نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تداعيات تنازل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن جزيرتي
تيران وصنافير للسعودية، مشيرة إلى أن هذا التنازل يعكس نسبيا مدى توافق المعسكر المعادي لإيران وقطر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
السعودية لو قامت بشن حملتها الدبلوماسية على قطر، قبل بضعة أشهر، لكانت وجدت نفسها شبه وحيدة في الحرب الدبلوماسية الحالية التي تخوضها ضدها، نظرا للتوترات التي كانت قائمة بينها وبين
مصر بسبب العديد من القضايا الإقليمية.
وذكرت الصحيفة أن السعودية قدمت الدعم لنظام السيسي منذ الانقلاب، لذلك حاول الوفاء بالوعد الذي قطعه في نيسان/ أبريل، والذي ستصبح بموجبه جزيرتا تيران وصنافير ضمن الحدود للسعودية، ما يسمح للمملكة بالسيادة على جزيرتين استراتيجيتين تقعان عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر.
وأشارت الصحيفة إلى أن موافقة البرلمان المصري على الاتفاقية؛ أثارت غضب محامين ومعارضين لا يزالون يتمتعون بحريتهم. فالخوف من القمع لم يمنع مئات الأشخاص من الخروج للتظاهر في الشوارع المصرية احتجاجا على الاتفاقية.
وأفادت الصحيفة أن دعم السيسي لبشار لأسد أثار غضب العاهل السعودي سابقا، ما أدى إلى تعليق شحنات النفط السعودي لمصر. فضلا عن ذلك، حاولت السعودية عرقلة القرض الذي طلبته مصر من صندوق النقد الدولي، والذي تصل قيمته إلى حوالي 12 مليار. ووصل الأمر إلى حد تهديد الملك سلمان بإلغاء جميع الاستثمارات التي وعد بتنفيذها في مصر، والبالغة قيمتها 16 مليار.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة المصرية أذعنت أخيرا للضغوط السعودية، نظرا لانهيار السياحة وإيرادات قناة السويس، فأقر البرلمان، الذي يدعم النظام العسكري بمصر، التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، لينقض بذلك حكما قضائيا نهائيا للمحكمة الإدارية العليا.
وفي هذا السياق، قالت ميشيل دون، الباحثة المتخصصة في الشرق الأوسط، في معهد كارنيغي للسلام الدولي، إن إمدادات النفط التي توفرها السعودية تعتبر ذات أهمية كبيرة بالنسبة لميزانية نظام السيسي.
وقالت دون إنه "على الرغم من أنه توجد العديد من القضايا الإقليمية الشائكة، التي تختلف حولها السعودية ومصر، خاصة في سوريا واليمن، إلا أنه يبدو أن السيسي والملك سلمان قد توصلا إلى اتفاق حول ثمن الحصول على الدعم السعودي، والذي كان تسليم الجزيرتين".
ونقلت الصحيفة عن الباحث تيموثي إي كالداس، من معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط، قوله إن "تدابير التقشف التي تتخذها السعودية تناقض بشدة السياسة السخية التي تنتهجها تجاه مصر". وأضاف أنه "في حين تحاول السعودية الحد من الإنفاق العام، وجدت نفسها مضطرة أمام الرأي العام الدولي إلى إطهار أنها سوف تدفع الملايين من الدولارات مقابل تسليمها الجزيرتين".
ونوهت الصحيفة بأنه بعيدا عن التبعية الاقتصادية لمصر، يكن نظام السيسي العداء لنفس خصم السعودية السياسي، ألا وهو جماعة الإخوان المسلمين. وفي الوقت الراهن، أصبحت نقاط الاختلاف حول الوضع السوري ثانوية بالنسبة للجبهة الجديدة المعادية لقطر.
ونقلت الصحيفة عن كالداس قوله إنه "في حين أن مصر تتودد لحليف الأسد الروسي، يدعم القطريون والسعوديون تقريبا نفس المعسكر، حتى إذا كانوا يدعمون فصائل مختلفة من المعارضة السورية".
وفي سياق متصل، أكد الباحث ستيفان لاكروا، الأستاذ في معهد العلوم السياسية بباريس، أنه "من خلال قرار عزل قطر، نحن نشهد إنشاء مثلث قوة إقليمي جديد يتربع على عرشه كل من الإمارات والسعودية ومصر، ويكفله دونالد ترامب".
وأكدت الصحيفة أن الجولة الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، والتي حث خلالها على "عزل إيران"، ساهمت في عودة السعودية إلى واجهة المشهد الإقليمي. وبما أن قطر تملك علاقات جيدة مع إيران، فقد كانت هي أوّل من دفع ثمن التقرب من إيران وعودة المملكة القوية للمشهد الإقليمي.
وقالت الصحيفة إن الجزيرتين تحظيان بموقع جغرافي استراتيجي في المنطقة، نظرا لأنهما تقعان عند مدخل خليج العقبة، الذي يمثل نقطة العبور الوحيدة إلى البحر الأحمر، بالنسبة لكل من إسرائيل والأردن.
وبيّنت الصحيفة أنه من خلال اتفاقية كامب ديفيد، أصبحت مصر أول دولة عربية تعترف بدولة إسرائيل. لذلك هل السعودية على استعداد لتخطي هذا الخط الأحمر، الذي لا يزال يثير انقسامات عميقة في العالم العربي. ومن جهتها، فإن حكومة إسرائيل المحافظة، التي تشارك السعودية نفس هاجس الكراهية لإيران، سوف ترحب باعتراف السعودية بوجودها.