يترقب معارضون سوريون بكثير من الحذر خطوات تصعيدية روسية ضد مناطق المعارضة في إدلب شمال البلاد، وفي ريف دمشق ودرعا جنوب البلاد، وفق قولهم، وذلك مع اقتراب موعد مؤتمر "سوتشي" المقرر مطلع العام الجديد.
ولا يعرف على وجه الدقة ما إذا كانت روسيا ذاهبة في هذا الاتجاه، لإرغام المعارضة على الذهاب إلى "سوتشي"، لكن المعارضين قالوا إن هناك دلائل وتحركات عسكرية تشهدها مناطق عدة في محيط إدلب وكذلك حالة الترقب التي تسود في درعا، ترجح هذا الاحتمال، وخصوصا بعد حالة الانسداد التي شهدتها الجولة الأخيرة من مباحثات السلام السورية في جنيف.
وفي هذا الصدد، قال المنسق العام بين فصائل المعارضة السورية الدكتور عبد المنعم زين الدين، إن التصعيد العسكري ضد المعارضة لم يتوقف من الأصل، وإنما كان ينتقل من جبهة لأخرى، مبينا أن المعارك في ريف حماة محتدمة ما بين المعارضة وما بين قوات النظام المسندة جوا من روسيا منذ ما يقارب على ثلاثة أشهر، إلى جانب المعارك في ريف حلب الجنوبي، وفي بعض جبهات الغوطة المحاصرة.
وأضاف لـ"عربي21"، أنه من الواضح أن التصعيد العسكري سيتجه للازدياد في الأيام المقبلة، مشيرا إلى تطبيق المقاتلات الروسية والسورية لسياسة "الأرض المحروقة" في ريفي حماة وحلب الجنوبي.
وقال زين الدين، إذا كانت روسيا تريد الضغط عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا على المعارضة في سبيل حصول موافقتها على الذهاب إلى "سوتشي" ستفشل.
وأضاف أن "فشل هذه السياسة الروسية ليس لأن الأمر يتعلق بالذهاب إلى مؤتمر من عدمه، وإنما بسبب أجندات المؤتمر الواضحة التي تصب في صالح النظام".
وتابع بأن التصعيد الروسي المقبل هو"مواصلة لسياسة موسكو التي طبقتها في سوريا منذ اندلاع الثورة، أي التعويل على الحل العسكري"، معتبرا أن الغاية من المؤتمرات والتحركات السياسية الروسية هي محاولة التغطية على الجرائم الإرهابية التي ارتكبتها بحق الشعب السوري".
ورأى زين الدين أن محاولة روسيا فرض أي حل لا يحقق أهداف الشعب السوري بالقوة العسكرية، هي محاولة محكوم عليها بالفشل، ولن يكون لها تطبيق على الأرض.
من جانبه، اعتبر الباحث بالشؤون الروسية والتركية، الدكتور باسل الحاج جاسم، أنه "من الصعب تحديد ما إذا كانت روسيا ستقوم بتصعيد عسكري كبير ضد مناطق المعارضة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن الصورة ستتضح تماما بعد جولة محادثات أستانة المقبلة المقررة في أواخر الأسبوع المقبل، مشيرا إلى أن ملف إدلب سيكون على رأس أجندات الجولة الثامنة.
وقال الحاج الجاسم، من الواضح تماما أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون أسابيع مفصلية وحاسمة للحل في سوريا، وخصوصا فيما يتعلق بمواصلة المفاوضات من عدمها.
ورجح بالمقابل أن تصل المفاوضات ما بين المعارضة والنظام لطريق مسدود، معتبرا أن "المفاوضات السورية، هي مفاوضات بين الأطراف الدولية صاحبة النفوذ في سوريا".
بدوره، سخر المحلل السياسي، أسامة بشير، خلال حديثه لـ"عربي21"، من حقيقة ما وصلت إليه عملية التفاوض، قائلا :"ليس عمليات تفاوض وإنما هي عملية مثيرة للسخرية، لأنها تحولت إلى فرض شروط على المعارضة".
وأضاف أن المطلوب روسيا هو إعلان موت جنيف عبر سوتشي، معتبرا أنه "من الأجدى للمعارضة التركيز على العمل المسلح، عوضا عن الدخول في هذه المتاهات".
وبحسب تسريبات، فإن مؤتمر "سوتشي" سيخرج بورقة سياسية تتطابق تماما والتصور الروسي للحل، الذي يلغي عملية الانتقال السياسي، لتعتمد هذه الورقة أمميا عبر ضمها إلى مجموعة الأوراق السياسية الدولية في جنيف، ما يعني في حال تم ذلك، التفافا على القرار الأممي 2254 الذي ينص على تحقيق الانتقال السياسي، وحرمانا للمعارضة من آخر أوراق الضغط السياسي التي لا زالت بحوزتها، وفق النشطاء السوريين.
هل باتت التسوية قريبة في عيون السوريين؟
ما حقيقة تغير موقف الرياض بشأن مستقبل الأسد بسوريا؟
التقارب التركي مع روسيا.. خطوات تكتيكية أم رؤية استراتيجية؟