انتشرت في
مصر لعبة أطفال بسيطة عرفت على نطاق واسع باسم خادش للحياء، وتحمل، في الوقت ذاته، سخرية واستهزاء بقائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي.
وتتكون اللعبة، التي أطلق عليها المصريون اسم "بـ*ان السيسي" (أحد أجزاء الأعضاء التناسلية)، من كرتين من البلاستيك معلقتان في حبلين صغيرين مربوطين في حلقة، وعندما يقوم الطفل بتحريك الحبلين تصطدم الكرتان بعضهما ببعض، لتحدثا صوت فرقعة تختلف شدتها حسب قوة تحريك الكرتين.
وأثارت اللعبة سخرية واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين يتداولون صورا وفيديوهات للعبة ولأطفال يرددون اسمها، وسط آلاف التعليقات والرسوم التي تسخر من السيسي، وأكدوا أنها باتت هذه اللعبة الأشهر في البلاد، خاصة في المناطق الشعبية الفقيرة والقرى، حيث تباع بسعر زهيد بجنيهات قليلة.
وعلى الرغم من أن اللعبة ليست جديدة، إلا أنها عادت للانتشار بقوة في الأيام الأخيرة باسم "بـ*ان السيسي" لتعكس غضبا واسعا ومعارضة واضحة للسيسي بين الطبقات الشعبية في مصر، بحسب مراقبين.
المدارس تحظرها
وقال كثيرون إنهم رحبوا باللعبة واشتروها خصيصا لأبنائهم وأقاربهم، نظرا لما تعكسه من دلالة على معارضة السلطة، بينما رفضها آخرون بسبب إحراجهم من ترديد الاسم الخارج الذي تحمله، فيما أبدى غيرهم رفضهم لها بسبب الإزعاج الكبير الذي تسببه عند اللعب بها.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا حول قرار اتخذته بعض المدارس الحكومية والخاصة بحظر هذه اللعبة، وإيقاع عقوبة قد تصل إلى الفصل لأي طالب يحضرها إلى المدرسة، وتحذير أولياء الأمور منها بحجة تسببها في إحداث إزعاج للآخرين، وتشتت الطلاب عن تحصيل دروسهم، وتثير المشاكل بين الطلاب.
ويقول مراقبون إن هذا الاسم الساخر من السيسي هو امتداد لسلسة ممتدة من سخرية المصريين من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بعد أن تسبب في تدهور اقتصادي وغلاء غير مسبوق، بدأت بإطلاق اسم "العر*" عليه، ثم إطلاق اسم "بلحة" نسبة إلى شخصية مريض نفسي ظهر في أحد الأفلام السينمائية المصرية القديمة.
واستغلالا لهذا الانتشار الكبير للعبة، قام أحد المبرمجين بتصميم لعبة إلكترونية مماثلة يمكن لعبها عبر الهواتف المحمولة بعد تحميلها عبر المتاجر الإلكترونية.
تعبير عن الغضب من السيسي
المحلل السياسي عمرو هاشم ربيع قال إن السخرية من رئيس الدولة ليس أمرا جديدا على المصريين، مشيرا إلى أن الأمر حدث منذ عقود بعيدة وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الأسبق حسني مبارك، وحتى أيام الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وأضاف ربيع، في تصريحات لـ "عربي21"، أن اللجوء إلى هذه الأفكار يحمل في طياتها غضبا ومعارضة شديدة، من قبل الطبقات الفقيرة وسكان المناطق العشوائية على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الراهنة، مؤكدا أن ابتكار هذا الاسم لألعاب الإباحية أو ما شابه ذلك، هو نتيجة لقرارات السلطة الحالية التي لا تعجب قطاعا عريضا من الشعب، الذي يترجم معارضته للحاكم في شكل سخرية إباحية منه.
وأوضح أن إطلاق النكات والأسماء الساخرة على الرئيس قد تكون مقبولة عند الكثيرين، لكن انتقاد الرئيس عبر السخرية المقرونة ببذاءة أو كلمات إباحية سواء بالكلام أو ابتكار ألعاب تحمل أسماء إباحية لا أحبذها على الإطلاق، حتى لو كنت معارضا له على طول الخط، موضحا أن هذه التصرفات تحمل إهانة شخصية شديدة جدا لرأس الدولة، وليس انتقاد قراراتها وتصريحاته المتعلقة بمهام منصب.
تعكس تدهورا أخلاقيا
من جانبها قالت أستاذة علم الاجتماع ثريا عبد الجواد، تعليقا على هذه اللعبة، إن فكرة السخرية في حد ذاتها فكرة جيدة في المجتمعات المتحضرة، لكن طريقة السخرية نفسها هي التي تعكس القيم والمبادئ الموجودة في هذا المجتمع.
وأضافت عبد الجواد، لـ "عربي21"، أن فكرة السخرية من الرئيس أو المسؤول السياسي هو تصرف اجتماعي يحدث عندما يعترض الناس على السلطة الحاكمة، فيبدأون في تأليف النكات والألعاب وإطلاق الأسماء الساخرة على الحاكم وما شابه، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عندما تعرض للضرب بالحذاء في أحد المؤتمرات الصحفية على يد صحفي عراقي، سرعان ما تحولت هذه الحادثة إلى لعبة إلكترونية على الإنترنت لترسيخ فكرة السخرية والاستهزاء من بوش.
وأكدت رفضها استخدام هذه الوسيلة السيئة من وسائل السخرية عبر الألعاب الإباحية التي تسيء للرئيس أو لأي مسؤول، وتابعت: "دعونا نختلف مع السلطة باحترام ونوضح وجهات نظرنا دون إساءة لأحد؛ لأن هذه الممارسات غير الأخلاقية لا تفيد الحياة السياسية بل تضر المناخ العام".
وتابعت ثريا عبد الجواد: "السخرية من السيسي بهذه الطريقة البذيئة، هي فعل مشين ويعكس تدهورا اجتماعيا، مشيرة إلى أن الألعاب الإباحية أو السخرية من السيسي أو الشتائم له التي يتم تداولها في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد أن المجتمع المصري ينحدر أخلاقيا بشكل كبير.