أثار اختيار مختار العمداني عميدا لبلدية
سرت الليبية، من بين ستة أعضاء بالمجلس البلدي المنتخبين بالاقتراع المباشر في أيار/ مايو 2014، جدلا وردود فعل واسعة، خاصة من مقاتلي قوات
البنيان المرصوص؛ كون الأخير معروفا بموالاته وعلاقاته الوطيدة مع اللواء خليفة
حفتر، وكان يتلقى دعما من الحكومة المنبثقة عن برلمان طبرق.
لكن العمداني قال في تصريحات إعلامية، عقب تنصيبه الاثنين، إنه "يقف على مسافة واحدة من الجميع في سرت"، مشيرا إلى أنه بصدد "تجهيز خطة مبدئية لإعمار المدينة بالتعاون مع الجهات المعنية ووزارة الحكم المحلي"، كما قال.
وانتشر مقطع فيديو للعمداني خلال لقائه ببعض القيادات الأمنية في منطقة المرج، التي تسيطر عليها قوات حفتر، يؤكد للمجتمعين أن مدينة سرت ستسلم لهم بعد طرد تنظيم الدولة، وأنهم ستكون لهم الإدارة كقوات أمنية بعد انتهاء التنظيم، مقدما الشكر لمجلس نواب طبرق وحكومته المؤقتة.
البنيان المرصوص ترد
وردا على هذه التخوفات، عيّنت قيادة عملية البنيان المرصوص، التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس، العميد ركن أحمد أبو شحمة حاكما عسكريا لمدينة سرت.
وأكد آمر غرفة العمليات العسكرية الخاصة في البنيان المرصوص، بشير القاضي، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن "القرار يأتي ردا على اختيار عميد سرت من دون الإشارة لعملية البنيان المرصوص، التي قدمت أكثر من 716 قتيلا وثلاثة آلاف جريح لتحرير المدينة"، كما قال.
انتخابات قانونية
وقال رئيس اللجنة المركزية للانتخابات البلدية في
ليبيا، عثمان قاجيجي، إن "انتخابات عميد بلدية سرت تمت بإشراف اللجنة المباشر، وإن الاختيار تم وفق صحيح القانون، وأدلى كل عضو بصوته أمام الجميع دون أي ضغوطات".
وأضاف لـ"عربي21": "والحقيقة مما رأيته أمام عيني، هو قبول المجلس البلدي بمختار العمداني عميدا لهم، ورغبة الجميع في العمل معا من أجل بناء سرت، ومن المعروف أن المجلس البلدي يقوم بتقديم الخدمات البلدية فقط، وليس له علاقة بالسياسة"، وفق قوله.
من جهته، رأى عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عمر بوشاح، أنه "من المستحيل بعد كل هذه التضحيات من أجل تحرير سرت من داعش، أن يتم التفريط في المدينة لأي جهة أو شخص خارج إطار شرعية الدولة، المتمثلة في الاتفاق السياسي الليبي ومخرجاته"، على حد وصفه.
وأكد لـ"عربي21" رفض "فكرة الحاكم العسكري؛ لأنها تتناقض مع مشروع الدولة المدنية الحديثة التي ننشدها، وسرت عادت لحاضنة الوطن، ولن يتم التفريط فيها من جديد لأي جهة، ولا داعي للتخوفات".
"متعاون مع داعش"
وقالت الناشطة السياسية الليبية المقربة من
حكومة الوفاق، ميرفت السويحلي، إن قوات البنيان المرصوص سترفض وجود مختار العمداني على رأس بلدية المدينة "التي أريقت من أجلها الدماء؛ وذلك لأنه توفر لديها أن عميد البلدية الجديد كان أحد المتعاونين مع داعش داخل سرت، ناهيك عن تأييده لحفتر"، وفق قولها.
وأضافت لـ"عربي21": "الحل الأمثل أن تكون سرت تحت إمرة حاكم عسكري لفترة من الزمن؛ لأن محاولة القفز على نجاح قوات البنيان المرصوص لن تكلل بأي نجاح".
من جهته، أكد المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن "تنصيب عميد بلدية موال لحفتر هو طعن لعملية البنيان المرصوص في الظهر، واستخفاف بتضحياتهم، خاصة أنه لم يتم التنسيق والتشاور معهم حتى في العملية الانتخابية".
وأضاف لـ"عربي21": "من حق قيادات البنيان المرصوص رفض هذا التنصيب، وتعيين قائد عسكري على سرت، خاصة أن المدينة ما زالت تُعدّ منطقة عمليات عسكرية"، وفق تقديره.
واستبعد الإعلامي الليبي، محمد السلاك، أن "تذهب المدينة بعيدا عن سيطرة البنيان المرصوص، التي سيكون لها نصيب الأسد في خطة تأمين المدينة"، بحسب تعبيره.
لكن رئيس مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان الليبية، جمعة العمامي، رأى أن "سرت تحتاج إلى عميد بلدية بعيد عن أي انتماء سياسي أو عسكري، يكون هدفه الوحيد عودة المدينة إلى حاضنة الوطن وعودة الخدمة إلى سكانها".
وأضاف لـ"عربي21": "لست مع تعيين حاكم عسكري، ولكن على المجلس الرئاسي إذا كانت لديه خطة لحماية وتأمين المدينة أن يقدمها ويبدأ في تنفيذها على أرض الواقع"، كما قال.
ويعبّر الرافضون لتسلم العمداني إدارة المدينة عن تخوفهم من سماحه لقوات حفتر بالتوغل في المدينة، والسيطرة عليها تباعا، ومن ثم كسب أرضية جديدة لحفتر وقواته بالقرب من طرابلس.