تزامن حلول
شهر رمضان في مدينة
منبج، مع فرض قوات
سوريا الديمقراطية (
قسد) حصارا خانقا على أهلها الذين يقدر عددهم بمئتي ألف نسمة، ما انعكس سلبا على حياة المواطنين الذين بات هاجسهم الأمني مقدما على كل هاجس، الأمر الذي أدى إلى حركة نزوح داخلي.
يقول أبو محمد القاطن غرب منبج لـ"
عربي21": "بدلا من الاحتفال بقدوم شهر رمضان المبارك، وجلب لوازمه؛ نزحت من بيتي إلى بيت أخي الصغير، بعد أن أُخليت منطقتنا لأسباب أمنية، حيث أصبحت خط جبهة".
وقد يكون أبو محمد محظوظا لأنه وجد من يستضيفه، بينما "تشهد المدينة فوضى في السكن، فالأهالي يفتحون أي بيت مغلق ويسكنونه، نتيجة حالات النزوح من حي طريق حلب" بحسب الناشط الإعلامي في منبج، أبو حسين، الذي أكد أن النزوح لم يقتصر على أجزاء من حي طريق حلب، وإنما شمل أجزاء من أحياء أخرى على طريق جرابلس والجزيرة والسرب.
تدني الواقع الخدمي
وأثّر
الحصار على مستوى الخدمات في المدينة، التي كانت من أفضل المدن السورية على الإطلاق في خدمتي الكهرباء والماء خلال فترة الثورة. وقال الناشط الإعلامي في منبج، أبو عبدالله، إن "الكهرباء انقطعت تماما عن بعض الأحياء؛ بعد أن كانت تأتي لمدة 24 ساعة بداية فرض الحصار"، مشيرا إلى أن "المياه عادت اليوم بعد انقطاع دام خمسة أيام".
وأضاف لـ"
عربي21": "اجتمع علينا الجوع والعطش في رمضان، مع حر الجو، وتردي الوضع الخدمي".
ومن المرجح أن تزداد
معاناة أهالي منبج مع استمرار الحصار، ولا سيما أن مولدات الكهرباء الأهلية تعتمد على مادة المازوت (الديزل)، بينما تشهد المدينة نقصا حادا بالمحروقات، ما أدى لارتفاع جنوني في الأسعار.
وقال الناشط أبو عبدالله، إنه "نتيجة غياب أسطوانات الغاز، وارتفاع سعر الكاز وشحه؛ فقد لجأ الناس إلى خلط البنزين المكرر مع مادة الديزل لتشغيل الببور"، مشيرا إلى أن ذلك "يشكل خطرا على الصحة، ناهيك عن مخاطره الأمنية، ولعل للأمر مبرره عند الأهالي، إذ تجاوز سعر أسطوانة الغاز 20 ألف ليرة سورية".
الأساسيات "رفاهية"
وأصبحت الخضروات على موائد الإفطار "ضربا من الرفاهية والبطر، إذ إنها تزرع على نطاق ضيق ضمن بعض الأحياء"، بحسب حسن، التاجر في سوق الهال، والذي أضاف أن "سعر كيلو البندورة وصل إلى ألف ليرة سورية، وانعدمت أنواع كثيرة، والسوق لا يعمل كما ترون".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الفاكهة الموجودة في السوق؛ هي من تلك المحفوظة في البرادات، ولا يدخل المدينة أي فاكهة جديدة، والناس لا تفكر بها، ولا تكترث بارتفاع سعرها في ظل هذه الظروف".
وأشار حسن إلى أن "الأفران ما زالت تعمل، إلا أن الناس يخشون من نفاد مخزون الطحين، أو قصف الأفران".
ويتحاشى المواطنون شراء الأكلات والمشروبات المشهورة في شهر رمضان، بهدف التوفير.. يقول المعلم علي من منبج لـ"
عربي21": " كنت سابقا آخذ برفقتي كل يوم أحد أبنائي قبل الإفطار؛ لشراء كيس سوس، أو تمر هندي، وقرص معروك، أما الآن فنلجأ إلى توفير كل قرش، حيث لا ندري ماذا تخبئ لنا الأيام".
وفاقم معاناة أهالي منبج؛ إغلاق أغلب مكاتب التحويلات المالية، ما حرم كثيرا من العائلات من الأموال التي كانت تعيلها. وقال أحد العاملين في مكتب للحوالات لـ"
عربي21": "أوقفت معظم المكاتب عملها نظرا للظروف الأمنية، ويمكن معرفة الأثر السلبي لذلك؛ إذا عرفنا أن معظم الأسر تعتمد على ما يرسله الأبناء والمغتربون في الخارج".
وتشهد أغلب المساجد التي تقام فيها صلاة التراويح؛ صلاة خفيفة من ثماني ركعات، وبأعداد قليلة، لأن المصلين يخشون قصف التحالف، بحسب موسى، النازح لشارع الرابطة، والذي أكد لـ"
عربي21" أن "معظم المواطنين يصلون في بيوتهم.. وبصراحة لولا أن جامع الأقصى في القبو؛ لما صليت التراويح في المسجد".