نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتبين وليام بوث وألين ناكاشيما، حول مقترحات للحكومة
الإسرائيلية لبناء
جزيرة صناعية في بحر
غزة، تحتوي على
مرفأ مائي لغزة، وربما تحتوي على فندق ومطار دولي أيضا.
وينقل التقرير عن وزير المخابرات الإسرائيلي إسرائيل كاتز، الذي يسوق الخطة، قوله إن الدولة اليهودية تبحث عن شركاء لتنفيذ المشروع الذي سيكلف 5 مليارات دولار، حيث ذكر كاتز السعوديين والصينيين بصفتهم متبنين محتملين للمشروع، وربما يتبناه رجل أعمال إسرائيلي مجهول، لكنه رفض تسمية أي شخص.
ويتساءل الكاتبان: "لماذا تبني السعودية جزيرة بمليارات الدولارات على بعد أميال من السواحل الإسرائيلية، في الوقت الذي ليست فيه علاقات بين البلدين؟ الجواب غير معروف".
وتذكر الصحيفة أن كاتز نفى أن يكون المشروع مجرد جزيرة خيالية، وقال إن الخطة يتم نقاشها داخل الحكومة الأمنية، حيث تحظى بتأييد كبير، وأضاف الوزير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "يبحث الخيار، لكنه لم يتخذ قرارا بعد"، مشيرا إلى أنه أطلع مسؤولين في الإدارة الأمريكية على المقترح.
ويشير التقرير إلى أن التصور الإسرائيلي للمرفأ هو أن يبنى على جزيرة اصطناعية، مساحتها أربعة أميال مربعة، وعلى بعد ثلاثة أميال من الشاطئ، حيث توصل به عن طريق جسر من مسربين، لافتا إلى أن الجسر في الخطة الإسرائيلية يعد مركزيا، حيث يسمح بفرض رقابة مشددة على الطريق إلى المرفأ.
ويقول الكاتبان إنه "يمكن للجسر أن يغلق خلال الأعمال العدوانية، ومع أن الإسرائيليين لا يقولون هذا، إلا أنه يمكن ضرب جزء من الجسر عن طريق غارة جوية خلال الحرب؛ لقطع الطريق إلى المرفأ".
وتلفت الصحيفة إلى أن المتشككين بالمشروع يقولون إنه مستحيل التحقيق، حيث يصفه الناقدون بأنه محاولة إسرائيلية لتخفيف الانتقادات؛ بسبب تعثر عملية السلام مع الفلسطينيين، والقيود المفروضة على تنقل الغزيين على مدى العقد المنصرم، منذ أن سيطرت حركة
حماس على قطاع غزة في 2007.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن ثلاث حروب وقعت بين حركة حماس وإسرائيل في السنوات السبع الماضية، حيث تعد إسرائيل وأمريكا حركة حماس منظمة إرهابية، ويقول سكان غزة أحيانا بأن حياتهم تشبه العيش في سجن مفتوح "بسبب الحصار".
ويذكر الكاتبان أن كاتز اعترف بأن كل ما هو موجود هو عبارة عن دراسة على الورق وبعض الرسومات، مستدركين بأنه تحدث عن المشروع بمصطلحات كبيرة، واصفا إياه بأنها الطريقة التي تحفظ بها إسرائيل أمنها، وتوفر لغزة منفذا إلى العالم.
وتنوه الصحيفة إلى أن الإسرائيليين لم يتحدثوا عن المشروع مع حركة حماس أو السلطة الفلسطينية، التي لديها سلطة اسمية على غزة، حيث قال كاتز إن فكرة بناء الجزيرة مرتبطة بجسر "كما رأينا في نيويورك فوق نهر هدسون"، في إشارة إلى جسر جورج واشنطن، الذي يصل طوله إلى ثلاثة أرباع الميل.
ويضيف وزير المخابرات أنه ستكون هناك نقطة تفتيش في منتصف الجسر، تديرها سلطات دولية، مشيرا إلى أن هذه الجزيرة لن تتبع لأي دولة، لكنها ستكون كيانا دوليا تحميه قوات دولية.
وبحسب التقرير، فإن كاتز لا يعلم أي سلطات دولية ستوافق على مثل هذه المهمة، لكنه اقترح حلف الناتو، مشيرا إلى أن إسرائيل تعد الأمم المتحدة مؤسسة معادية، بالرغم من وجود قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية والمصرية.
ويقول كاتز إن إسرائيل ستكون مسؤولة عن الأمن حول الجزيرة، وبحسب تصوره، فإن الجزيرة ستتضمن مرفآ للبضائع القادمة إلى غزة والخارجة منها، التي تمر حاليا من خلال معبر مع مصر مغلق معظم الوقت على مدى السنتين الماضيتين، ومعبرين آخرين مع إسرائيل، حيث تفرض إسرائيل قيودا على حركة الفلسطينيين، ولا يحصل الأشخاص من الفئات العمرية الأقل من خمسين عاما على تصاريح، إلا إذا كانوا بحاجة للعلاج، وتراقب إسرائيل عن كثب كل ما يدخل إلى غزة؛ خوفا من أن تستخدم المواد لصناعة الصواريخ أو بناء الأنفاق.
ويورد الكاتبان بأنه بحسب المقترح المطروح، فإنه يمكن للفلسطينيين السفر إلى الجزيرة، واستخدام المرفأ، بعد المرور بنقطة تفتيش، وقال كاتز إن هذه "ستكون البداية، وسنقيم محطة توليد كهرباء وتحلية مياه، وستكون هذه الجزيرة جزيرة مبادرات من الأشكال كلها"، مستدركين بأن الحكومة الإسرائيلية لا تنوي الإنفاق على أي من ذلك.
وتنقل الصحيفة عن نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيتمار يار، قوله عن المقترح: "يمكن فعل إنشاء هذه الجزيرة، وهي ليست خيالا"، لكنه أضاف أن هناك خيارات متاحة بتكلفة أقل، مثل جزر عائمة، أو خط بحري مباشر من قبرص، تضبط إسرائيل أمنه، أو المزيد من المعابر البرية.
ويتابع يار قائلا: "رفض الفلسطينيون الخطط كلها في وقتها، وقالوا إما نحصل على كل شي أو لا شيء، والطريق الوحيد الذي يوافقون فيه هو أن يكون الشحن مباشرا إلى غزة دون تفتيش أمني".
ويبين التقرير أن الفلسطينيين استجدوا سابقا للحصول على مرفأ صغير عادي على ساحل غزة، مثل المرافئ الموجودة في عشرات الجزر اليونانية، الذي يتسع لعبارة أو اثنتين وسفينتي شحن صغيرتين، حيث إن هناك 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، ويعتمد معظمهم على الدعم الغذائي من الأمم المتحدة، لافتا إلى قول كاتز إن مثل هذا المرفأ سيتحول بسرعة إلى مدخل لأنواع الأسلحة والإرهابيين.
ويورد الكاتبان نقلا عن مديرة "غيشا"، وهي منظمة حقوق إنسان تعنى بغزة، تانيا هاري، قولها لو كانت حكومة نتنياهو تريد حقا أن تساعد غزة، فإن هناك طرقا مباشرة أكثر وأقل تكلفة لدعم الاقتصاد وتقديم المساعدات، وتضيف هاري أن هناك سوقا لمنتجات غزة في إسرائيل وفي الضفة الغربية، لكن إسرائيل لا تمنح الرخص لنقل المنتوجات، وتساءلت: "ما هو الدافع لهذا الاقتراح؟".
ويقول كاتز إن الجيش الإسرائيلي يؤيد الفكرة، ويضيف: "الأمر الذي يميز هذه الفكرة هو أنها تجد الدعم من اليمين واليسار والوسط".
وتنقل الصحيفة عن الأستاذ في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة، قوله: "إن إنشاء مرفأ بحري ومطار سيساعد غزة على إنهاء الحصار، ويستطيع الناس السفر ويمكن التصدير والاستيراد بسهولة"، لكنه تساءل: "كيف يمكن أن تكون الفكرة عملية دون محادثات مع حركة حماس أو السلطة الفلسطينية؟"، وقال: "أنا متأكد بأنك لو تحدثت مع الناس العاديين في الشارع عن الفكرة، فإنهم سيقبلون بها، وسيكونون سعداء، حيث إنه بعد عشر سنوات من الحصار، وثلاث حروب، والمشكلات اليومية، يبحث الناس عن الأمل".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول أبو سعدة: "المشكلة في غزة سياسية في النهاية، والحل الأفضل هو إنهاء الاحتلال، وإعطاء الفلسطينيين دولة لهم في غزة والضفة، بحيث تكون مترابطة وقابلة للعيش".