"مساء الخير من
حلب"، "أقرأ لأنسى الحرب"، هكذا كتبت بانة العبد (7 أعوام)، في تغريدة لها على "
تويتر"، من مدينة حلب المحاصرة، وأرفقت صورة لها مع التغريدة وهي تقرأ كتابها المفضل باللغة الإنجليزية.
وتقول جوسي إنزور في تقرير نشرته صحيفة "ديلي تلغراف"، إن "بانة تقوم، بمساعدة من والدتها فاطمة، بتوثيق تجربة الحرب في
سوريا، وهي تشاهد الدمار في المدينة التي تحبها، ففي كل يوم تقوم بتقديم تقريرها عن الرعب الذي حل بأحياء الجزء الشرقي الذي تعيش فيه، ويقع تحت سيطرة المعارضة لنظام بشار
الأسد، وكذلك ما حل بأصدقائها وعائلتها".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الضربات الجوية على مناطق حلب الشرقية، لم تتوقف منذ انهيار الهدنة الأخيرة، وأصبح 250 ألف نسمة تحت نار الطائرات الروسية، محاصرين دون ماء صحي أو دواء.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم أن عائلة بانة العبد اعتادت على القصف الجوي خلال السنوات الأربع الماضية، إلا أن المنطقة الشرقية لم تتعرض لضربات جوية لا ترحم ولا تميز مثل الذي تتعرض له هذه الأيام.
وتلفت الكاتبة إلى أن بانة توقفت عن الذهاب إلى المدرسة منذ أن دمرها القصف، وانضمت بهذا إلى سبعة ملايين طفل سوري أصبحوا دون تعليم، مشيرة إلى أن والدتها فاطمة، وهي معلمة اللغة الإنجليزية، تقوم بمساعدة ابنتها، مستخدمة ما يوجد في البيت من كتب قليلة.
ويفيد التقرير بأن بانة تريد أن تصبح معلمة مثل والدتها، لكنها خائفة ألا يتحقق هذا الحلم، وتقول في تغريدة لها: "توقفوا عن قتلنا"، و"أريد السلام لأصبح مدرسة، فهذه الحرب تقتل حلمي"، وتقول إنها خائفة بشكل دائم، لكنها تحاول التحلي بالشجاعة؛ من أجل شقيقتها نور (5 أعوام)، وشقيقها محمد (3 أعوام).
وتنقل الصحيفة عن بانة قولها: "في كل لحظة من اليوم أشعر أن هناك طائرة ستأخذ أرواحنا"، وتضيف: "أبكي طوال الوقت، ولا أستطيع النوم بسبب القصف، ولا أستطيع الخروج من البيت، فقد دمر بيتي بغارة جوية، وداخل البيت هو أكثر مكان آمن".
وتذكر إنزور أن الوقت الوحيد الذي تخرج فيها بانة من البيت عندما تذهب مع والدها غسان، الذي يعمل في دائرة قانونية في المجلس المحلي، لافتة إلى قولها في تغريدة لها: "عزيزي العالم، لم يعد لدينا طعام أو مستشفيات، عزيزي العالم نراقبك وأنت لا تتحرك- أم بانة".
وبحسب التقرير، فإن بانة وإخوتها ينامون مع والديهم، وتبرر والدتها الأمر بأنه حتى لا يموت أبناؤها وحيدين في حالة تعرض البيت للقصف، مشيرا إلى أن عمر بانة كان ثلاثة أعوام عندما وصلت الحرب إلى حلب عام 2012، وليست لديها ذكريات غير الحرب، لكنها تقول: "أتذكر عندما كان والداي يأخذاني إلى المطعم لتناول وجبة طعام، ونذهب إلى المتنزه وحديقة الحيوان".
وتبين الصحيفة أن بانة لا تحب التفكير كثيرا بهذه الحياة، وتقول: "لم أحصل على دمى جديدة، لكنني أحب الموجودة عندي الآن، ولعبي هي أحب الأشياء لي"، لافتة إلى أن عائلتها مثل بقية العائلات في حلب الشرقية، تكافح للحصول على الطعام.
وتورد الكاتبة نقلا عن فاطمة (26 عاما) قولها إنهم يعيشون على المعكرونة والأرز، اللذين قامت بتخزينهما قبل أن تفرض قوات النظام الحصار على مناطقهم في آب/ أغسطس، مستدركة بأنهما سينفدان قريبا، وتقول إنهم لم يتناولوا الفاكهة منذ أربعة أشهر، ولا تعرف متى حصل الأولاد على وجبة جميلة، لكنها تقول: "رغم كل ما عاناه
أطفالي، فإنهم محظوظون"، حيث قتل هذا الأسبوع وحده حوالي 100 طفل، الذين يشكلون أكثر من ربع الضحايا، بالإضافة إلى أن أكثر من 200 شخص تم تشويههم، أو إصابتهم بجروح مختلفة.
وينقل التقرير عن نيكي فيني، من منظمة "سيف ذا تشيلدرن" قولها: "من المحتمل أن نشاهد الأطفال يخرجون من تحت الأنقاض، أو تتم معالجتهم في المستشفيات، بدلا من جلوسهم على مقاعد الدراسة".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أنه مع استخدام الروس القنابل السجادية ضد الأحياء المدنية، فإن بانة تتذكر أصدقاءها، وترفض هي ووالدتها الحديث عن السياسة التي تقف وراء النزاع، وتقولان إنهما تحلمان بالسلام، وتقول بانة: "أريد أن تكون سوريا جيدة"، و"أحب سوريا، وأريد أن أعيش هنا للأبد".