نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، تقول فيه إنه مع اقتراب موعد 18 حزيران/ يونيو، الذي وضعه التحالف السعودي
الإماراتي ضد دولة
قطر، فإن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، "الكتلة الاقتصادية والتجارية الوحيدة في المنطقة"، يواجهون خيارات قد تعني تفكيك عائلاتهم، وخسارة وظائفهم التي قضوا سنين وهم يبنونها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
السعودية ودول التحالف ضد قطر، طلبت من رعايا دولة قطر المغادرة بغضون أسبوعين، بعد فرض الحصار عليها في الخامس من حزيران/ يونيو، حيث منع السفر والتنقل، وتصدير المواد الغذائية، والطيران بين هذه المجموعة ودولة قطر.
وتلفت الصحيفة إلى حالة الأكاديمي السعودي عبد الله، الذي انتقل من بلاده للعمل في إحدى جامعات دولة قطر، حيث كان ينتظر زيارة اقاربه البلد، بعدما ولد ابنه الرابع، واشترت عائلته في السعودية تذاكر السفر، ليكتشف أن حياته انقلبت رأسا على عقب، حيث طلبت الدول الخليجية
المقاطعة من رعاياها العودة من قطر، مشيرة إلى أن عبد الله انتقل للعمل في قطر قبل ثلاثة أعوام؛ بسبب سهولة التنقل بينها وبين السعودية، وحرية الحركة والعمل بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ويفيد التقرير بأن حياة الآلاف من الناس فقدت الاستقرار، ووجدا أنفسهم مطالبين باقتلاع ما بنوه من أعمال واستقرار في دول الجوار، حيث يقول عبد الله: "لديك أطفال في المدرسة، ولا يمكنك تدمير حياتهم، أو المغادرة بسرعة"، ويضيف: "أصبح كل شيء متوقفا، فقد اشترت عائلتي بطاقات السفر وهم ينتظرون على أمل"، ولم يقرر بعد المغادرة أو البقاء، قائلا: "أنا معلق".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "عبد الله ليس وحيدا بين الخليجيين الذين يدفعون الثمن الإنساني للحصار الغريب على دولة خليجية، فهناك أكثر من 17 ألف سعودي يعيشون في قطر، بحسب ما قاله السفير السعودي لصحيفة (الحياة) في كانون الأول/ ديسمبر، ومعظهم انجذب إلى قطر، بسبب الأجور المرتفعة، ولأن البلد أنفق المليارات على قطاع الإعلام والثقافة والأكاديميات، ويحضرلاستقبال مباريات كأس العالم في عام 2022، بالإضافة إلى أن عددا من
البحرينيين وجدوا وظائف في القطاع المصرفي في قطر وللدراسة في الجامعات الأجنبية، التي افتتحت فروعا لها في قطر".
ويكشف التقرير عن أن "السعوديين هم الأكثر تضررا؛ لأنهم جاءوا من أكثر دولة عددا من ناحية السكان، فهم يواجهون معضلة الآن، هل يحزمون حقائبهم ويعودون بشكل دائم، أم يتركون بيوتهم وحاجياتهم على أمل العودة في يوم ما؟".
وتنقل الصحيفة عن سعودي آخر، قوله: "إن القضية ليست ترك بيوتنا فقط، لكن وظائفنا، فلو عدنا فإننا لن نجد وظائف"، وتساءل قائلا: "كيف تضمن لي ألا أنضم إلى العاطلين عن العمل في السعودية؟".
ويستدرك التقرير بأنه رغم أن الرياض وأبو ظبي خففتا يوم الأحد من موقفهما، وقالتا إنهما ستخصصان خطا ساخنا للتعامل مع القضايا الإنسانية، الذي يعني التساهل مع الأشخاص المتزوجين من قطريين، إلا أن هذا الأمر جاء بعد تدخل من وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي طالب بتخفيف الحصار.
وتذكر الصحيفة أن وزارة الثقافة السعودية أعلنت عن استعدادها لتشغيل الفريق الذي كان يعمل في قناة "الجزيرة" وغيرها من المؤسسات الإعلامية القطرية، إلا أن هذا العرض لم يمتد للقطاعات الأخرى.
وينوه التقرير إلى أن السعوديين، الذين أقاموا أعمالا تجارية ومصالح في قطر، ويتنقلون بشكل دوري بين البلدين، تضرروا، بمن فيهم رجال العشائر، الذين يعيشون قرب المناطق الحدودية، ويسوقون جمالهم فيها.
وتبين الصحيفة أنه بالإضافة إلى الغضب والأثر العاطفي، فإن هناك تحديات لوجيستية، حيث يخشى الكثير من السعوديين من عدم تمكنهم من العثور على مشتر لبيوتهم في قطر قبل انتهاء الموعد المحدد لهم للعودة، مشيرة إلى أنهم لو وجدوا مشتريا فإن عليهم القبول بالسعر المعروض، وهو أقل من سعر السوق، فهم لا يعرفون ماذا سيحصل لبيوتهم المسجلة في قطر.
وبحسب التقرير، فإنه تم إسكات المعارضة لتلك الإجراءات؛ لأن الذين يعترضون على السياسات السعودية يواجهون خمس سنوات سجن، بالإضافة إلى أن الإمارات والبحرين حذرتا من التعاطف مع قطر، ومن يضبط متلبسا فإنه يواجه الغرامة والسجن.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "الصدع الذي حدث بسبب الإجراءات الأخيرة يثير مخاوف السكان، حيث أن الحقوق التي تمتعوا بها خلال السنوات الـ35 عاما قد انتهت، ووقع أكثر من 500 شخص يوم الجمعة على عريضة تدعو للوحدة الوطنية، وحل المشكلة بالحوار، إلا أن الحل الدبلوماسي بعيد عن التحقق".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن لعبدالله أقاربا في قطر، وترتبط عائلته بصلات زواج بالبحرين والإمارات، وهو متفائل حتى الآن، حيث يقول: "أريد أن أكون متفائلا؛ لأنني لا أستطيع تخيل البحرين وقطر والإمارات دون علاقات"، ويضيف: "لا تهمني الساحة السياسية، وبصدق فإن هذه كارثة من الناحية الاجتماعية".