منذ اللحظات الأولى لبدء تنفيذ قرار فض اعتصام
رابعة العدوية، وسلطات الانقلاب العسكري تسعى لطمس حقائق المجزرة التي وصفتها "هيومن رايتس ووتش" بأنها "إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث"، والعمل الحثيث على محو مشاهد القتل والقنص وحرق الجثث وتجريفها من ذاكرة العالم.
ووثقت منظمات حقوقية محلية ودولية مقتل أكثر من 1000 من المعتصمين السلميين، في حين يؤكد آخرون أن عدد شهداء
الإخوان في هذه المجزرة يتجاوز الـ5000 شهيد لم يتم التعرف حتى الآن على جثث غالبيتهم، التي أحرقها الانقلاب أثناء اعتصامي رابعة والنهضة.
وسخر الانقلاب العسكري كل ترسانته الإعلامية والدبلوماسية والأمنية لقلب الحقائق، وتزييف الواقع، وزرع الفتن بين القوى الوطنية والحركات الثورية والشبابية، وبالرغم من هذا يبقى السؤال مطروحا في الذكرى الرابعة لفض اعتصامي رابعة والنهضة: هل نجح الانقلاب العسكري في طمس
جرائمه في "رابعة"؟
قال أحد شباب الإخوان، هو سيد مليجي، إن تفاصيل "رابعة" مطبوعة في كل خلية من خلايا الذاكرة، مضيفا أن "منكري المذبحة هما اللي صعبوا الأمور أكتر، خلونا نطبع تفاصيلها لحد ما حاوطتنا وبقينا بنشوف العالم من خلالها".
وأكد الناشط على مواقع التواصل اجتماعي، نضال محمود، أن جرائم الانقلاب العسكري في رابعة لا تسقط بالتقادم، قائلا: "هي باقية مشهود عليها، موثقة بالصور والأدلة وبعض اعترافات سفاحي الانقلاب، ممن تباهوا بقتل المصريين العزل وحرقهم أحياء، لذا ستظل دماء الشهداء تطارد هؤلاء السفاحين".
وتابع: "حملاتنا على الفضاء الإلكتروني، لفضح جرائم الانقلاب مستمرة لا تتوقف" مشيرا إلى أن "مشاريع توثيق المذبحة -حتى وإن كانت بجهود فردية- وإعادة نشر كل ما يثبت أن رابعة هي مذبحة القرن، والتواصل مع الجهات الحقوقية التي قد تكون مطموسة عندها الحقيقة، ونشر شهادات من عاصروا المذبحة، كل هذه وسائل يدعمها الشباب على الفضاء الإلكتروني لإفشال جهود هؤلاء السفاحين في طمس جرائمهم".
اقرأ أيضا: الإخوان: فض رابعة سيظل يوما فاصلا في تاريخ مصر والمنطقة
وقال القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود عزت، في رسالة له أمس: "نحن لا نتذكر هذه الفاجعة لنقف عند جراحاتها نسكب الدمع الثخين، ونندب الحظ العاثر، ولكننا نذكر رابعة لأنها أصبحت بحق رمزًا للحرية والعزة والكرامة يجب أن يبقى، ويحق له أن يخلد في القلوب والعقول، وأن ينتقل إلى ذاكرة الأجيال التالية، فلا يُنسى في زحمة الأحداث، أو يطمر في كثرة الحوادث".
وتابع: "ونذكرها لنثبت بهذه الذكرى حق شهدائنا الأبرار في القصاص العادل لدمائهم الزكية، ونؤكد وفاءنا لطريقهم واستكمالنا لمسيرتهم، ونذكرها لنرسم لهؤلاء الأبطال صورتهم الحقيقية بعد أن دأب إعلام الزيف والفتنة على تشويهها، ونذكرها لنذكر الأمة بالقضية التي خرجوا من أجلها واستشهدوا في سبيلها، ولنحمّل الأمة مسؤوليتها عن استكمال المسيرة وتحقيق الأهداف، ونذكرها لننطلق في العمل والجهاد متخذين من رموزها قدوةً ومثلاً حتى نلقى الله تعالى بإحدى الحسنيين؛ فإما النصر والسيادة، أو الشهادة والسعادة".
وأكد الكاتب الصحفي، قطب العربي، أن رابعة محفورة في أعماق ذاكرته كما هو حال الكثيرين ممن حضروها، سواء خلال أيام وليالي الاعتصام أم في يوم الفض الدامي، وقال: "ظللت لفترة طويلة أعاني نفسيا من هول ما شاهدته يوم الفض من مشاهد لا يمكن أن يصدقها عقل، ولا يمكن أن يتورط فيها إنسان، وهي عندي بمثابة خط الاستواء الإنساني الذي أقيس عليه البشر".
وأردف: "ليس لمثلي أن ينسى رابعة وأنا الذي كتب الله لي عمرا جديدا يوم فضها حين كادت إحدى الرصاصات تودي بحياتي، ومرت من فوق ظهري ليس بيني وبينها سوى سنتيمترات لتستقر في جسد طبيب معالج في المستشفى الميداني بالمسجد الذي احتمينا به من رصاص الجيش والشرطة".
اقرأ أيضا: الذكرى الرابعة لـ"رابعة": ضحايا وأحياء "مخفيون قسريا"