نشرت صحيفة "تاغس تسايتونغ" الألمانية تقريرا، قدمت فيه تصورا لمستقبل
سوريا في عيون بشار
الأسد.
وتقول الصحيفة إن الأسد عمل على "تطهير" سوريا من كل أعدائه، ومكافأة كل من ساهم في بقائه على كرسي الحكم حتى اليوم؛ من حلفاء وقادة مليشيات، فضلا عن رجال الأعمال الموالين لنظامه.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد تراجع
تنظيم الدولة في سوريا، سيركز نظام الأسد جهوده على السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة، أي شرق العاصمة دمشق، والمنطقة الواقعة بين حمص وحماة. فمما لا شك فيه، سيحاول الأسد إجبار الأهالي في هذه المناطق على الاستسلام، حيث تقول رسالته بوضوح: "استسلموا أو موتوا".
لكن، وعلى الرغم من انحسار سيطرة تنظيم الدولة في سوريا، لكن أيديولوجيته ستبقى راسخة، على غرار ما حدث في العراق. فظهور تنظيم الدولة في حلة جديدة هو مسألة وقت، خاصة في ظل التفاوت الاجتماعي وغياب رؤية واضحة بشأن مستقبل سوريا، كما تقول الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن النظام السوري سيعمد في مرحلة ثانية على تقتيل وتجويع الشعب إلى أن تنهار المقاومة. وفي نهاية المطاف، سيرغم الثوار والنشطاء على الاستسلام والتوجه نحو إدلب. وفي المقابل، سيتم توطين السوريين الموالين للنظام في هذه المناطق، وسيقترب الأسد من تحقيق هدفه الذي يتمثل في بناء "مجتمع متجانس".
وأكدت الصحيفة أن الأسد سيعمل في مرحلة ثالثة على بسط نفوذه في المناطق الخارجة عن سيطرته، ألا وهي شمال شرق البلاد، أي منطقة الحكم الذاتي الكردية بشمال البلاد، فضلا عن جنوب البلاد.
ولفتت الصحيفة إلى أن النظام السوري شن هجوما على منطقتي جوبر وعين ترما، اللتين تعدّان من معاقل الثوار بمدينة دمشق، علما أن كلا البلدتين ينتمي إلى إحدى مناطق
خفض التصعيد. وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن عدد الغارات الروسية على المنشآت السورية بلغت 36 غارة؛ أسفرت عن تدمير العديد من المؤسسات الصحية ومراكز الدفاع المدني، فضلا عن بعض المدارس ومراكز النازحين.
وقالت الصحيفة إن روسيا خسرت موقعها كدولة ضامنة لسياسة خفض التصعيد. في الوقت ذاته، أصبحت تركيا، التي ترمي من خلال عملياتها العسكرية إلى احتواء الأكراد، غير مؤهلة لضمان خفض. وينطبق الأمر ذاته على إيران، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في الأراضي السورية.
وأوردت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لا تسطيعان ضمان استمرارية الهدنة؛ نظرا لانشغالهما بمكافحة تنظيم الدولة، فضلا عن تورطهما في قتل المدنيين من خلال القصف الجوي، عوضا عن حمايتهم.
وشددت الصحيفة على أن مكافحة تنظيم الدولة تتصدر أولويات معظم الأطراف. ففي شرق البلاد، يتنافس الأسد وحلفاؤه إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحدة؛ على استعادة المناطق من قبضة تنظيم الدولة. وفي هذا الإطار، تعمل قوات سوريا الديمقراطية على التقدم في الرقة، في حين يركز النظام السوري هجماته على دير الزور.
ووفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أسفرت الغارات الجوية في مناطق تنظيم الدولة عن مقتل حوالي 8115 مدني حتى الآن. إلى جانب ذلك، فر عشرات الآلاف من المدنيين من هذه المناطق.
وتقول الصحيف إن المعركة ضد تنظيم الدولة في سوريا حجبت خطر تطور الأمور نحو تصعيد دولي، خاصة أن الروس والإيرانيين والأمريكيين على وشك التصادم في دير الزور.
ورأت أن اشتباكا قد يقع بين مختلف الأطراف في حال انسحب عناصر التنظيم، بينما تسعى طهران ودمشق إلى الوصول إلى الحدود العراقية؛ بهدف فتح طريق برية تمتد من إيران إلى البحر المتوسط. من جهته، لن يحاول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الوقوف في وجه إيران والنظام في سوريا؛ نظرا لأنه يحاول تجنب الوقوع في مواجهة مباشرة مع روسيا، في حين يرغب في الانسحاب من الأراضي السورية.
وقالت الصحيفة إن الثورة ستبقى مستمرة في ظل انتشار الفساد والمحسوبية والاستبداد. وبالتالي، لن ينعم السوريون بالهدوء، وفي أحسن الأحوال سيتمتعون بالاستقرار النسبي في ظل سيطرة المخابرات، في مناخ يسوده سياسة التهجير والقتل المنهجي في مراكز الاعتقال التابعة للنظام، فضلا عن مصادرة الحقوق.