كتبت رولا خلف نائبة مدير التحرير في صحيفة "فايننشال تايمز"، مقالا عن خطط التحديث السعودية، التي تعمل عليها الحكومة، وتتضمن إنشاء مدن ترفيهية.
وتقول خلف: "إنه شيء جديد في السعودية: المرح، ويجب على المواطنين الحصول على المزيد منه، وعلى الأقل هذا ما قرره النظام، وليس للمواطنين كلهم بالطبع، وليس أي نوع من المرح، فالرجال يمكنهم الحصول على المرح أكثر من النساء، ولن يختفي الحظر المشدد على الكحول، وممارسة القمار، والاختلاط بين الرجال والنساء".
وتضيف الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، أن "الترفيه ربما لم يكن من أولويات الملكية المطلقة لمواطنيها، إلا أن هؤلاء يعانون من آلام التقشف بعدما تعودوا طوال حياتهم على المنافع ومساعدة الدولة لهم من المهد إلى اللحد، والسبب هو تراجع أسعار النفط، ومن هنا تريد الحكومة التخفيف من الضربة على المواطنين بنوع من الترفيه".
وتجد خلف أن "هذا هو السبب المنطقي وراء إنشاء الهيئة العامة للترفيه، التي أعلن عنها هذا العام، وتقوم بتقديم المتعة الممنوعة من الحفلات المفتوحة للسعوديين، حيث طلب من عناصر الشرطة الدينية التخفيف من حماسها، فبدلا من مداهمة البيوت التي يشكون أن فيها تصرفات (منحرفة) حسب اعتقادهم، عليهم الإبلاغ عنها للشرطة".
وتنقل الصحيفة عن وزير النفط السعودي خالد الفالح، قوله بداية هذا العام: "نريد أن نحول السعودية إلى مكان لطيف وجميل للعيش فيه، وتلطيف حياة المواطنين"، وقال أحد المسؤولين عن الترويج ونشر حفلات الترفيه إن الحكومة تفكر بفتح دور للسينما، مشيرة إلى أن ما يثير الدهشة هو الحديث عن سيرك دو سوليل "سيرك الشمس"، الذي قد ينتهي بأداء ممثلين ذكور فيه فقط.
وتشير الكاتبة إلى أن "هناك العديد من الخطط الطموحة التي يجري العمل عليها، ويخطط صندوق الاستثمارات العام، وهو صندوق سيادي، لبناء مدينة ترفيهية في جنوب الرياض، ويخطط لأن تكون أضخم من لاس فيغاس (لكن دون الابتذال)، وتحتوي على ست حدائق ترفيهية وسفاري".
وتعلق خلف قائلة إن "اكتشاف العائلة السعودية الحاكمة قيمة جلب المتعة للسكان، الذين تشكل نسبة من هم تحت سن 25 الغالبية فيها، يمثل ثورة مصغرة، ما يتطلب رقصا رقيقا مع المؤسسة الوهابية، التي تمنح العائلة السعودية شرعيتها، ولهذا لا يمكن في هذه الحالة تجاهلها بالكامل، لكنها تصحح وضعا اجتماعيا غريبا".
وتذهب الصحيفة إلى أنه "في الوقت الذي تعد فيه دور السينما والحفلات الموسيقية ممنوعة في داخل البلاد، إلا أن العائلات السعودية تقضي وقتها بمتابعة الفضائيات، فيما يجد الأولاد مهربا عبر الإنترنت، وتعد السعودية من أعلى الدول في الشرق الأوسط مشاهدة للقنوات التلفازية عبر الإنترنت، وتقوم العائلاتت في نهاية الأسبوع بحزم أمتعتها، وتحمل معها البترودلارات وتقوم بإنفاقها في دبي والبحرين، ومن هنا فإن من الأهداف وراء هذا الترفيه المحلي هو دفع السعوديين للإنفاق داخل بلادهم".
وتلفت الكاتبة إلى أن "الأمير الشاب، البالغ من العمر 31 عاما، محمد بن سلمان، نائب ولي العهد، والابن المفضل للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، الذي قام من أجل تحويل الاقتصاد السعودي بخفض المعونة على الخدمات العامة، هو من يقف وراء هذه الدفعة من التغيير، ويقول إن تطوير قطاع الترفيه الخاص سيؤدي إلى خلق فرص عمل، وجذب الاستثمارات، وهو إشغال مفيد عن المصاعب الاقتصادية، ويساعد على تلميع صورة الأمير بصفته مدافعا عن الشباب".
وبحسب الصحيفة، فإنه "تم حتى هذا الوقت بيع تذاكر أربع حفلات غنائية في المدن السعودية، بما في ذلك حفلة ذات إقبال شديد للمغني السعودي الذي يحبه المواطنون محمد عبده في المدينة الساحلية الجديدة، وكان السعوديون يسافرون إلى الخارج لحضور الحفلات الغنائية للمغنين السعوديين، ومثل بقية الخطوات التي تقوم بها الحكومة فهي ليست كاملة؛ لأن الحضور فيها هم من الذكور، وهي محظورة على النساء".
وتنوه خلف إلى أنه "تم تنظيم مناسبة للجنسين في شباط/ فبراير في مدينة جدة (كوميك- كون)، التي تحفل بالأبطال الخارقين وألعاب الفيديو، ومن المفترض فصل النساء عن الرجال، لكنها انتهت مختلطة، حيث رقص بعضهم في القاعة الصغيرة، ولم تعجب المناسبة الشيوخ الذين احتجوا عليها عبر (تويتر)، وهو المكان الذي يمكن للسعوديين التعبير فيه عن مواقفهم بحرية، حيث يحظى الشيوخ بمتابعين كثر".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "السعوديين شاهدوا جيرانهم في قطر وأبو ظبي ودبي وهم ينشئون قطاعات للترفيه من الصفر، ويقولون إن تخفيف القيود في الداخل أقل خطورة مما يزعم النظام، وعلى ما يبدو فإن المسؤولين يوافقون على ذلك الآن، وقال مسؤول قطاع الترفيه عمرو المدني لقناة (العربية) إن الهدف هو توفير ثلاثة احتفالات للسعوديين في مدنهم، وهذه أمور طبيعية في معظم أنحاء العالم، لكنها بدعة جديدة في مملكة التقشف".