نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحافيين إيما بيلز ونيك هوبكنز، يقولان فيه إن
الأمم المتحدة وظفت العشرات من أصدقاء رئيس النظام السوري بشار
الأسد وشركائه السياسيين في عملية الإغاثة التي تقوم بها في
سوريا، بحسب وثائق سربت للصحيفة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن قوائم الموظفين أظهرت أن أقرباء للوزراء الكبار يعملون لدى وكالات الأمم المتحدة الإغاثية، بما في ذلك مفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية.
وينقل الكاتبان عن مدير سابق لدى الأمم المتحدة قوله للصحيفة إن كل وكالة تابعة للأمم المتحدة "من التي تعمل في سوريا"، تشغل على الأقل "شخصا واحدا يكون قريبا مباشرا لمسؤول سوري"، مشيرين إلى أن الأمم المتحدة طلبت من "الغارديان" عدم نشر أسماء الموظفين في القوائم التي حصلت عليها؛ للحفاظ على أمنهم.
وتورد الصحيفة نقلا عن متحدث باسم الأمم المتحدة، قوله إنه لدى اختيار الموظفين "لا يتم الأخذ بعين الاعتبار علاقاتهم العائلية، ولا يتم التحقيق فيها"، مضيفا أن الأمم المتحدة لا تسأل المتقدمين للعمل معها عن انتماءاتهم السياسية.
ويلفت التقرير إلى أن الأمم المتحدة نفت أن يكون وجود أشخاص قريبين من الأسد يشكل تهديدا لعملها، وقالت إنه يجب أن يعكس الموظفون لديها "نسيج المجتمع السوري"، مشيرا إلى إصرار الأمم المتحدة على أن تبقى نزيهة، وتدافع عن موقفها قائلة إنها بحاجة للعمل مع أطراف الصراع جميعها.
ويستدرك الكاتبان بأن حملة "من أجل سوريا"، وهي مجموعة مستقلة، قالت إنه "من غير المعقول أن توظف مؤسسة متخصصة باللاجئين أقارب لدائرة الأسد المقربة"، لافتين إلى أن الأمم المتحدة تقول إنها عملت على إيصال المساعدات إلى 13.5 مليون سوري في ظروف صعبة وخطيرة، لكنها توافق على أن الحكومة السورية تقيد عملها، وتسمح لها بالعمل فقط مع من تصادق عليه من الشركاء.
وتذكر الصحيفة أنه بحسب الوثائق التي رأتها، فإن حوالي ثلثي مواد الإغاثة الطبية التي يحتاجها السوريون ذهبت إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، مشيرة إلى أن الوثائق تظهر أيضا أن 64% من المعدات والأدوية التي قدمتها منظمة الصحة العالمية منذ شهر كانون الثاني/ يناير، تم إيصالها إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام أو المؤيدة له، في الوقت الذي وصلت فيه 13% فقط من إمدادات منظمة الصحة العالمية إلى مناطق سوريا المحاصرة، التي تسيطر على معظمها قوات معارضة للنظام.
وينقل التقرير عن الأمم المتحدة، قولها إن تجاوبها مع الأزمة كان بشكل عام "منسقا بشكل جيد، ومتوازنا، وعمليا، إذ أخذ بعين الاعتبار العقبات الإدارية التي يتحتم علينا العمل معها"، وقال متحدث باسمها إنه "في بعض الأحيان، وفي بعض القطاعات، نستطيع الوصول بشكل أفضل في المناطق التي لا تسيطر عليها الحكومة".
ويورد الكاتبان نقلا عن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ ستيفين أوبرايان، قوله إن مجموعات الثوار منعت فرق الإخلاء الطبي من الوصول إلى مناطق شرق
حلب المحاصرة خلال فترة وقف القتال مؤخرا.
وتقول الصحيفة إنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، أدت الصعوبات التي تواجه الأمم المتحدة إلى مزاعم صادرة عن فرق الإغاثة بأن الأمم المتحدة خاضعة لنظام الأسد، وهو ما تنكره الأمم المتحدة، مستدركة بأن القلق بهذا الخصوص جعل 73 مؤسسة إغاثة توقف التعاون مع الأمم المتحدة بمشاركتها المعلومات في سوريا؛ حتى يكون هناك تحقيق شفاف في مخاوفها من أن الأسد اكتسب نفوذا "كبيرا وجوهريا" فيما يتعلق بجهود الإغاثة.
وينوه التقرير إلى أن هذا الكشف يأتي في الوقت الذي يستمر فيه انسداد الأفق الدبلوماسي، وزيادة الضغط الروسي على شرق حلب، بالرغم من توقف القصف لمدة أسبوع، مشيرا إلى أن أوبرايان تحدث أمام مجلس الأمن هذا الأسبوع للتعبير مجددا عن غضبه؛ بسبب عدم تمكن أطراف الصراع من السماح بتخفيف معاناة الناس في شرق حلب.
ويبين الكاتبان أن فترة التوقف عن القصف شهدت ضغطا على المدنيين والمقاتلين للمغادرة عبر "ممرات إنسانية"، في الوقت الذي حاولت فيه جمعيات الإغاثة القيام بإخلاءات طبية، مستدركين بأن الجمعية الدولية للصليب الأحمر أكدت أنه لم يتم القيام بأي إخلاءات طبية.
وبحسب الصحيفة، فإن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، قال في بداية الشهر إنه يجب التحقيق في ارتكاب
روسيا جرائم حرب، مشيرا إلى أنها تخاطر بأن تكون دولة مارقة بسبب دعمها لحكومة النظام السوري.
ويفيد التقرير بأن عدد الضحايا منذ بداية الحرب قبل خمس سنوات يقدر بـ 400 ألف شخص، مشيرا إلى أن الوضع في شرق حلب أصبح حرجا، إلى درجة أن مديرية الصحة هناك حذرت من أنه لا يوجد سوى سبعة أطباء قادرين على القيام بعمليات جراحية، في الوقت الذي كان فيه عدد الأطباء في غرب حلب الشهر الماضي 1415، وهناك 11 مستشفى فيها 1383 سريرا.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى تحذير الأمم المتحدة من أن استمرار قصف شرق حلب سيدمر البلد مع حلول أعياد الميلاد، ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار، لافتة إلى أن القوات الروسية والسورية تصر على إزالة قوات المعارضة من شرق حلب؛ لاستعادة السيطرة على كامل المدينة، وتكرار الإخلاءات في أماكن أخرى من البلاد.