اقتربت الذكرى الخامسة لإعلان قائد الجيش عبدالفتاح
السيسي، انقلابه على الرئيس الشرعي للبلاد محمد مرسي، في 3 تموز/ يوليو 2013.
وعلى مدار السنوات الأربع الماضية؛ كان حصاد انقلاب السيسي "مرّا" على مستوى العلاقات الخارجية، ومتأرجحا بين القطيعة والعداء، أو الخضوع والانبطاح، بحسب محللين وخبراء.
تيران وصنافير
وتعد أزمة تسليم السيسي جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية؛ قمة هرم الركام الذي أصاب سياسة مصر الخارجية في عهد الانقلاب، والتي بدأت في 8 نيسان/ أبريل 2016 بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تقضي بتسليم القاهرة الجزيرتين للرياض.
وشهد هذا الملف صراعا قانونيا بالمحاكم المصرية، وحراكا موسعا ضد السيسي؛ تزايد إثر إقرار البرلمان المصري للاتفاقية الأربعاء الماضي.
ورأى محللون أن "تنازل" السيسي عن الجزيرتين؛ لا يخدم إلا مصالح "إسرائيل"، ويضر بحقوق مصر في مياه البحر الأحمر، ويمنح "تل أبيب" الحق في المرور من مضيق تيران الاستراتيجي، وسط أنباء عن شق "إسرائيل" قناة منافسة لقناة السويس.
تأرجح مع السعودية
على الرغم من دعم السعودية لانقلاب السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي، وتقديم الدعم المالي والوقود له؛ إلا أن سياسته مع المملكة تذبذبت صعودا وهبوطا، وتبدلت أكثر من مرة بين الثناء والتلاسن؛ بسبب مواقف السيسي تجاه الملف السوري التي أغضبت المملكة.
ورغم إقرار السيسي بأحقية السعودية في "تيران وصنافير"؛ إلا أن أزمة تفجرت مع الرياض في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، إثر تصويت مندوب الانقلاب بمجلس الأمن لمشروع قرار روسي حول سوريا.
وانتقدت السعودية التصويت المصري واعتبرته خروجا عن الإجماع العربي بالملف السوري، وردّت بوقف إمدادات الوقود لمصر، وهو ما تبعته حملة إعلامية لأذرع الانقلاب ضد المملكة.
ولكن مؤخرا عادت العلاقات إلى طبيعتها، وشارك السيسي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية المنعقدة في 20 أيار/ مايو الماضي بالرياض، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولاحقا؛ انضم نظام الانقلاب إلى حملة المقاطعة التي تفرضها السعودية والإمارات والبحرين على قطر منذ 5 حزيران/ يونيو 2017.
حلايب وشلاتين
ومن الأزمات التي حصلت في ظل النظام الانقلابي بمصر؛ تجدد النزاع مع
السودان حول مثلث حلايب وشلاتين الحدودي، والذي يحظى بأهمية استراتيجية للقاهرة والخرطوم المتنازعتين على سيادته منذ كانون الثاني/ يناير 1958.
وفي ظل الحكم الانقلابي؛ اتخذت السودان خطوات لضم المثلث، حيث اعتمدت حلايب كدائرة انتخابية في 2014، بينما رد السيسي بتحويلها إلى مدينة بعد أن كانت قرية، ونشر قوات للجيش فيها.
وتصاعد الجدل السياسي بتصريح الرئيس السوداني عمر البشير في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، أكد فيه ملكية بلاده لحلايب وشلاتين.
وفي نيسان/ أبريل 2016؛ رفضت القاهرة طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول المثلث، أو اللجوء للتحكيم الدولي، فيما تقدمت الخرطوم بشكوى لمجلس الأمن الدولي في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، متهمة القاهرة بـ"تمصير" حلايب.
ووسط تصاعد الأزمة؛ اتهمت السودان نظام الانقلاب بتمويل متمردي دارفور، وقال الجيش السوداني إنه صادر "مركبات مصرية مدرعة" بحوزة المتمردين في 23 أيار/ مايو 2017.
مياه النيل مقابل الاعتراف
رغم أنه الملف الأهم والأشد خطورة نظرا لارتباطه بحياة المصريين، بحسب مراقبين؛ إلا أن قائد الانقلاب وفي محاولة لكسب اعتراف دول أفريقية به كسلطة رسمية؛ وقع على اتفاقية حول مياه النيل مع إثيوبيا والسودان في 23 آذار/ مارس 2015، عدّها محللون تنازلا عن حصة مصر التاريخية بمياه النيل (55 مليار متر مكعب سنويا).
ورغم رضوخ السيسي لإثيوبيا، وإقراره بحقها في بناء سد النهضة وما يترتب عليه من حجز لمياه الفيضان لعدة سنوات، وتهديد المصريين بالعطش، والوادي والدلتا بالبوار؛ إلا أن علاقات الانقلاب مع أديس بابا توترت في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2016، حيث وجهت إثيوبيا اتهامات رسمية لسلطات الانقلاب بتقديم الدعم المالي والتدريب لمجموعات مناهضة قامت باحتجاجات وأعمال عنف في أديس أبابا.
وفي بداية حزيران/ يونيو 2017؛ أثار إعلان وزارة الري في حكومة الانقلاب، السحب من المخزون الاستراتيجي لبحيرة ناصر لسد عجز فيضان النيل؛ مخاوف الخبراء حول وصول البلاد إلى مرحلة العطش، وسط عجز حكومة الانقلاب عن إدارة الملف بالتوافق مع إثيوبيا، أو وقف خطواتها لبناء ثلاثة سدود جديدة.
صفقة القرن
ورد مصطلح "صفقة القرن" على لسان السيسي أثناء لقائه ترامب بالبيت الأبيض في 3 نيسان/ أبريل الماضي، حين قال "إن السلام بين إسرائيل وفلسطين سيكون صفقة القرن".
وربط محللون حديث السيسي عن "صفقة القرن" بتصريح الوزير الإسرائيلي أيوب قرا في 14 شباط/ فبراير الماضي، الذي كشف فيه أن ترامب ونتنياهو ناقشا ما وصفها بخطة السيسي لإقامة دولة فلسطينية بغزة وسيناء.
وأثارت "صفقة القرن" الجدل حول ماهيتها وأطرافها، إلى جانب مخاوف المصريين من التنازل عن أراضي في سيناء، فيما يرى محللون أنها بداية لتقسيم جديد للمنطقة العربية.
لقاءات سرية
ووسط أزمة السيسي مع السعودية؛ كشفت مصادر رسمية مصرية النقاب عن أن الرئيس اليمني المخلوع المناهض للرياض، علي عبدالله صالح؛ زار القاهرة سرا في كانون الأول/ ديسمبر 2016، ما زاد من التوتر بين النظام الانقلابي وبين السعودية.
وكشفت صحيفة "هآرتس" مؤخرا، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة إسحاك هيرتزوغ، زارا القاهرة سرا في نيسان/ أبريل 2016، بناء على دعوة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
وبحسب الصحيفة؛ فإن لقاء القاهرة السري هو الثاني الذي عقده السيسي ونتنياهو وهيرتزوغ، بعد اللقاء الذي عُقد سرا أيضا في شباط/ فبراير 2016 بمدينة العقبة الأردنية، بمشاركة ملك الأردن عبدالله الثاني، ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري.
واعتبر محللون أن لقاءات السيسي السرية تعني إخفاء الحقائق عن الشعب، وأن هناك ما يدبر خلف الكواليس مما قد يمس السيادة المصرية.
توريط الجيش
ورغم أنه يكرر دائما أن مصر لا تتدخل في أزمات دول الجوار؛ إلا أن الأيام كشفت توريط السيسي للجيش في الصراع الليبي، بتقديم الدعم للواء المتقاعد خليفة حفتر، بحسب مراقبين.
وفي 27 أيار/ مايو الماضي؛ وجهت القوات المصرية ضربات جوية على مدينة درنة الليبية، مستهدفة مجلس شورى مجاهدي درنة الذي يواجه قوات حفتر، بينما زعم السيسي أن تلك الضربات التي استمرت لثلاثة أيام؛ موجهة ضد مرتكبي حادث مقتل 28 من الأقباط بالمنيا.
وفي 23 أيار/ مايو الماضي؛ قال الجيش السوداني إنه صادر "مركبات مصرية مدرعة" بحوزة المتمردين المناهضين للخرطوم.
وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2016؛ وجهت إثيوبيا اتهامات رسمية لسلطات الانقلاب بتقديم الدعم المالي والتدريب لمجموعات مناهضة لأديس أبابا.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2016؛ كشف مصدر عسكري يمني رفيع، عن امتلاك الحوثيين زوارق حربية متطورة وصلت إليهم من مصر.
وفي آب/ أغسطس 2015؛ نشر "الجيش السوري الحر" صورا لصواريخ مصرية "صقر" من إنتاج الهيئة العربية للتصنيع الحربي، إلى جانب ذخائر وقاذفات "آر بي جي".
تنازل عن الغاز
ورغم أزمات مصر الاقتصادية، وعجزها عن توفير الوقود والغاز؛ إلا أن السيسي "تنازل" عن حق مصر بحقول غاز وبترول في البحر المتوسط؛ مقابل الاعتراف به، بحسب مراقبين.
وفي 29 نيسان/ أبريل 2015؛ وقع السيسي ورئيس وزراء اليونان أنتونيس ساماراس، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، منحت اليونان شريطا مائيا يمتد بين مصر وتركيا؛ يعادل مساحة الدلتا.
وكانت سلطات الانقلاب قد تنازلت في كانون الأول/ ديسمبر 2013 عن حقل لفياتان لـ"إسرائيل"، وحقل أفروديت لقبرص، وخسرت القاهرة بهذا التنازل 320 مليار دولار، بحسب خبراء.