توالت تصريحات المسؤولين
الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة، عن مشاورات بين القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، لتوسيع مساحة الصيد في قطاع
غزة لتصبح تسعة أميال بحرية، بعدما كانت مقتصرة على ستة أميال قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة صيف عام 2014.
وكشف رئيس مجلس مستوطنات "أشكول" الأسبق، عضو الكنيست الحالي، حاييم يلين، في تصريحات يوم 18 آذار/ مارس الماضي، عن وجود مشاورات يجريها الجانب الإسرائيلي مع أطراف لم يسمها، تتعلق بتوسيع مساحة الصيد في غزة لتصل إلى تسعة أميال بحرية، مقابل نزع سلاح حركة حماس، وهو ما أكدته الإذاعة الإسرائيلية العامة في 25 من الشهر ذاته.
اتفاق شكلي
وقال رئيس نقابة الصيادين في غزة، نزار عياش، إن "الجانب الإسرائيلي أبلغنا في نيسان/ أبريل الماضي، بالموافقة على السماح للصيادين بالإبحار لمسافة تسعة أميال، في وسط قطاع غزة وجنوبه، أما ساحل مدينة غزة وشمالها؛ فلم يشملهما الاتفاق، بحجة اقترابهما من الحدود الساحلية لإسرائيل".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "بعد مرور قرابة الشهرين على زيادة مساحة الصيد المقررة بالاتفاق؛ لم يلتزم الجانب الإسرائيلي بشروطه، بل مارس كثيرا من المضايقات، واقتصرت مساحة الصيد المخصصة للصيادين منذ مطلع الشهر الحالي على الحدود السابقة والبالغة ستة أميال فقط".
وتعد مهنة الصيد من أهم المهن للفلسطينيين في قطاع غزة، فهناك أربعة آلاف صياد، يعيلون أكثر من 50 ألف نسمة، من خلال عملهم بشكل شبه يومي على صيد الأسماك.
من جهته؛ قال الصياد صلاح موسى إن "زيادة مساحة الصيد لم تحقق أي فائدة للصيادين، لأن المنطقة التي سمح بها الجانب الإسرائيلي لا يوجد فيها أسماك، لأنها منطقة رملية خالية من الصخور".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "مضايقات الجانب الإسرائيلي بحق الصيادين؛ لا تقتصر فقط على تقليص مساحة الصيد لمسافة ستة أميال، بل إنها تقلص المسافة إلى ثلاثة أميال، وتعرض الصيادين لحجز قواربهم لعدة أيام، واعتقال عدد كبير منهم، والتحقيق معهم دون إنذار".
وبين مركز "الميزان" لحقوق الإنسان في تقرير له مؤخرا، تزايد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين بشكل لافت هذا العام، مقارنة بالعام المنصرم، مؤكدا اعتقال ما يزيد على 65 صيادا منذ بدء العام حتى الأول من حزيران/ يونيو، منهم 10 أطفال كانوا على متن قارب صيد لمسافة 1.5 ميل من شواطئ غزة، مقارنة باعتقال 16 صيادا في الفترة نفسها من العام المنصرم.
ابتزاز المقاومة
بدوره؛ قال المحلل السياسي حسن عبدو، إن "تراجع الجانب الإسرائيلي عن قراره بتقليص مساحة الصيد؛ ينبع من رغبته في حرمان الفلسطينيين من إنجازات حققتها المقاومة بعد انتصارها في حرب 2014، حيث لم يرق للاحتلال أن يرى نتائج الحرب يجنيها الشعب الفلسطيني بعد فشله في إخضاع المقاومة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "البعد الأمني والسيادي كان حاضرا في أذهان القيادتين السياسية والعسكرية في "إسرائيل"، اللتين رأتا أن توسيع مساحة الصيد جعل وصول المقاومة لمنصات الغاز الإسرائيلية في البحر أمرا ممكنا، وهذا الأمر يشكل خطرا أمنيا على مستقبل إسرائيل ومصالحها في المنطقة".
وقال رئيس اللجنة الحكومية لمواجهة الحصار، علاء الدين البطة، إنه "ليس جديدا قيام
الاحتلال الإسرائيلي بالتنصل من الاتفاقيات المبرمة، فهذا أمر اعتاد عليه الشعب الفلسطيني".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "اللجنة الحكومية لمواجهة الحصار؛ قامت بدعوة عدد من منظمات المجتمع المدني والحقوقيين في العالم، لإطلاق حملة تضامن جديدة، للضغط على الجانب الإسرائيلي لتطبيق الاتفاق الخاص بحرية الصيد ضمن مسافة 20 ميلا".
وتنص اتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" عام 1993 على حق صيادي الأسماك في قطاع غزة، بالإبحار لمسافة 20 ميلا، بهدف صيد الأسماك، إلا أن ذلك الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ منذ عقد ونصف.