نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للكاتب سايمون كونستابل، يتناول فيه موضوع خصخصة شركة
النفط السعودية "
أرامكو"، الذي تزمع الحكومة السعودية القيام به كجزء من "
رؤية 2030"، حيث تحاول المملكة التخفيف من اعتماد اقتصادها على النفط الخام بشكل رئيسي.
ويستدرك الكاتب بأن العديد من المحللين والمراقبين لا يتوقعون أن تجري الأمور بسلاسة، بالإضافة إلى أن العالم سيراقب عن كثب ليرى إن كانت المملكة جادة في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن المملكة، التي تعد أحد أكبر منتجي النفط الخام، تحصل على 87% من دخل ميزانيتها من النفط، بحسب كتاب المعلومات لوكالة الاستخبارات المركزية.
ويقول كونستابل في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إنه "من الواضح أن البلاد لا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على النفط لمدة أطول، حيث يتوقع أن يقل الاعتماد على النفط في السنوات القليلة القادمة، وهذا الإدراك أدى إلى تطوير خطة لمرحلة ما بعد النفط اسمها (رؤية السعودية 2030)، التي كشف عنها العام الماضي نائب ولي العهد الأمير
محمد بن سلمان، الأمير الشاب، الذي يقوم بدور قيادي في تغيير المملكة واقتصادها".
ويشير الموقع إلى أن مركز الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة وصف الخطة بأنها "مذهلة في السرعة والطموح".
ويعلق الكاتب قائلا إن "الطموح شيء واحد، لكن المحللين يتوقعون عقبات كثيرة أمام الإصلاحات، فأول عقبة أمام السعودية هي أن تجعل طرح (أسهم) أرامكو في بورصة الأسهم يتم بنجاح".
وينقل المقال عن أستاذ دراسات الدفاع في الشرق الأوسط في جامعة كنغز كوليج البروفيسور ديفيد روبرتس، قوله: "إن محور الإصلاحات الاقتصادية هو بيع (أرامكو).. إنهم يأملون أن يكون حدثا كبيرا، وأن يعوض عن التراجع في دخل النفط، وبالأهمية ذاتها هو كيف سيبدو هذا الأمر".
ويلفت كونستابل إلى أن "المشكلة هي أن إجمالي الوارد من الطرح العام الأولي سيعتمد بشكل كبير على صحة سوق النفط، فسوق النفط كانت متقلبة على مدى السنتين الأخيرتين، فمثلا كان يصل ثمن برميل النفط في منتصف عام 2014 إلى أكثر من 100 دولار، لكنه انخفض إلى 26 دولارا في شباط/ فبراير 2016، وارتفع السعر مؤخرا ليصل إلى 55 دولارا، وهذه التقلبات جعلت المحليين قلقين".
ويورد المقال نقلا عن تقرير لمنظمة "يوراسيا غروب"، قوله: "يعد استقرار أسعار النفط العنصر الرئيسي في الطرح العام الأولي لـ(أرامكو)، وغالبا فإن السعودية لن تتقدم في هذا المجال حتى يصبح الهيكل طويل الأمد لسوق النفط واضحا"، أي أن السعودية لن تطرح "أرامكو" للبيع حتى تتوقف أسعار النفط عن التقلب.
ويقول الكاتب: "أما متى سيحصل هذا الاستقرار في أسعار النفط فهو مسألة مفتوحة، حيث تغير اقتصاد النفط كثيرا في الفترة الأخيرة، ومثال على ذلك عمليه استخراج النفط من الصخور الزيتية، وقد تراجعت تكلفة استخراج النفط بهذا الأسلوب في الولايات المتحدة على مدى السنوات القليلة الأخيرة، فبحسب بحث حديث، فإن بنك (بي أم أو) الخاص قال إن تكلفة إنتاج نفط الصخر الزيتي عام 2016 تراجعت إلى أقل من 40 دولارا، وهو تحسن كبير عن 80 دولارا للبرميل قبل ثلاث سنوات، وهذا يعني أن النفط المنتج من الصخور الزيتية لا يساعد سوق النفط".
وينوه الموقع إلى أن تقرير "بي أم أو" يذكر أن "المملكة تخطط لاستخدام العائدات (من بيع أرامكو) لتنويع الاستثمارات بعيدا عن الطاقة، (هكذا وردت، وربما قصد الكاتب بعيدا عن النفط الخام)"، والاستثمار في مجالات مثل الغاز الطبيعي ومنتجات النفط المكررة.
ويستدرك كونستابل قائلا: "إن تأخر طرح (أرامكو) في السوق بسبب عدم استقرار أسعار النفط، فإن ذلك يعني تأخر الواردات، وبالتالي تأخر الاستثمار في المنتوجات غير النفطية للتصدير".
وبحسب المقال، فإن "إحدى النقاط التي أثارها بنك "بي أم أو" هي أن السعودية استثمرت 3.5 مليار في خدمة المشاركة في السفر التابعة لـ(أوبر)، وهذه الشركة تشكل تهديدا على مستقبل الطلب على النفط، وهذا دليل على أن قيادات السعودية تعرف أن لا مستقبل لتجارة النفط".
ويذهب الموقع إلى أن "خطة بيع (أرامكو) قد تتأثر بأي تغيرات مفاجئة في القيادة السياسية، فالإصلاحات الاستراتيجية تتعلق بشكل كبير بالأمير محمد بن سلمان، وقد لا تبقى بعض عناصرها، إن لم يصبح ملكا أو وليا للعهد، ولذلك إن مات ابن سلمان، أو تسلم شخص آخر الخلافة، فإن هذه الإصلاحات ستصبح في مهب الريح".
ويفيد الكاتب بأنه "بالإضافة إلى ما سبق، فإن هناك مخاطر داخل البلد، وتزايد عنف المجموعات المتطرفة، بالإضافة إلى أنه لا توجد في البلد البنية المؤسساتية، التي يتوقع المستثمر الأجنبي وجودها".
ويخلص كونستابل إلى القول إنه "علاوة على أسعار النفط المتقلبة، فإن هناك موضوع الانتقال السياسي والمخاوف الأمنية، حيث يقول المحللون إن سجل المملكة في الإصلاح لم يكن جيدا، بالإضافة إلى أن قيادة السعودية كانت تعرف منذ فترة طويلة أن الاقتصاد يحتاج إلى تغيير، لكن التقدم كان بطيئا، بحسب روبرتس، الذي قال أيضا إن المجتمع الديني في السعودية محافظ، ولذلك فإن وتيرة التقدم أبطأ".