مع مرور عيد الفطر السادس على
سوريا منذ انطلاق الثورة، يعيش المواطن السوري في الداخل، سواء في المناطق التي تخضع لسيطرة الثوار أو المناطق التي ما زالت تحت سيطرة النظام، في ظل صعوبات جمة، لكن مع ذلك يحاول الناس الاحتفال بهذا
العيد، لا سيما بالنسبة للأطفال.
فالعيد يحل مجددا مع استمرار القصف والحصار على المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، وفي ظل انهيار العملة السورية مقابل العملات العالمية الأخرى، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني في الداخل السوري، ومع شح فرص العمل والتدهور الاقتصادي.
يقول الناشط الإعلامي، أبو تيم الحوراني، المقيم في
درعا لـ"
عربي21": "قدوم العيد أصبح بمثابة محنة قاسية يمر بها المواطن في الداخل السوري، فمن الصعب إيجاد الحلول لها، على الرغم من أن المواطن السوري مشهور بابتداع الحلول لمثل هذه المشكلات، إلا أنه غالبا ما أصبح يقف عاجزا عند هذه المعضلة العقيمة الحل".
وأضاف الحوراني: "عيد الفطر بدرعا البلد يأتي على المدنيين كغيره من أعياد الثورة السورية بمرارة وحرقة، فهذا الذي فقد ابنه وهذا فقد ابنته وهذا أباه وأمه، فيأتي عليهم العيد وكأنه جمرة تحرق أنفاسهم الممزوجة بالشوق لمن فقدوهم"، بحسب تعبيره.
وأشار الحوراني إلى أن قصف النظام الممنهج للأحياء المحررة؛ أفقد الناس شغف الشوق ليوم العيد وفرحة العيد، وقال: "أنا لا أسمح لأطفالي بالخروج واللعب خوفا عليهم من قذيفة طائشة تفقدهم حياتهم".
وعن ارتفاع الأسعار، يعلق أبو يوسف المحاميد، وهو أب لخمسة أطفال، بأن "ارتفاع الدولار مرتبط بأسعار السلع، ففي حال ارتفع الدولار ترتفع معه أسعار المواد والسلع، وتكون حجة التاجر
غلاء الأسعار، والغريب في الموضوع أنه بعد انخفاض سعر الدولار يبقى سعر المواد والسلع التي ارتفعت إثر ارتفاع سعر الدولار كما هي، دون أن تنخفض بانخفاضه".
وأشار أبو يوسف إلى أن هذا العيد هو الخامس من أعياد الفطر الذي يمر على أطفاله دون أن يلبسوا ثيابا جديدة أو يفرحوا بلعبة مثل باقي الأطفال، بسبب الغلاء وعدم توفر المال اللازم لشرائها.
ويضيف: "دائما أقدم الغذاء عن اللباس وذلك لقلة العمل، فيأتي العيد على أطفالي دون أن يفرحوا بألعاب العيد، كالمراجيح وركوب الخيل في ساحات الجامع العمري بدرعا البلد الذي أصبح اليوم هدفا لمدفعية النظام؛ لأن ألعاب العيد بالنسبة لأطفال درعا حلم يستحيل تحقيقه".
وليس الوضع بأفضل حال في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام في درعا، حيث شكت أم محمد من طلبات طفلتيها وابنها مقابل الغلاء الكبير.
وقالت لـ"
عربي21": "ملابس العيد لهم تحتاج إلى أكثر من 50 ألف ليرة سورية، ناهيك عن طلبات حلوى العيد، فسعر كيلو الشوكلاتة 3 آلاف ليرة، وكيلو المعمول 1750 ليرة، وكذلك الغريبة والبرازق، أما كيلو الحلويات فهو بـ5 آلاف ليرة سورية، وأصبحت هذه الأشياء من الكماليات".
وتنقل أم محمد كلام ابنتها: "ماما إنت وعدتيني إذا تفوقت إنك تأخذيني إلى مدينة الملاهي في العيد.. و أنا تفوقت".
وحول تبادل الزيارات في العيد، في ظل سيطرة النظام على منطقتها، أوضحت أنه "لم يبق أحد نذهب إليه، ولا نعلم متى تُخرق الهدنة بين الطرفين، فضلا عن انقطاع الماء والكهرباء".
من جهته يرى أحمد الحلبي، أن أكثر المستفيدين من الحروب المتماشية مع الثورات هم التجار. فبرأيه أن تاجر الحرب في سوريا لا يهمه سوى مصلحته المادية ومشاريعه "مع انعدام المنظومة الأخلاقية لديه، وذلك على حساب معاناة المواطن السوري".
ورأى الحلبي لـ"
عربي21" أن "تاجر الحرب يقوم باحتكار الأسواق المحلية ويحدد الأسعار كيفما يشاء"، معتبرا أن سيطرة القوى العسكرية في سوريا واضحة، وكذلك خطوط التجارة بين المحافظات السورية تخضع لزيادة في سعر المواد والسلع، بحسب القوى المسيطرة في كل منطقة ليكون المواطن هو المتضرر الأكثر من تلك العملية؛ "لأن التجار لا يهمهم إن ارتفع سعر أية مادة أو سلعة أضعافا مضاعفة، ودائما حجتهم أن كثرة الحواجز على طول الطريق تزيد السعر"، كما يقول.