منذ أن تقدم شيخ
الأزهر أحمد الطيب بمشروع قانون جديد لرئاسة الجمهورية يجرم الكراهية والعنف باسم الدين، كان هذا القانون يواجه بمعارضة واسعة من مؤيدي الانقلاب.
وكان الطيب قد أعلن الأسبوع الماضي أن القانون حظي بموافقة جميع أعضاء هيئة كبار العلماء، موضحا أنه "يكافح التعصب الذي تروج لها بعض الجماعات المتشددة، ويؤكد على قيم المواطنة، ويهدف إلى تجريم الحض على الكراهية وممارسة العنف باسم الأديان".
لكن مؤيدي النظام الانقلابي يقولون إن القانون قد يتم استخدامه للتضييق على الحريات وملاحقة المثقفين والمفكرين بحجة ازدراء الأديان.
ومن بين مواد القانون التي أثارت جدلا؛ المادة الرابعة التي تنص على أنه "لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير أو النقد أو حرية الإعلام أو النشر أو الإبداع؛ للإتيان بأي قول أو عمل ينطوي على ما يخالف أحكام هذا القانون"، والمادة السادسة التي تنص على أنه "لا يجوز طرح المسائل العقائدية محل الخلاف أو التعارض للنقاش العلني في وسائل الإعلام؛ على نحو يدفع المؤمنين بها للتصادم أو العنف".
قانون كارثي
وفي هذا الإطار؛ قال النائب في برلمان الانقلاب، محمد أبو حامد، إن "هذا القانون ينال من المفكرين والمثقفين بحجة ازدراء الأديان ويترك الإرهابيين والمتطرفين دون عقاب".
وأكد أبو حامد في تصريحات لصحيفة "البوابة" الأربعاء الماضي، أنه "ليس من حق الأزهر اقتراح مشاريع لقوانين، فنحن لسنا في دولة دينية"، متسائلا: "لماذا يقترح الأزهر قانونا بعد أن قدمت منذ أسبوعين قانونا للجنة التشريعية؛ يتماشى مع المعايير الدولية، ويضمن حرية التعبير لمناقشته؟".
وطالب أبو حامد، الأزهر بـ"مواجهة الكراهية المنتشرة داخله عبر قيادات الإخوان المسلمين الذين يرتعون فيه"، مشددا على أنه "لا بد من فرض التطوير على الأزهر وقياداته الذين باتوا عقبة كبرى في طريق التجديد الديني، وليس قبول قوانين منهم" على حد قوله.
وأعلن حزب المصريين الأحرار رفضه للقانون الذي رأى أنه "يجرم التمييز والكراهية على أساس ديني وعقائدي، وهو ما يرسخ للتمييز"، مؤكدا أنه "كارثي" و"يمثل التفافا واضحا على الدستور".
وأكد الأمين العام للحزب، أحمد سامر، في تصريحات لصحيفة "فيتو" الجمعة الماضي، أن "قانون مكافحة الكراهية يقدم ذرائع جديدة لتقييد الحريات"، مطالبا الأزهر بأن "يقوم بتنقيح مناهجه وكتبه من الأفكار المحرضة على التمييز والكراهية، بدلا من تقديم هذه القوانين التي لا تتسق مع تطلعات الشعب المصري" كما قال.
الأزهر يدافع
وفي مواجهة هذا الهجوم؛ رد علماء أزهريون بالقول إن "القانون يكافح الكراهية، ويمنع ازدراء عقائد غير المسلمين"، حيث أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، محيي الدين عفيفي، أن القانون "يأتي في إطار جهود الأزهر لمكافحة العنف والتطرف، ونشر الخطاب الديني المستنير، ومواجهة الإساءة لعقائد غير المسلمين".
وقال عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، عبدالفتاح العواري، إن القانون "يعد تطبيقا عمليا لاحترام الإسلام لعقائد غير المسلمين"، متهما المعترضين على القانون بأنهم "لا يريدون استقرار مصر".
ودافع المستشار القانوني لشيخ الأزهر، محمد عبدالسلام، عن مشروع القانون، قائلا: "إنه مطبق بالفعل في عدد من الدول، وهو وجهة نظر للأزهر، ومن حق مجلس النواب أن يناقشه ويأخذ به أو يعدله".
ونفى عبدالسلام أن يكون القانون مقيدا لحرية الرأي والتعبير والإبداع، لافتا إلى أن "الحرية مقيدة بعدم الإضرار بالغير".
حرب على الأزهر
وتعليقا على هذا الجدال؛ قال أستاذ العلوم السياسية محمود السعيد، إن "مؤيدي النظام هم أكثر فئة في المجتمع ستتضرر من القانون إذا تم تشريعه؛ لأنهم أكثر من يحض على الكراهية في هجومهم على المعارضين، ويمارسون القمع ضدهم، ويتهمونهم بالعمالة والخيانة لمجرد انتقادهم السيسي أو الحكومة".
وأضاف السعيد لـ"
عربي21" أن هناك حربا متواصلة ضد
شيخ الأزهر وكل ما يقدمه الأزهر؛ بسبب مواقف الشيخ أحمد الطيب من الأوضاع الحالية، ورفضه الزج بالأزهر في الصراعات السياسية الدائرة، "وهذا ما دفع النائب محمد أبو حامد للتقدم بمشروع لتنظيم الأزهر، كان يهدف لإسقاط الأزهر وشيخه".
برلمان غير مؤهل
من جانبه؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي، إن رفض العديد من نواب البرلمان هذا القانون أمر طبيعي، مشيرا إلى أن "معظم أعضاء مجلس النواب حصلوا على مقاعدهم بمباركة الأجهزة الأمنية، وجاؤوا بالأساس لتنفيذ توجيهات النظام، وليس لتشريع القوانين، أو تحقيق مصالح المواطنين، فضلا عن خبرتهم السياسية الضحلة".
وأكد لـ"
عربي21" أن "الأزهر يمارس دوره في تجديد الخطاب الديني، ولذلك تقدم بهذا القانون الذي يجرم الحض على الكراهية، لكن مجلس النواب لا يهتم بمشروعات القوانين التي ترد إليه من جهات غير مجلس الوزراء والرئاسة، حتى لو كان من الأزهر".
ورأى مرعي أن "أي مجتمع ديمقراطي يقبل هذا القانون، لكن الوضع السياسي في مصر غير ديمقراطي بالمرة؛ بسبب تجريف الحياة السياسية بشكل كبير في السنوات الأخيرة".