نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب سراج شارما، حول إعادة تطبيع العلاقات بين
تركيا وإسرائيل.
ويقول الكاتب إن وجود مؤشرات قوية بعودة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، تسبب بسخط الكثير من المسلمين المحافظين، الذين يشكلون لب القاعدة الشعبية للحزب الحاكم في تركيا.
ويشير التقرير إلى أن هناك عددا متزايدا من التقارير الصحافية، وتلميحات المسؤولين في البلدين، التي تفيد بأن العلاقات بين البلدين قد تعود إلى مستواها قبل عام 2010، مستدركا بأن الكثير من الناس غاضبون؛ بسبب الطريقة التي تسير بها المفاوضات، ويرون أن فيها تخليا عن الفلسطينيين.
ويلفت الموقع إلى أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل تدهورت عندما قامت قوات الكوماندوز
الإسرائيلية بمهاجمة أسطول الحرية، الذي كان يحمل مساعدات للفلسطينيين، وقتلت 10 مدنيين أتراك في المياه الدولية، مشيرا إلى أن أسطول الحرية، وعلى رأسه سفية "
مافي مرمرة"، قام بمحاولة لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب المحاصر في
غزة، ولتسليط الضوء على الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.
ويذكر شارما أنه بعد الحادث وضعت تركيا ثلاثة شروط على إسرائيل، قبل أن تفكر في إعادة العلاقات كاملة معها، حيث بقيت العلاقات الدبولوماسية بين البلدين على مستوى أقل من السفراء، منذ أن قامت تركيا بطرد السفير الإسرائيلي في أيلول/ سبتمبر 2011، لافتا إلى أن الشروط هي رفع الحصار عن غزة، والاعتذار لعائلات ضحايا سفينة "مافي مرمرة" وتعويضهم، وجاء الاعتذار عام 2013، وتم الاتفاق على التعويض، بحسب التقارير.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن شرط رفع الحصار عن غزة كان هو الأصعب، مشيرا إلى أنه يبدو أنه تم التوصل الآن إلى اتفاق لتخفيف الحصار، بدلا من رفعه، حيث يشير المراقبون إلى أن تخفيف الحصار، عن طريق السماح لبعض المساعدات بالدخول عن طريق إسرائيل إلى غزة هو عودة إلى الوضع كما كان قبل 2010، الذي أدى إلى تسيير أسطول الحرية أصلا.
وينقل الموقع عن إسماعيل بلجين، وهو ابن أحد ضحايا الهجوم على "مافي مرمرة"، إسماعيل بلجين، قوله: "يبدو أن الحكومة تخلت عن مبادئها وقيمها، وستخسر الدعم نتيجة ذلك"، ويضيف: "يحظى حزب العدالة والتنمية بالدعم الكبير بسبب مواقفه المبدئية والثابتة في القضايا المختلفة، لكن هذا التحرك يتناقض مع تلك المواقف".
ويتابع بلجين قائلا للموقع إن "إعادة العلاقات بهذه الطريقة غير مقبول، حيث يتصرف الإسرائيليون حيال التعويضات وكأنها تفضل منهم وليست عقوبة لهم على جريمة ارتكبوها، قتل أبي وزملاؤه وهم يحاولون لفت انتباه العالم للحصار المفروض على غزة من أجل رفعه، ويبدو الآن أن استشهادهم ذهب سدى".
ويورد الكاتب نقلا عن سيغديم تبكوغلو، التي قتل زوجها في سفينة "مافي مرمرة"، وكانت موجودة على السفينة أيضا، واحتجزها الإسرائيليون لفترة، قولها إنها ضد أي إعادة للعلاقات مع إسرائيل، بغض النظر عن التفاصيل، وأضافت: "سيستمر نضالنا مهما كان الأمر، أنا ضد ذلك (إعادة العلاقات) تماما"، وقالت في بيان منفصل: "يجب عدم التوصل إلى اتفاق، أو إنشاء صداقة مع الصهاينة، الذين يسمون أنفسهم إسرائيل، ودماؤهم ملطخة بالدماء".
ويستدرك التقرير بأنه في المقابل، يرى أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة مرمرة البروفيسور أحمد أويصال، أن إعادة العلاقات مع إسرائيل هو ضرورة استراتيجية، ويجب اعتبارها تطورا إيجابيا على أي حال، حيث يقول: "وجدت تركيا نفسها محاصرة من الجهات كلها؛ بسبب التطورات الإقليمية، خاصة بعد الأزمة مع روسيا، حيث أصبحت إعادة العلاقات مع تركيا مسألة مهمة لتخفيف بعض الضغط على تركيا".
ويرى الموقع أن تحسن العلاقات سيخدم الشعب السوري، الذي يعتقد أنهم عانوا بشكل كبير؛ بسبب غياب التعاون التركي الإسرائيلي، لافتا إلى قول أويصال إن الإسرائيليين أدوا دورا كبيرا في تشجيع التدخل الروسي في سوريا؛ لموازنة النفوذ الإيراني المتزايد فيها.
ويقول أويصال للموقع إنه يجب أن تكون تركيا قادرة على التباحث مع إسرائيل بشأن سوريا؛ لجلب السلام والاستقرار للمنطقة بأسرها، ويضيف أن "إقناع الرأي العام التركي بإعادة العلاقات مع إسرائيل لن يكون مشكلة، حيث إن إسرائيل موجودة شئنا أم أبينا، فمن الأفضل أن نحاورها ونساومها لمستقبل أفضل للجميع، ومع أن إسرائيل هي سبب المعاناة الفلسطينية، فإن أي صفقة يمكنها أن تخفف تلك المعاناة بأي مقدار هي خطوة إيجابية".
وينوه شارما إلى أنه بحسب التقارير الإعلامية، فإن الصفقة تتضمن تمكين تركيا من بناء مستشفى في غزة، وتزويده بالمعدات والعاملين، وبناء محطة توليد كهرباء في البحر، وإرسال مواد البناء لغزة، من خلال ميناء أشدود الإسرائيلي، مشيرا إلى أن التقارير ذاتها تقول إنه يتوقع أن يعلن الجانبان عن الاتفاقية في 26 حزيران/ يونيو، ويبدأ تطبيقها في تموز/ يوليو.
ويجد التقرير أن زيارة برلمانية إسرائيلية إلى تركيا يوم الجمعة الماضي 24 حزيران/ يونيو، وهي الزيارة الأولى لأحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي منذ الهجوم على "مافي مرمرة"، لحضور مؤتمر أكاديمي حول ترميم العلاقات، ينظر إليها على أنها مؤشر إلى أن المفاوضات، التي استمرت ثلاث سنوات لتطبيع العلاقات بين البلدين، قاربت على النجاح.
ويذكر الموقع أن كسينيا سيفوتلانا من الاتحاد الصهيوني قامت بزيارة إسطنبول لحضور مؤتمر مغلق حول إعادة العلاقات التركية الإسرائيلية، الذي حضره مسؤولون من وزارة الخارجية التركية، مشيرا إلى أن اللقاء بين قائد حركة حماس خالد مشغل والرئيس التركي رجب طيب
أردوغان في اسطنبول في 24 حزيران/ يونيو، اعتبر أنه للاطلاع على الوضع الحالي في فلسطين بشكل عام، وفي غزة بشكل خاص.
ويبين الكاتب أنه "بعد حوالي ست سنوات من شيطنة إسرائيل وأفعالها، ستواجه حكومة حزب العدالة والتنمية مهمة صعبة في إقناع مؤيديها بالحاجة لإعادة العلاقات مع إسرائيل، بغض النظر عن الأهمية الاستراتيجية لذلك".
ويقول بلجين للموقع: "أستطيع تفهم بأنه لا يمكن للدول أن تكون عاطفية، وأن لديها أسبابا لإقامة العلاقات مع الدول الأخرى، لكن استعادة العلاقات مع إسرائيل بشكلها الحالي ستكون إهانة لذكرى والدي وشهداء (مافي مرمرة) الآخرين".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن تبكوغلو لا تزال تأمل بأن يتدخل أردوغان بعدم السماح بعودة العلاقات في الظروف الحالية، حيث تقول: "عندما قابلنا الرئيس، قال لنا إن دماء شهداء (مافي مرمرة) مقدسة، آمل ألا يتنازل رئيسنا لإسرائيل بأي شكل من الأشكال، وألا يعقد معهم صفقة".