد الخطوة الروسية.. متى تخرج إيران من سوريا؟
مع اقتراب "سوتشي".. المعارضة تتوقع تصعيدا عسكريا روسيا
ما واقعية حديث بوتين عن بدء التحضيرات للانسحاب من سوريا؟