شهدت
نقابة الصحفيين بالقاهرة ليلة ثورية الثلاثاء، ضمت رموزا وقيادات ثورية، على وقع مناقشة البرلمان لاتفاقية "
تيران وصنافير"، ما أثار التساؤل حول إمكانية انطلاق الشرارة الثورية ضد قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي من نقابة الصحفيين، بدلا من ميدان التحرير الذي تغلقه السلطات.
ويأتي اعتصام نقابة الصحفيين احتجاجا على تمرير اللجنة التشريعية بالبرلمان، الاثنين الماضي، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والقاضية بتسليم القاهرة جزيرتي "تيران وصنافير" للرياض، وتحويلها للجنة العامة بمجلس النواب لإقرارها.
وعلى إثر ذلك؛ اشتعلت منطقة وسط البلد أمام نقابتي الصحفيين والمحامين المتجاورتين، بهتافات تؤكد مصرية الجزيرتين، وترفض "التنازل" عنهما للسعودية. وقام أمن الانقلاب بحصار المتظاهرين، واقتحام نقابة الصحفيين، وفض الاعتصام بداخلها، وضرب واعتقال العشرات؛ قبل أن تفرج عن عدد من الرموز، مثل كمال خليل ومحمد منير.
وما زالت السلطات تحتجز ثمانية من المعتصمين، لتقديمهم إلى نيابة قصر النيل للتحقيق معهم بتهم الجهر بالصياح لإثارة الفتن، وعقوبتها الحبس سنة أو غرامة 200 جنيه، والمعتقلون هم "باسم طارق، ومحمد مصطفى، وعبد الرحمن مقلد، ومحمد رياض، ومحمود نجم، ومحمد أحمد محمد، وهاني محمد عبد الحميد، ومحمد سمير سيد".
ويرى محللون أنه رغم تحول نقابة الصحفيين إلى أيقونة جديدة للثورة المصرية، ومنبرا للتعبير عن آلام الأمة، واقتحام الأمن لها مرتين، وتجمع عدد غير قليل من القيادات والرموز الثورية بها؛ إلا أنه لا يمكنها أن تكون منطلقا للشرارة الثورية ضد السيسي، أو تكون بديلا لميدان
الثورة "التحرير".
الفجوة بين النخبة والشعب
وأكد الكاتب والناشط اليساري، محمد منير، أن "التحركات السياسية عبر نقابتي الصحفيين والمحامين وغيرهما من مؤسسات المجتمع المدني؛ ما هي إلا تعبير عن حالات سخط، وهي تحركات لا تؤدي بشكل مباشر لثورة، وإنما تخلق تراكمات على مدار الزمن لا بد أن تنتهى للحظة تغيير حقيقية".
وحول كيفية نقل هذا الحراك من النقابة للشارع، قال منير لـ"
عربي21" إن "هذا التحرك سيأتي مع الزمن".
وأضاف أن "طول الزمن أو قصره يرتبط بقدرة النخبة السياسية والمهنية على الاتصال بالشارع وتوعيته وتنظيمه"، معتبرا أن "هذه مهمة صعبة جدا في مصر حاليا، وذلك لأسباب تخص الظروف الذاتية للنخبة السياسية".
وأوضح أن الأزمة في عدم انتقال الحراك الثوري من نقابة الصحفيين إلى الشارع؛ تكمن في "الفجوة بين النخبة والشعب؛ نتيجة التفاصيل التاريخة للسنوات الماضية منذ ثورة 2011 وحتى اليوم".
واستدرك بالقول إن "تحرك النقابات والأحزاب مهم، ولا يتعارض مع التفاعل مع الشارع"، مطالبا رموز الثورة والنقابيين الثوريين بـ"التحرك أكثر في الشارع، إلى جانب مؤتمرات النقابات والأحزاب".
وحول إمكانية ضم قضايا أخرى في أجندة المعتصمين والغاضبين من النظام إلى جانب ملف "تيران وصنافير"، كالغلاء والفقر وأزمة مياه النيل؛ قال منير: "لا يمكننا التحرك على صعيد كل هذه الأزمات، وذلك لضعف إمكانات الحركة الجماهيرية، ولكن هذا سيحدث لا محالة في المستقبل".
يرعب النظام
وثمّن الكاتب الصحفي أحمد أبو زيد "موقف الصحفيين الرافض للتفريط في الأرض"، مشددا على أهمية دور النقابة في "الوقوف ضد رغبات النظام وأهدافه، وكشف ألاعيبه وخططه التي تستهدف مصر بالأساس".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "حراك النقابة كان مرعبا للنظام، ما دفعه إلى التسريع في إقرار اتفاقية ترسيم الحدود الأربعاء، مع أنه كان من المقرر إنهاء التصويت عليها فعليا يوم 20 تموز/ يونيو المقبل".
وأكد أبو زيد على دور الحراك داخل النقابة، وأهميته في نقل الثورة للشارع المصري، "بالرغم من غياب الكتلة الكبيرة والحاضنة الأكبر للثورة، وهم الإسلاميون -وبينهم جماعة الإخوان المسلمين- الذين كانوا الموصل الجيد للثورة إلى كل بيت".
ظرف موضوعي
من جهته؛ رأى الكاتب الصحفي بجريدة "الجمهورية" الحكومية، علاء الدين طه، أن "نقابة الصحفيين لا يمكنها أن تكون منطلقا لثورة كاملة تجمع المصريين، نظرا لصغر حجمها، ووجودها في شارع بوسط القاهرة يسهل السيطرة على من بداخلها مهما كان عددهم، خلافا لميدان التحرير".
وقال لـ"
عربي21" إن "نقل الحراك من النقابة إلى الشارع أمر صعب"، معتبرا أن "تحرك الشعوب ليس بالأمر السهل، ويحتاج إلى ظرف موضوعي؛ يدفع كل الطبقات والفئات للخروج إلى الشارع بهدف الثورة ضد النظام".
وأشار إلى أن "الشارع كي يتحرك؛ فإنه يحتاج أيضا إلى أن تكون القوى السياسية والمدنية والجمعيات الأهلية قوية بما يجعلها تصدر فكرة الثورة والحراك للشارع، فيتحرك كما حدث في ثورة تشرين الثاني/ يناير 2011".