توقع الخبير الإسرائيلي بالملف السوري ايال زيسر حدوث ثلاثة سيناريوهات بسوريا بعد سيطرة النظام على مدينة
حلب، وهي "السيناريو الإسباني" و"السيناريو الأفغاني" و"السيناريو الليبي".
وقال زيسر، في مقال نشره موقع "إسرائيل اليوم"، إن الطريق إلى انتهاء الحرب يسوريا مازالت طويلة رغم سيطرة النظام على حلب التي تعد معقلا للمعارضة المسلحة.
واعتبر الخبير الإسرائيلي سيطرة النظام بمساعدة حلفائه على حلب، انجازا مهما في الحرب التي يديرها نظام الأسد ضد
المعارضة، مشيرا إلى أن تدخل الروس والإيرانيين أنقذ نظام الأسد من السقوط، بل وأبعد عنه خطر السقوط.
واستدرك الكاتب بأن "جمرات الثورة والاحتجاج في
سوريا لا تزال تعتمل وتهدد مرة أخرى بالاشتعال، فما بالك إذا توقف" دعم الروس والإيرانيين.
وأشار إلى أن الحرب السورية عرفت مدا وجزرا منذ اندلاعها، "شهدت صعودا وهبوطا بل وانعطافات دراماتيكية. وفي بعض الأحيان بدا بأن هزيمة الأسد هي مسألة منتهية، وسقوطه مسألة أيام وفي الأكثر أسابيع قليلة؛ وفي بعض المرات بدا بأن خطوة واحدة فقط تفصل بينه وبين تحقيق الحسم والانتصار في الحرب التي تعربد في بلاده".
وأضاف زيسر أن التدخل الروسي والإيراني في المعارك أمال كفة القتال لصالح
النظام السوري، موضحا أن الروس طبقوا استراتيجية قتالية تقوم على أساس "النموذج الشيشاني"، ما أضر بالروح القتالية لدى الثوار، وذلك من خلال القصف الجوي والمدفعي ضد مناطق واسعة لردع وتهريب السكان المدنيين الذين يسكنون فيها، والمشتبه بهم كمؤيدين للثوار.
وبين أن استراتيجية الروس سمحت للنظام ولحلفائه على الأرض، بأخذ المبادرة من الثوار والسيطرة على سلسلة من المعاقل الاستراتيجية والمواقع الأساسية ذات الأهمية في شمال سوريا، في وسطها وفي جنوبها.
ومع ذلك، يقول الخبير الإسرائيلي: "لم تحسم الثورة ولا يزال الثوار نشطاء في كل أرجاء سوريا تقريبا، يواصلون ملاحقة قوات النظام السوري وتوجيه ضربات قوية له".
وأشار زيسر إلى أن محافظة إدلب كلها في شمال سوريا لا تزال تحت سيطرة قوات المعارضة، وكذا أيضا أجزاء واسعة من شرق الدولة، "والآن، سيوجه النظام السوري إلى كل هذه المناطق الجهود في محاولة لحسم الحرب في سوريا نهائيا".
واستطرد المحلل الإسرائيلي قائلا: "في كل محاولة لتحليل الحرب في سوريا، وكذا أيضا توقع المستقبل لما سيحصل في هذه الدولة، ينبغي أن يؤخذ بالحسبان حقيقتان أساسيتان، متناقضتان ظاهرا: الأولى هي أن نظام الأسد أظهر قوة مفاجئة وقدرة على البقاء، ولم ينهر".
وتابع أن مؤسسات الدولة السورية تواصل أداء مهامها وتشكل نواة للانتعاش، بل ولهجوم متجدد من الدولة السورية. وبالتوازي فإن النظام السوري مستنزف وتعوزه القوة كي يفرض نفسه من جديد، لمساعدة روسية وإيرانية.
وأضاف أن "الحقيقة الثانية"، هي أن معسكر الثوار يعتمد على دعم واسع من أجزاء مهمة من السكان السوريين، وكل جهود النظام السوري، بل وحلفائه الروس والإيرانيين لإلحاق الهزيمة بهم لم تنجج.
واستدرك أن معسكر الثوار، مع ذلك لم ينجح في خلق تراص ووحدة للصفوف وتنمية قيادة عسكرية وسياسية تسمح له بأن يحسم المعركة لصالحه. كما أنه أصبح متعلقا أكثر من أي وقت مضى بالمساعدات من خارج سوريا، التي لا يعد استمرارها مضمونا على الإطلاق.
وخلص إلى أنه بعد ست سنوات من الحرب، ليس لدى المقاتلة في سوريا قدرة على حسم المعركة، وأن الحرب في سوريا لم تعد حرب السوريين وحدهم، "فالتدخل الفاعل لقوات أجنبية في القتال يغذيها، يؤدي إلى استمرارها بل ومن شأنه أن يقرر نتيجتها".
وقال إن أحد الاحتمالات التي يمكن أن تنتهي إليها الحرب السورية، "السيناريو الإسباني" (سيناريو الحرب الأهلية في إسبانيا)، موضحا أن النظام السوري، في هذه الحالة، سينجو من الحرب ويخرج منها ويده هي العليا، أو على الأقل وهو يسيطر بثقة على النواة الصلبة للدولة السورية، ذات القاطع الذي يمتد من دمشق شمالا إلى مدينة حلب وانتهاء بالشاطئ السوري.
وأضاف أن الأسد سيحاول من هذه المناطق الاقتحام والسيطرة على الأجزاء المتبقية من سوريا. معسكر الثوار سيدحر إلى الهوامش، وعلى مدى الزمن سيتفكك إلى أن يكف عن أن يشكل قوة مهمة قادرة على أن تهدد وجود النظام في دمشق.
ويسمي المحلل الاحتمال الثاني، بـ"السيناريو الأفغاني"، أي إن القتال في سوريا يستمر بقوى متغيرة، ويواصل التخريب، وذلك، حتى لو واصل الأسد الحكم برعاية روسيا وإيران، في النواة الصلبة لسوريا، حيث يتركز معظم السكان.
أما الاحتمال الثالث، حسب المحلل الإسرائيلي، هو "السيناريو الليبي"، إذ إن منظومة الدولة السورية ستنهار بسبب النزيف الذي لا يتوقف من الدماء وبسبب إنهاك النظام السوري، ومجموعات مختلفة من الثوار تسيطر على مناطق الدولة، واستدرك بأن سيناريو كهذا يبدو غير معقول في ضوء التجند الروسي والإيراني خلف نظام الأسد.