دعا ناشطون ومدونون إلى الدخول في
عصيان مدني مفتوح في
ليبيا، بداية من يوم الأحد 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، احتجاجا على "انتشار المليشيات المسلحة، وتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية وتزايد معدلات الجريمة"، وفق الدعوات التي انتشرت على صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأت مجموعات طلابية بتنفيذ هذه الدعوات، وتوقفت الدراسة اليوم الأحد؛ في جامعة
طرابلس، بعدما أعلنت الجامعة رسميا دخولها في اعتصام، وكذلك بعض مدارس العاصمة، وسط مطالبات من قبل الداعين للإضراب بعدم استعمال العنف أو غلق الطرقات.
واللافت في هذه الدعوات أنها اكتفت بالمطالبة بالعصيان في العاصمة طرابلس، دون الدعوة لعصيان مماثل في الشرق الليبي، رغم الواقع الأمني والاقتصادي المضطرب في تلك المنطقة أيضا، ما أثار تكهنات حول هذه الدعوات ومن يقف وراءها، وما إذا كان سيتحول العصيان إلى حالة عنف في ظل حالة الاحتقان السائدة الآن، وخاصة أنه جاء متزامنا مع قرب انتهاء مدة الاتفاق السياسي الموقع بين أطراف الصراع (اتفاق الصخيرات) في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
"دعوات مشبوهة"
وقال الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، عبد الله الرفادي؛ إن "الدعوة للعصيان المدني الآن، دعوات مشبهوهة مجهولة الهوية، والغرض منها زعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة طرابلس"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"عربي21": "لا يمكن لمثل هذه الدعوات النجاح، ولن يستمع إليهم أحد إلا من كان على شاكلتهم، وهم قليل". تابع: "أما بخصوص من يقف وراءها فهم نفس المجموعة التي رفعت شعار "لا للتمديد" بخصوص المؤتمر الوطني العام".
وشاركه الرأي؛ المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، حيث قال: "يقف وراء هذه الدعوات شخصيات ووسائل إعلام داعمة لمشروع الكرامة، ومؤيدة للثورة المضادة في ليبيا".
وبخصوص أهداف هذه الدعوات، قال كعبار لـ"عربي21": "الهدف معروف، وهو إدخال طرابلس فى فوضى كبيرة وشل حركتها، وحدوث صدامات مسلحة في العاصمة، متوقعا فشل هذه الدعوات"، على حد تعبيره.
توظيف سياسي
أما الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش، فرأى من جانبه؛ أن "الداعين للعصيان أغلبهم من معارضي الاتفاق السياسي ومخرجاته، ويستخدمونه للضغط على
حكومة الوفاق وإسقاطها دون تقديم مشروع عملي بديل".
وأضاف لـ"عربي21": "ولماذا طرابلس فقط؟ فالظروف المعيشية متشابهة تقريبا في كل مناطق ليبيا، ما يؤكد التوظيف السياسي للأمر، وكالعادة المواطن هو المتضرر الوحيد"، بحسب تعبيره.
وأوضح الكاتب الليبي، فرج كريكش، أن "اهداف هذه الدعوات الآن، صناعة أحداث في طرابلس؛ تبرر إعادة تشكيل المشهد السياسي على الصعيد الدولي، خصوصا وأن مقتل الشيخ نادر العمراني خفف من فاعلية مسلسل الاختطاف في اللحظات الأخيرة".
وبخصوص من يقف وراء الدعوة الجديد للإضراب، قال كريكش لـ"عربي21": "بمتابعة الصفحات الداعية للعصيان، تأكد لنا أن الكتلة البرلمانية الرافضة للاتفاق السياسي وأبواقها الإعلامية هي من تروج لهذا"، كما قال.
رسالة غضب
لكن المحامي الليبي من بنغازي، عصام التاجوري، اعتبر أن "العصيان هو رسالة غضب من الشارع الليبي في غرب البلاد، تعبيرا عن رفضهم واستيائهم من الوضع الراهن بالبلاد"، مضيفا: "يرتكز العصيان بطرابلس لأنها بحكم النظام المركزي الذي تدار به شؤون الدولة؛ تعد المركز المالي والاقتصادي للدولة"، كما قال.
وأضاف لـ"عربي21": "نجاح الدعوة من عدمها يتوقف على قدرة الداعين إليها وقدرتهم على التأثير في المواطن، وتوضيح أن العصيان هو أحد أساليب التعبير المجتمعي اللاعنفي".
وقال: "بالنسبة لمن يقف وراءه (العصيان)، لا يهم معرفة هويتهم بالقدر الذي يهمنا ضمان عدم انحراف هذه الدعوة عن المسار المرسوم لها، أو استخدامه لإزاحة خصوم ينازعون الهيمنة على مؤسسات الدولة التي ارتهنت بطرابلس"، وفق تعبيره.
وقال أمين عام المنظمة العربية لحقوق الانسان في ليبيا، عبد المنعم الحر، إن "العصيان المدني في الحالة الليبية هو آلية سلمية للتعبير عن رفض الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية في ليبيا، لكن حتى الآن لم يُعرف من يقف وراء هذه الدعوات".
وأوضح لـ"عربي21"، أن "الهدف هو محاولة إخراج العاصمة من تحت حكم المليشيات المسلحة، والضغط على الحكومات المتصارعة لوضع حد لهذه الأوضاع"، مشيرا إلى أن نجاح هذه الحملة مرهون بمدى القدرة والتنسيق لفريق العمل الداعي للعصيان، وإرادة الناس لتنفيذه"، كما قال.
لكن الأكاديمي بجامعة طرابلس، محمد المدني، رأى أن "العصيان المدني في هذا الوقت سيزيد الطين بله فهو غير مجد، كونه سيؤثر على المواطن أكثر من تأثيره على المسؤولين"، وفق قوله لـ"عربي21".