يشكو سكان المناطق العربية التي طُرد تنظيم الدولة منها؛ من "انتهاكات تستهدف وجودهم" على يد قوات
سوريا الديمقراطية، التي تشكل
الوحدات الكردية عمودها الفقري.
وفي هذا السياق، يقول مصطفى حاج عبد الله، رئيس مجلس أمناء الثورة في
منبج بريف
حلب الشرقي، إن قوات سوريا الديمقراطية، المعروفة اختصارا بـ"قسد"، في الشمال والشمال الشرقي السوري، تقوم "بتهجير كثير من أهالي القرى العربية، امتدادا من ريف الحسكة إلى ريف الرقة إلى ريف حلب"، وفق قوله لـ"
عربي21".
التهجير سياسة ممنهجة
ويتحدث حاج عبد الله عن سياسة تهجير "منظمة ومدروسة"، فيما قال أهالي قرية "شاش البو بنا"، الواقعة في جنوب شرق منبج والمحاذية لسد تشرين، عنها إنها "في إطار سياستها الممنهجة والمستمرة في تهجير الناس من بيوتهم، فقد قامت قوات سوريا الديمقراطية بتهجير أهالي القرية من بيوتهم"، وفق بيان صادر عن أهالي القرية الشهر الماضي.
ويقول مصطفى حاج عبد الله في الإطار نفسه لـ"
عربي21": "الهدف من عمليات التهجير تغيير البنية الديمغرافية لتسهيل إقامة المشروع الانفصالي"، على حد قوله.
وطال التهجير مؤخرا قرى الريف الشمالي في منبج، بينها: السبت، والديكان، وخروص، ومتراس، والصنع، وكيكداه، وناصرو، وبير حسو، وقره قوزاق، وكاور خراب، وجعدة مغارة، وجعدة ظاهر.. بحسب ما أكد ناشطون لـ"
عربي21".
ويضاف لما سبق قرى سد تشرين كلها. ويقول الناشط الإعلامي أبو محمد، من مجلس أمناء الثورة، لـ"
عربي21": "قرى سد تشرين جميعها مهجرة، بدءا من السد وصولاً إلى بلدة أبو قلقل غربا".
ذرائع التهجير
وتستخدم القوات الكردية و"قسد" ذريعتين رئيستين لتهجير سكان المناطق التي تسيطر عليها من يد تنظيم الدولة، وهما انتماء أبناء هذه القرى والمدن لتنظيم الدولة، ووجود ألغام مزروعة أو مخلفات قذائف لم تنفجر.
ويوضح حاج عبد الله لـ"
عربي21" أن "الذرائع موجودة نفسها دائما: وجود إرهابيين ودواعش ومناطق ملغمة، وفعليا الواقع خلاف ذلك"، وفق تعبيره.
ويقول الناشط خالد المنبجي، المعروف بـ"الخال"، لـ"
عربي21": "قرى شرق الفرات مُهجّرة منذ 90 يوما لا يسمح لأهاليها بالعودة بدعوى أنها خط جبهة، علما بأنه لا يوجد جبهات في محيطها". أما قرى دالي حسن وبوجاق حفيان والملحة والقصق قبلي والقصق شرقي، فلم يُسمح للأهالي بالعودة إليها بدعوى أنّ بعض شبابها انتسبوا إلى تنظيم الدولة، كما يقول الخال.
معاناة تعيش على أمل العودة
وذكر مصطفى أنه "ما زال العديد من أهالي المدن في العراء.. لم ولن يستسلموا بانتظار العودة لمناطقهم".
وكان بيان أهالي قرية "شاش البوبنا" قد تحدثوا عن وضعهم الصعب بسبب تشريدهم عن بيوتهم. وجاء في بيانهم: "خرجت القرية عند الغروب مشيا على الأقدام إلى أبو قلقل ومعهم الأغنام والأبقار، ومروا على الطرق المزروعة بالألغام".
واتهم البيان قوات "قسد" بإطلاق النار فوق رؤوس الأهالي. ويضيف: "4000 آلاف في العراء دون مأوى أو غذاء في جو حار مغبر، وحصلت حالة ولادة تحت السيارة في المخيم". ويؤكد ناشطون أن معاناة القرى الأخرى متشابهة إلى حد بعيد.
ويقول الخال: "لجأ قسم من المهجرين الميسورين لاستئجار منزل في منطقة أخرى، ومنهم من سكن عند قريبه، ومنهم من نصب خيمة لا تقي من حر ولا تحمي من برد".
قرى مدمرة ومحاولات فاشلة للعودة
ويتابع الخال لـ"
عربي21"، متحدثا عن قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية: "سرقوا القرى، وجرفوا بعض البيوت، وجعلوها سواتر، كما أنهم جرفوا أشجار الزيتون"، مضيفا أن "قرية السبت مُسحت بالكامل، وقرية الصنع نسبة الدمار فيها 50 في المئة، وقرية خروص 90 في المئة، وكذلك جعدة مغار. وجرفت قرية الديكان. أما قرية مغربتين فأزيل أكثر من 170 من مجموع بيوتها التي تقارب الـ210 بيوت"، فالعودة إن تمّت ستكون لقرى مخربة مهدمة أو مسروقة، كما يرى الناشط أبو محمد.
وحاول عدد من الأهالي العودة إلى بيوتهم لكنهم تعرضوا لإطلاق النار. ويقول الخال: "حاول ثلاثة أشخاص من الكبار بالسن من قرية تل عثمان التوسط عند القيادات الكردية، فتم إطلاق النار عليهم، وأردوهم شهداء فقط لأنهم اقتربوا من القرية دون إذن من قسد".
وحاول أهالي القرى المهجرين العودة عبر قيامهم بمظاهرات، وفي هذا السياق "تظاهر الأسبوع الماضي أهالي قُرى شرقي الفرات المهجرين من بيوتهم على طرفي النهر أملاً بالعودة، وتم تفريقُ المتظاهرين في قبر إيمو غربي النهر، وفي شرقي الفرات قام حاجز قسد بإطلاق الرصاص على المتظاهرين في قرية جعدة مغارة"، وفق تأكيد الخال.
وسمحت "قسد" مؤخرا لبعض الأهالي بالعودة المشروطة، كحال القرى الجنوبية القريبة من بلدة أبو قلقل.
ويقول الخال: "طلبوا من كل بيت شابا أو فتاة للخدمة العسكرية في صفوف قسد أو البقاء مهجرين، أو دفع بدل نقدي مقداره 300 ألف عن ستة أشهر".
وأكد الأمر ذاته الناشط الإعلامي أبو محمد، بشأن قرى سد تشرين. وقال: "لا يمكن عودة أحد إلا إذا انخرط من كل بيت شاب أو اثنان في صفوف قسد".