تناولت الصحافة البريطانية، المشغولة بهجوم لندن الأخير، الذي راح ضحيته سبعة أشخاص، وجرح فيه أكثر من خمسين شخصا، التطورات الأخيرة في التوتر بين دولة قطر وجاراتها الخليجية.
وقررت كل من
السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ودخلت على خط التوتر
مصر أيضا.
وأشارت الصحافة إلى أن التوتر الحالي يسير نحو القطيعة التامة، حيث قررت السعودية إغلاق المعابر البرية والبحرية والجوية كلها، باعتبار قطر تهدد أمن السعودية، وتدعم الجماعات الإرهابية، فيما أمرت
الإمارات رعايا قطر بمغادرة أراضيها خلال أسبوعين من إعلان القرار.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن المحاولة المنسقة من الدول الأربع تهدف لعزل قطر، وتصعد من التوتر الحالي حول اتهامات لها بدعم الإسلام السياسي، والنظرة إلى أن الدوحة مفتوحة على علاقات وثيقة مع عدوة السعودية اللدود
إيران، وقالت وكالة الأنباء السعودية، نقلا عن مسؤول، قوله إن القرار اتخذ "من أجل حماية الأمن القومي من مخاطر الإرهاب والتطرف".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن دولة قطر تعترف بدعم أشكال من الإسلام السياسي، لكنها تنفي أي علاقة لها بالإرهاب.
وترى الصحيفة أن السعودية وحلفاءها الخليجيين والعرب شعروا بالجرأة في الأسابيع الماضية، منذ زيارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب إلى المملكة، حيث قدم الدعم لحملة السعودية لمواجهة التحديات الإيرانية في المنطقة، ووقع صفقات أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار.
ويلفت التقرير إلى أن الدول الأربع قالت إنها ستعمل بشكل مشترك لمنع حركة المرور البرية والبحرية والجوية، بالإضافة إلى أن الدول الخليجية الثلاث منعت رعايا قطر من الإقامة في أراضيها، ومنحتهم أسبوعين للمغادرة، وقالت إنها ستقوم بإقناع الدول الصديقة والشركات بعدم المرور من خلال الأجواء القطرية، وذلك من خلال الطرق القانونية.
وتجد الصحيفة أن إغلاق المعبر البري الحدودي الوحيد مع السعودية يهدد إمدادات الغذاء لهذه الدولة الصغيرة، التي ستستضيف كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، لافتة إلى أن الخطوط الجوية القطرية، التي تعد من الخطوط التي تتوسع في المنطقة، ستجد نفسها أمام عرقلة لرحلاتها الجوية، خاصة إن لم تستطع المرور عبر أجواء الدول الثلاث.
ويورد التقرير نقلا عن شركة طيران الاتحاد، التي تعد من الخطوط ذات الأسعار المعقولة، قولها إنها ستعلق رحلاتها من وإلى الدوحة من يوم الثلاثاء.
وتذكر الصحيفة أن
البحرين اتهمت قطر بأنها وراء التظاهرات والعمليات المسلحة التي تعرضت لها البلاد من الغالبية الشيعية، واتهمت الإمارات قطر بدعم تنظيم القاعدة وأيديولوجيته عبر وسائلها الإعلامية التي تكشف عن ميول متطرفة.
وبحسب التقرير، فإن محاولات عزل قطر دوليا تشبه الخلافات في عام 2014 مع الرياض وأبو ظبي والمنامة، عندما اتحدث هذه الدول ضد الدوحة؛ بسبب دعمها للإسلام السياسي.
وتشير الصحيفة إلى أن العلاقات بدأت بالتوتر الأسبوع الماضي، عندما قام الإعلام الإماراتي الأسبوع الماضي ببث تعليقات نسبت لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اعتبرت دعما لإيران والحركات الإسلامية، وبدأت حرب كلامية منذ ذلك الوقت، واتهم الإعلام الإماراتي قطر بأنها تقوم بدعم التطرف، وتم منع "الجزيرة" والوسائل الإعلامية الأخرى من البحرين والسعودية والإمارات، فيما تناول الإعلام القطري وبتوسع عملية القرصنة التي تعرض لها بريد سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، وعلاقته بمؤسسات بحث تعمل ضد قطر.
وقالت صحيفة "الغارديان" إن التحرك جاء بعدما قالت قطر إنها ضحية لحملة إعلامية منسقة في نهاية أيار/ مايو، بما في ذلك نشر سلسلة من المقالات المعادية لقطر في الولايات المتحدة، وعملية قرصنة لوكالة الأنباء الحكومية، في محاولة لتقويض وضع الدولة في الخليج وفي واشنطن.
ويلفت تقرير "الغارديان"، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن قطر هي مقر قاعدة العيديد الجوية، وفيها 10 آلاف أمريكي، وهي مركز عمليات القيادة المركزية الأمريكية، المسؤولة عن العمليات ضد تنظيم الدولة والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وتفيد الصحيفة بأن الدول العربية الجارة طالما انتقدت دعم قطر للإسلاميين، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، التي حظرت في السعودية والإمارات؛ لأنها تعد تهديدا للنظام الوراثي المعمول به في هذين البلدين.
ويذهب التقرير إلى أن الأزمة الحالية تختلف عن أزمة سحب السفراء في عام 2014، وعودتهم بعد 8 أشهر، من ناحية محاصرة البلد جويا وبريا وبحريا، مشيرا إلى أن الدوحة تنفي أي علاقات لها مع الجماعات الإرهابية، إلا أنها تعد من الداعمين الرئيسيين لحركة حماس، التي تسيطر على غزة.
وتقول الصحيفة إن "السعودية لم تكن لتتخذ هذا القرار دون إعلام الولايات المتحدة، لكن من غير الوارد أن تكون إدارة ترامب أعطت الضوء الأخضر لها لتتخذ إجراءات صارمة كهذه، وتواجه السعودية اتهامات بدعم الإرهاب، التي طالما ما تظهر بشكل مستمر في واشنطن".
ويفيد التقرير بأن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، قلل من جدية الخلافات في أثناء زيارته لأستراليا، وقال إنها لن تؤثر في عمليات مكافحة الإرهاب، وأضاف: "أعتقد أننا نرى عددا من الإزعاجات المتزايدة في المنطقة التي طفت من أجل أن تقوم الدولة باتخاذ تحركات لمعالجة هذه الخلافات".
وقال تيلرسون: "ندعو الأطراف كلها للجلوس ومعالجة الخلافات، وإن كان هناك أي دور يمكن أن نؤديه من ناحية المساعدة في علاجها فنحن مستعدون لذلك، ومن المهم أن يظل مجلس التعاون الخليجي موحدا".
ونقلت شبكة أنباء "سي أن أن" عن الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية غيل تيزماتش، قوله: "هناك نظريتان متنافستان: الأولى هي شعور السعودية بالجرأة بعد زيارة دونالد ترامب، الذي تحمل إدارته مواقف قوية ضد إيران التي تدعمها قطر، أما الثانية فهي نتاج للتوتر، الذي وصل مداه الأعلى بعد القرصنة على وكالة الأنباء القطرية".