نشرت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية تقريرا للكاتب مارك تاونسند، يقول فيه إن كونك مسلمة في مرحلة ما بعد البريكسيت في
بريطانيا أمر غير مشجع، فبالإضافة إلى عدم توفر الفرص العمل أمام المرأة المسلمة، فإن تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، أطلق العنان للتعصب والإسلاموفوبيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى قصة هنية (28 عاما)، التي ظلت طوال السنوات الخمس الماضية تبحث عن فرصة عمل، فرغم توفر المؤهلات والكفاءة والرغبة، إلا أن صديقاتها راقبنها وهي تفقد حماسها وثقتها بنفسها، لافتا إلى أن هنية فكرت بخلع الحجاب، وحتى التخلي عن هويتها المسلمة.
ويستدرك الكاتب بأن هنية أعلنت بعد عناء، وأمام 50 امرأة في حي مانينغهام في برادفورد، أنها حصلت على وظيفة أخيرا، وعلقت المسؤولة التنفيذية لمجلس المرأة المسلمة في برادفورد بانا غورا، قائلة: "هذه أخبار عظيمة، لكن غياب فرص العمل، والتمييز داخل
سوق العمل، يخلقان لدى الكثيرات حالة من الإجهاد وفقدان الثقة بالنفس".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "هنية انتصرت فيما فشلت الكثيرات، فأن تكوني مسلمة في مرحلة ما بعد البريكسيت يعني عدم وجود فرص عمل لسوق العمل، ففي مانينغهام وجدت الإحصائيات أن ثلاثة أرباع المسلمين، البالغ عددهم 20 ألف نسمة، يعانون من التعصب والإسلاموفوبيا، ما يهدد بتهميش المرأة المسلمة، بدرجة تؤدي إلى استبعادها تماما من سوق العمل".
ويقول تاونسند: "على بعد سبعة أميال من مركز العمل، وبعد مسجد برادفورد المركزي، وعلى طول طريق إيه651، تقع في غرب يوركشاير المدينة التجارية بيرستال، وهنا طعنت النائبة العمالية جو كوكس خارج مكتبتها في الساعة 12.53 في 16 حزيران/ يونيو 2016، على يد متطرف إرهابي يميني، قبل أيام من نهاية الحملات للتصويت على البريكسيت، وحكمت المحكمة على قاتل كوكس، توماس مير، بالسجن مدى الحياة، ويعد مير، البالغ من العمر 53 عاما، الذي يؤمن بتفوق العرق الأبيض، المهاجرين خطرا على القيم البريطانية، وكان يأمل بأن تؤدي جريمته إلى إشعال التوتر العرقي".
ويضيف الكاتب أن تقرير الحكومة عن الاندماج، وهو الأول من نوعه منذ 15 عاما، يأتي على هذه الخلفية، وقد بدأ العمل به في تموز/ يوليو 2015، مشيرا إلى أن مؤلفة التقرير لويز كيسي تؤمن بأهمية النقاش حول العرق والهوية الذاتية لبريطانيا، لكنها تقول إن النقاش تحول كثيرا.
ويلفت التقرير إلى أن كيسي وفريقها يعرفان حق المعرفة مخاطر ما ستقوم به الصحافة اليمينية في التعامل مع نتائج تقريرها وقولبتها، بما في ذلك ما أشارت إليه إحصائيات وزارة الداخلية، من أن جيوبا في لندن وبيرمنغهام ومدن أخرى، أصبحت مكونة من عرق واحد، في زيادة بلغت نسبتها 50%، ما يؤكد وجود ارتفاع ملحوظ منذ أكثر من عقد، مشيرا إلى قول مصدر مقرب من دراسة كيسي: "سيتناول البريسكيتون (النتائج)، الذين يحاولون إغلاق الحدود، فيما لا يستطيع اليسار الحديث عنها".
وتجد الصحيفة أنه "مع ذلك، يظل الهدف الأساسي للتقرير دون تغيير، وهو تحسين (الفرص والاندماج) لأبناء الأقليات العرقية، الذين لا يزالون خارج قطاع العمل ينتظرون، وتم الحديث عن قضايا تؤثر في حصولهم على فرص، مثل الفصل العنصري وغياب المساواة، وذلك في أعقاب أعمال الشغب التي غمرت حي مانينغهام في عام 2001، وهو ما دفع إلى تقرير وزارة الداخلية، حيث كشف عن حيوات متوازية للأقليات، لا تتقارب ولا حتى تتقاطع".
وتقول غورا للصحيفة إن الوضع قد تغير منذ تلك الفترة، إلا أن دخول الخطاب المعادي للإسلام في التيار الرئيس للإعلام قد أثار قلق المسلمات في برادفورد، وتضيف: "هذه أيام مخيفة، وهناك مخاوف متزايدة، وقلق حول ما يحمله المستقبل، ويشعر المجتمع المسلم بأنه تحت عدسة مكبرة، الخطاب في الإعلام والرسائل السلبية التي تنشر باستمرار، هذا كله غير مريح"، مشيرة إلى أن هجمات
عنصرية قد حدثت في مانينغهام، "وهناك نساء تعرضن للهجوم على حجابهن".
وينوه تاونسند إلى أن كيسي، التي قامت بالتحقيق، الذي قضت فيه 17 شهرا، حول بريطانيا، وزارت فيه مانينغهام بزنس سنتر، وجدت أن النساء المسلمات تم التضييق عليهن، وأبعدن أكثر عن التيار الرئيس للمجتمع، وتخلت الكثيرات عن فكرة الحصول على وظيفة، أو تحقيق الاستقلال الاقتصادي وبناء مستقبل، بالإضافة إلى أن التعرف على نساء أخريات أصبح حلما، لافتا إلى أن الدراسة كشفت عن ثلاثة مستويات من التمييز: كونها امراة، وكونها تنتمي للأقليات العرقية، وكونها مسلمة.
ويفيد التقرير بأنه جاء في ملاحظات قدمتها مؤسسة "رانيدميد تراست" أن النساء من أصول بنغالية وباكستانية يواجهن التمييز في كل مستوى من مستويات إجراءات التوظيف.
وتنقل الصحيفة عن رئيسة مجلس المرأة المسلمة سيلينا أولا، قولها إن الرفض المتوقع أثناء التقدم للوظيفة، بالإضافة إلى قصص الرعب التي تسمعها المرأة من صديقاتها، يجعلانها تتخلى عن فكرة العثور على وظيفة، وتضيف أولا: "لا يشعرن أنهن قادرات على عمل الأشياء، ويستبعدن أنفسهن تلقائيا من وظائف معينة، حيث يعتقدن أنهن لا يصلحن لها"، وتتابع قائلة: "لو كانت لديك سيرة ذاتية مناسبة للوظيفة وتم رفضك أكثر من مرة فإنك تتأثرين، فقضايا قلة التطلعات وتدني الثقة، بالإضافة إلى مستويات من العنصرية، كلها تبدأ في القطاع التعليمي".
ويذكر الكاتب أن هناك دراسات تؤكد وضعية تهميش المرأة، حيث كشف نواب في آب/ أغسطس أن فرص بقاء المرأة البيضاء بلا عمل هي أقل بثلاث مرات (6.8%) من المرأة السوداء (17.7%)، وتأتي المرأة من أصول باكستانية وبنغالية في المرتبة الأخيرة (20.5%)، مشيرا إلى أن المكتب الوطني للإحصاء وجد في دراسة له العام الماضي أن ثلثي النساء المسلمات، ما بين 16 إلى 64 عاما دون عمل، وبالمقارنة مع هذا فإن نسبة النساء البريطانيات اللاتي ينتمين للطبقة العاملة تبلغ 68% .
ويورد التقرير أن دراسة كيسي وجدت أن النساء المسلمات في بعض مناطق بريطانيا، مثل بيرمنغهام، يتعرضن للتهميش، حتى عندما يرغبن بالتطوع في المسجد.
وبحسب الصحيفة، فإن الدراسة كشفت عن طرق التحقيق غيرالقانونية مع المرأة المسلمة، حيث تسأل في مقابلات العمل عما إذا كانت ستترك العمل في حال الزواج، وإن كانت تفكر بخلع الحجاب، وتقول الدراسة: "ظللن يقلن لا نستطيع الحصول على عمل، ولقد تقدمت لأعمال مئات المرات"، فيما قالت أخريات: "عندما أذهب للمقابلة يتم سؤالي: هل سيظل الحجاب على رأسك؟"، وتقول أولا: "هناك تحيز في الوعي الباطن ضد الأسماء التي تبدو أجنبية، الأسماء التي تصعب قراءتها، أما الأمر الثاني ترغب لجان التوظيف بتوظيف أناس من فصيلتهم، ولو كنت امرأة مسلمة تريدين الحجاب، فإن الأمر يعتمد على اقتناع لجنة التوظيف".
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أن مجلس المرأة المسلمة في برادفورد سيقدم يوم الثلاثاء كتابا عن تاريخ الحجاب وتراثه، وفيه يظهر أن هناك تشابها بينه وبين غطاء الرأس في الديانتين اليهودية والمسيحية، لافتة إلى أنه تمت دعوة 300 شخصية لحضور الإعلان عن الكتاب في المتحف الوطني للإعلام.