ذكرت مصادر يمنية وثيقة الاطلاع أن قيادات بحزب المؤتمر الشعبي العام (الجناح الموالي للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح)، بدأوا بما وصف بـ"الهروب الكبير" من صنعاء، مع استمرار الخلافات بين جماعة "أنصار الله" (
الحوثي)، في ظل السياسة الأمنية التي تنتهجها الجماعة ضد حليفهم صالح والنخب السياسية الموالية له.
وكشفت أن العديد من القيادات المؤتمرية بدأت ترتيب هروبها من العاصمة صنعاء، باتجاه المدن الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في تعز (جنوب غرب) ومأرب (شمال شرق)، بعد أنباء عن فتح قنوات تواصل مع مسؤولين في الحكومة الشرعية.
وتصاعدت عمليات الهروب مع تزايد حدة الخلافات والتوتر بين حليفي الانقلاب في صنعاء، واتخاذ المقاتلين الحوثيين وضعيات هجومية في المربعات الأمنية داخل العاصمة التي يسيطرون عليها، فضلا عن تمركزهم بالقرب من مقرات حزب صالح وسط أنباء عن رفع شعار الجماعة على المقر الرسمي للحزب في منطقة حدة جنوب صنعاء وفقا للمصادر.
وأشارت المصادر
اليمنية إلى أن الحوثيين باتوا مسيطرين أمنيا وعسكريا خاصة على معسكرات الحرس الجمهوري سابقا الموالية لصالح، والتي يعتبرونها السياج الحصين لحماية العاصمة صنعاء.
كما نشر الحوثي وحدات مدربة من مقاتليه على مداخل العاصمة، في وقت وضعت وحدات ما تسمى بالتدخل السريع على أهبة الاستعداد، تحسبا لأي طارئ، ولضرب أي تحرك لعلي صالح حسبما ذكرته المصادر.
وترددت أنباء أمس الأحد، عن مغادرة بعض القيادات المرموقة الموالية لصالح وخصوصا الذين باتوا ضمن قائمة الاستهداف من قبل الحوثيين أبرزهم، وزير التعليم العالي في حكومة الإنقاذ غير المعترف بها، حسين حازب، الذي وصل مسقط رأسه في محافظة مأرب.
لكن لم تصدر تأكيدات من قبل حزب المؤتمر أو مكتب صالح الإعلامي، وغالبا ما يتسترون على نشر مثل هذه التفاصيل حتى لا تؤثر في نفسية أنصارهم أو ما من شأنه بث "روح الانهزام" في مراحل حساسة.
وتشير تقارير صحافية إلى أن قيادات وسطى بجناح صالح بحزب المؤتمر، خاصة العاملون في المجال الإعلامي، حزمت أمتعتها، وغادرت صنعاء، بعد مطاردة الحوثيين لها.
الشرعية تفتح أبوابها
فيما ذكرت المصادر أن العديد من القيادات العسكرية والسياسية الموالية لصالح بدأت ترتيب عمليات مغادرتها العاصمة صنعاء، إلى مدن خارج سيطرة جماعة الحوثيين، وسط أنباء عن فتح قنوات تواصل مع السلطات الشرعية معهم، لاستقبالهم في المحافظات المحررة.
وما يعزز ذلك، ما كشف عنه، المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية المعترف بها، راجح بادي عن وجود اتصالات بين الشرعية مع قيادات في حزب المؤتمر الذي يتزعمه صالح، بهدف توسيع دائرة المؤيدين لها، ولم الشمل.
وأضاف في تصريحات صحافية أن حكومته ملتزمة بدعوة أي طرف داخلي إلى الانضمام إليها، فباب العودة مفتوح لكل أبناء اليمن بشرط إعلان التأييد الواضح للشرعية لأنها طوق النجاة لليمن واليمنيين. مؤكدا أن الذين بقوا إلى جوار صالح كانوا يهدفون إلى نصحه ومحاولة إقناعه بالتراجع عن قرار التحالف.
وقال بادي إن الكثير من قيادات حزب المؤتمر الشعبي شريفة ووطنية والكثير منها رفض الانقلاب من الوهلة الأولى وكانت ضد التحالف بين صالح والحوثيين.
وقالت المصادر اليمنية المطلعة إن جماعة الحوثيين تشدد من إجراءاتها الأمنية لمنع قيادات بارزة من مغادرة صنعاء، فيما يبقى مصير المخلوع صالح غامضا، ما يضع تساؤلات عدة هل سيقرر مغادرة البلاد، أم أنه سيتمسك بالبقاء داخلها، وهو ما يرجح رضوخه لمطالب حلفائه في الجماعة.
ولم تستبعد المصادر أن يلاقي صالح مصير الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في ظل تعالي نبرة التهديدات من قبل قيادات حوثية بارزة، والتلويح بتصفيته، انتقاما لمؤسس الجماعة، حسين الحوثي، الذي قتل في الجولة الأولى من حروب صعدة الست على أيدي القوات الموالية له في العام 2004.
صالح في متناول اليد
من جهته، قال القيادي البارز في جماعة "أنصار الله" (الحوثي)، محمد البخيتي، إن
علي عبد الله صالح، أصبح في متناول اليد.
وأضاف البخيتي على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن الجماعة لا تريد أن تنهي تواجده، على الرغم مما فعله بأنصارها، طيلة الحروب الست في صعدة (2004 ـ 2009).
كما اتهمه بقتل مؤسس منتدى "الشباب المؤمن" (النواة الأولى التي تشكلت منها الحركة الحوثية)، حسين الحوثي، الشقيق الأكبر لزعيم الجماعة الحالي.
كما كرر اتهامه للمخلوع صالح بأنه كان يُحضّر لانقلاب على الجماعة في العاصمة صنعاء، عشية احتفال حزبه بالذكرى الـ35 لتأسيس الحزب، في 24 آب/ أغسطس الفائت.
ولفت إلى وجود تنسيق بين صالح والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، موضحا أنه يثبط المؤتمرين عن الالتحاق بالجبهات، ويستغل انشغال الجماعة للتآمر عليها بالترويج للاتهامات التي كان يستخدمها ضدها طيلة الحروب الست وينسق مع الخارج لضرب الجبهة الداخلية.
وطالب في رسالة وجهها للموالين للمخلوع علي صالح، بأن لا تنخدعوا بحيل صالح الذي قال إنه "يسعى لتوريطهم وتوريط الشعب اليمني في المزيد من الصراعات لإشباع أطماعه وأهوائه الذاتية ونفسيته المريضة".
وهاجم عضو المجلس السياسي للحوثيين صالح بشدة وقال إنه لا يحمل القيم الاجتماعية اليمنية الأصيلة، بالإضافة إلى أنه أول من استدعى تدخل القوات السعودية عام 2010، واحتفل بها وهو في أوج قوته ولم تكن سلطته مهدده.
واندلعت يوم السبت الماضي (27 من آب/ أغسطس الفائت) اشتباكات بين مسلحي "الحوثي" وقوات موالية لحليفهم "صالح" في دوار "المصباحي" بصنعاء، أسفرت عن مقتل القيادي في حزب صالح "خالد الرضي"، وثلاثة من "الحوثيين"، وإصابة 10 آخرين.
ويرى مراقبون أن الحوثي يسعى لاستكمال سيطرته على مفاصل الدولة وإقصاء شريكه في الانقلاب المخلوع صالح، تمهيدا للانقضاض عليه، وهي إحدى الدلائل التي تشير إلى عمق الصدع في جدار تحالف الانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح.