ألقت نتيجة الاستفتاء البريطاني الأخير، بظلالها وتداعيتها المختلفة والكبيرة على العديد من القضايا الدولية، وتباينت آراء المحللين السياسيين حول تداعيات خروج بريطانيا من
الاتحاد الأوروبي على الاحتلال
الإسرائيلي، وما قد ينتج عنها من آثار سياسية تؤثر على
القضية الفلسطينية.
وصوتت بريطانيا عبر استفتاء عام أجري الخميس الماضي، لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بأغلبية 51.9 بالمئة.
ورأى النائب عن حزب "المعسكر الصهيوني" في "الكنيست" الإسرائيلي، نحمان شاي، أن الأزمة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي عقب قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد، والتي تهدد "بتفككه"، أمر "ينطوي على أثر سلبي بالنسبة لإسرائيل" بحسب إذاعة "صوت إسرائيل".
وأعرب شاي، خلال ندوة ثقافية عقدت السبت في بلدة "شوريش" بالداخل الفلسطيني المحتل، عن خشيته من أن "تفقد إسرائيل المزايا الخاصة التي تتمتع بها حاليا في إطار الاتحاد الأوروبي، والتي قد تلغى بسبب
انسحاب بريطانيا".
وأضاف: "من الناحية السياسية؛ قد ينال تفكك الاتحاد من مكانة ألمانيا التي تعد أبرز قوة مؤيدة لإسرائيل في أوروبا".
ورأت رئيسة حزب "ميريتس" زهافا غلؤون، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "سيرتكب خطأ فادحا إذا استغل الأزمة الراهنة في الاتحاد الأوروبي للتهرب من مواجهة التحدي السياسي المتمثل بتحقيق التسوية مع الجانب الفلسطيني"، بحسب الإذاعة الإسرائيلية.
الضعف السياسي
من جانبه؛ أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن علاقة التعاون بين بريطانيا و"إسرائيل" تمتاز بـ"العمق الاستراتيجي"، موضحا أن للقرار البريطاني "انعكاسات سياسية إيجابية في معظمها، إضافة لنتائج مقلقة من الناحية الاقتصادية، خاصة أن بريطانيا هي أكبر المستوردين أوروبيا من إسرائيل".
وقال لـ"
عربي21" إن "الضعف السياسي الذي سيلحق بالاتحاد الأوروبي، الناتج عن خروج بريطانيا؛ سيحد من ضغط الاتحاد على الاحتلال، وخاصة في قضايا الاستيطان ومقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية".
وحول تأثير القرار البريطاني على اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم أمريكا وروسيا والصين إضافة للاتحاد الأوروبي، أوضح أبو عواد أن اللجنة الرباعية "ستتحول إلى خماسية"، وهذا في حد ذاته "إضافة نوعية لصالح الاحتلال الإسرائيلي"، مرجعا ذلك إلى أن "بريطانيا تتماهى بشكل كبير مع توجهات الولايات المتحدة المنحازة إلى إسرائيل".
وأضاف أبو عواد: "غياب القوة السياسية الأوروبية المركزة على القضايا الخارجية؛ سيمنح إسرائيل قدرا أكبر من المناورة السياسية في العديد من القضايا، وحرية في العمل على الأرض الفلسطينية المحتلة (الاستيطان ومصادرة الأراضي) وفقا للأهداف الإسرائيلية".
اهتزازات المنظومة
من جهته؛ رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، أن القرار البريطاني "لا يعني انهيار الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن بريطانيا المؤيدة بشكل مطلق لإسرائيل؛ لم تكن عضوا مؤسسا في الاتحاد، وهو ما قد يمنح الأوروبيين فرصة لتقييم هذه التجربة، وإعادة تنظيم أنفسهم بما يمنحهم فاعلية وقوة أكبر".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "بريطانيا عملت طول الوقت على إجهاض فاعلية الدور الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، لا سيما بعض السياسيات والقرارات إزاء إسرائيل، مثل مقاطعة البضائع الإسرائيلية"، لافتا إلى أن خروج بريطانيا "قد ينعكس بشكل إيجابي على المبادرة الفرنسية للسلام، وتبنيها بشكل كبير".
واتفق شراب مع أبو عواد على أن علاقة الاحتلال مع بريطانيا تتميز بـ"قدر كبير من التحالفية والاستراتيجية"، موضحا أن "إسرائيل لن تتأثر كثيرا بانسحاب بريطانيا، بل سيدفع ذلك الاحتلال لتعميق علاقته بشكل أكبر معها، وذلك بما يخفف من الضغوطات التي يمارسها الاتحاد على إسرائيل" وفق تقديره.
وبيّن شراب أن العلاقات التجارية "الكبيرة التي تمتلكها أوروبا مع الاحتلال؛ تمنحها دورا في اللعب والتأثير على السياسة الإسرائيلية"، مؤكدا أن "أي اهتزازات في المنظومة الدولية أو الإقليمية؛ ستنعكس سلبا على القضية الفلسطينية، وتمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتصفية القضية الفلسطينية".