نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الأطراف الدولية المعنية بمستقبل
سوريا، ومن بينهم الأوروبيون المتواجدون في صلب المعركة، والروس الذين يعنون بمهمة التنسيق، بمشاركة حليفهم
الإيراني، وبمساعدة تركية.. كل هذا في ظل غياب تام للعرب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العالم العربي على دراية كاملة بكل الأسباب التي أنتجت الأزمة السورية، لكن على الرغم من ذلك اختار عدم التدخل، والحفاظ على مبدأ البقاء خارج اللعبة، مشيرة إلى أنه "خلال الأسبوع الماضي؛ اجتمع في موسكو كل من الروس وحلفائهم الإيرانيين والأتراك؛ بغية تحديد ملامح المستقبل السوري، وذلك بعد استعادة النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين لمدينة
حلب".
وأضافت أن
روسيا تدرك جيدا مدى أهمية هذا الانتصار العسكري وتأثيره على موازين القوى داخل المنطقة كلها، لذلك قرر الكرملين اعتماد أسلوب "الطرق على الحديد وهو ساخن" من خلال جعل العالم الغربي خارج اللعبة نهائيا، وخاصة بعد رحيل باراك أوباما، الذي ستتبعه مواجهة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لمخلفات خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت أنه بالإضافة إلى ما سبق، فقد أصبحت أيام الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند معدودة في قصر الإليزي، كما تستعد أنجيلا ميركل لخوض غمار انتخابات تبدو صعبة عليها، "وعموما؛ فإن هذه المؤشرات تؤكد أن الغرب أضحى خارج اللعبة الشرق الأوسطية، وأن روسيا سيدتها".
وتطرقت الصحيفة إلى "النظام البوتيني الجديد" الذي يريد الرئيس الروسي ترسيخه، مستغلا الصراع السوري "الذي أصبح شبيها بالحرب العالمية الأولى فيما يتعلق بمدى تأثيره على دول الجوار".
وقالت إن سوريا أصبحت بمثابة ساحة معركة كبرى ستعيد فرز الأوراق من جديد، وستقلب الطاولة على عدة قوى إقليمية ودولية، "وفي هذا السياق، علق وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، متحدثا عن الخارطة الجيوسياسية الجديدة، في كلمة ألقاها يوم 20 كانون الأول/ديسمبر الماضي أمام وزراء الشؤون الخارجية ووزراء دفاع كل من روسيا وإيران وتركيا، قائلا إن "أفضل تصميم ترونه؛ هو الذي أمامكم الآن".
ورأت الصحيفة أن "العالم العربي يبدو على أبواب تقسيمات جيوسياسية جديدة، ما يؤكد أن معاهدة سايكس-بيكو ستنقلب رأسا على عقب، وخاصة بعد أن قسمت تلك المعاهدة الكعكة العربية بين كل من باريس ولندن سنة 1916، مستبعدة روسيا".
وأشارت إلى أن إيران هي "الوحيدة تقريبا التي تشارك بقوات برية في ساحة المعركة بسوريا؛ لذلك فهي تعد حليفة مهمة جدا وضرورية للنظام السوري من أجل استعادة الأحياء الشرقية لمدينة حلب".
وأوضحت أنه بسبب توتر العلاقات بين طهران وحزب الله الشيعي من جهة، وبين الرياض من جهة أخرى؛ على خلفية إعدام المملكة لعالم الدين الشيعي نمر النمر منذ سنة تقريبا، أصبحت دعوة الرياض إلى طاولة
المفاوضات السورية "أمرا مستبعدا".
وبينت الصحيفة أن المشكلة تتلخص في مدى عدائية إيران للسنة وللعروبة، ومدى تعصبها للقومية الفارسية وللمذهب الشيعي، "وبالتالي فإن رغبة إيران في استبعاد الرياض من المفاوضات؛ هي بمثابة رسالة ضمنية للسعوديين تفيد بأن إيران لم تتأثر بالعقوبات الاقتصادية، ولا بالعزلة الدولية التي فرضت عليها من قبل الأمريكيين والأوروبيين بسبب برنامجها النووي".
وأشارت إلى "مدى حاجة بوتين إلى حليف سني قوي بعيدا عن إيران الشيعية، وهو ما جعله يتقرب من
تركيا باعتبارها قوة إقليمية وعسكرية، وعضوا فاعلا في منظمة حلف الشمال الأطلسي".
وأكدت أن تركيا تريد الحفاظ على النفس السني داخل الحرب السورية من خلال دعم المعارضة، وإظهار نفسها في صورة الحليف الذي تمنحه موسكو الثقة، وخاصة بعد حادثة مقتل السفير الروسي في أنقرة على يد شرطي تركي، "بينما ترى موسكو في تركيا حليفا سنيا جديا في منطقة الشرق الأوسط، بعيدا عن الدول العربية".
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه تأكيدا لنواياه الحسنة تجاه التحالف مع تركيا السنية؛ لم يرفع بوتين حق النقض في وجه قرار الأمم المتحدة القاضي بإدانة سياسة الاستيطان الإسرائيلي التي اتبعها نتنياهو ضد الفلسطينيين.