تؤكد الأحداث الجارية في منطقتنا العربية كل يوم، وللأسف الشديد، أن بعض المؤسسات الدينية الرسمية، وبعض الرموز الدينية في الخليج خاصة، تنساق غالبا تحت ذريعة طاعة ولي الأمر، وراء المواقف الظالمة لهؤلاء الحكام وأجهزتهم الاستخباراتية من خلال السكوت على الظلم والفساد والاستبداد وأحيانا تؤصل له بالفتاوى وتبحث لهم عن المبررات والذرائع، مما يؤدي إلى الانقسام والفتن وتتجاوز المذاهب السائدة بإثارة القضايا الفرعية التي يتسع لها الخلاف في فهم النصوص الشرعية وتنزيلها.
هذا في حين تصمت في المواقف التي تحتاج إلى النصح والبيان؛ إذا كان البيان والنصح يخالفان هوى الحكام، وهم مستعدون لتبرير كل استهداف لأحلام الشعوب في الحرية والنهوض والتخلص من الطغيان والوحدة، كل ذلك من أجل إرضاء الحكام المستبدين الذين يعطونهم هالة ولي الأمر الواجبة طاعته في كل الأحوال.
لقد أثبت ذلك
الحصار الظالم الذي تعرض له الشعب
القطري في شهر رمضان، على أيدي دول الحصار، فقد صمتت المؤسسات الدينية والرموز التي يشار لها بالبنان عن قول الحق والانحياز إليه، وواصلوا الصمت تجاه العراقيل التي وضعت أمام الحجيج القطريين، وهو نفس الصمت الذي تكرر مع الاعتداء على المسجد
الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والذي لم يسجل فيه حتى اللحظة أي موقف رسمي ولا مواقف شخصية معتبرة للشخصيات الدينية، وبالذات في المملكة العربية
السعودية.
ولم يقتصر الأمر، للأسف، على هذا السكوت المشين، بل تعداه إلى دعم وتمويل وتحريض أتباعهم في البلاد العربية والاسلامية، ومنها بلادنا الحبيبة ليبيا، على إصدار الفتاوى المنحرفة، وتحريض بعض المسلمين على بعض بالتبديع والتفسيق وأحيانا التكفير، وآخرها ما صدر في ليبيا بشأن المذهب الإباضي، والذي تعرضوا له بالتكفير والتفسيق مما يهدد اللحمة الاجتماعية، ويثير الفتن داخل المجتمع الليبي المتمسك بإسلامه الوسطي، والمتعايش في سلام وإخاء تحت خيمة الإسلام الجامعة.
لقد آن الأوان للوقوف في وجه هذه الأصوات وتوعية الناس بخطورة هذه الأفكار، والحيلولة دون انتشارها وهي مسؤولية الجميع من علماء ومسؤولين، وصناع قرار وقادة رأي..
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.