على الرغم من التزام
إسرائيل الرسمية، الصمت إزاء تأييد البريطانيين للانسحاب من
الاتحاد الأوروبي، فإن معظم المعلقين في تل أبيب أكدوا أن هذا القرار يخدم المصالح الإسرائيلية ويحسن هامش المناورة لدى نخب اليمين المتطرف الحاكمة.
وقال أودي سيغل، معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الثانية، إن أهم مصدر للارتياح في ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبقية دوائر صنع القرار في تل أبيب من نتائج الاستفتاء، تكمن في أن تداعيات هذه النتائج ستفضي عمليا إلى إسدال الستار على المبادرة الفرنسية.
وخلال تعليق له في برنامج "استوديو الجمعة"، الذي بثته القناة الليلة الماضية، اقتبس سيغل حديثا لمسؤولين في ديوان نتنياهو، قالوا فيه إن انشغال القادة الأوروبيين بتداعيات نتائج الاستفتاء في
بريطانيا سيقلص وبشكل كبير من الدافعية لدى أوروبا للانشغال بالمبادرة الفرنسية.
وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن تداعيات قرار البريطانيين سيجعل إسرائيل "في حل من مواصلة الاستثمار سياسيا ودبلوماسيا من أجل "إخراج الأوكسجين من جسد المبادرة الفرنسية"، مشيرين إلى أن نتنياهو بذل جهودا دبلوماسية كبيرة جدا من أجل تحقيق هذا الهدف.
وبحسب سيغل، فقد أعاد هؤلاء المسؤولون للأذهان "استنفار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لصالح إسرائيل وطرحه المبادرة المصرية التي تضمنها خطاب أسيوط، والتي هدفت بشكل خاص إلى تعطيل المبادرة الفرنسية".
من ناحيتها قالت إيالا حسون، مقدمة برنامج "المجلة"، الذي بثته قناة التلفزة العاشرة الليلة الماضية، إن أكثر ما يثير الارتياح في إسرائيل في التطور الأخير حقيقة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمهد لتفكيكه، مشيرة إلى أن الاعتقاد السائد في تل أبيب، هو أن الاتحاد الأوروبي "كمؤسسة تمثل الأوروبيين تبنى بشكل عام مواقف متعاطفة مع الفلسطينيين وتسبب بالحرج لإسرائيل".
وأشارت حسون إلى أن أكثر ما دلل على خطورة وجود الاتحاد الأوروبي على المصالح الإسرائيلية في نظر الائتلاف الحاكم في تل أبيب، هو قرار الاتحاد الأوروبي "تمييز البضائع التي أنتجت في المستوطنات، ودعم أوروبا لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية، وانتقادات الاتحاد المتكرر للبناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس".
من ناحيتها، قالت الصحافية موزال موعالم، إن إسرائيل تنطلق من افتراض مفاده أن إدارة العلاقات مع الدول الأوروبية منفردة، أفضل بكثير من إدارة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي كمؤسسة تمثل هذه الدول.
وخلال مشاركتها في برنامج "يومان"، الذي بثته قناة التفلزة الأولى مساء أمس، نوهت موعلام إلى أن هناك قناعة متجذرة لدى كل من ديوان نتنياهو ووزارة الخارجية في تل أبيب بأن الاعتبارات التي تحكم علاقات الدول الأوروبية بإسرائيل منفردة "أقل تشددا من الاعتبارات التي تحكم علاقات الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن كل الدول أوروبية تراعي جملة مصالح خاصة بها، بعكس ما هو عليه الحال لدى الاتحاد كمؤسسة تمثيلية لهذه الدول".
ولفت نداف إيال، معلق الشؤون الخارجية في قناة التلفزة العاشرة، إلى أن أحد أهم أسباب احتفاء اليمين الحاكم في تل أبيب بنتائج الاستطلاع، يتمثل في أنه يفضي إلى تعاظم تأثير أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا "التي تدعم بشكل عام مواقف
اليمين الإسرائيلي الحاكم، إلى جانب أن دعواتها لتفكيك الاتحاد الأوروبي تلتقي مع مصالح إسرائيل".
وأشار إيال، خلال مشاركته في برنامج "المجلة" الليلة الماضية، إلى أن إسرائيل ترتاج لتعاظم دور الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، بسبب موقفها المعادي من العرب والمسلمين، "ما أفضى إلى حدوث تقارب كبير بين هذه الأحزاب وأحزاب اليمين المتطرف التي تشكل حكومة نتنياهو".
وشدد إيال على أن نتنياهو يراهن على حدوث مزيد من التطور على العلاقات مع بريطانيا بعد تنحي رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، مشيرا إلى أنه على الرغم من إشادة نتنياهو بـ"صداقته لإسرائيل فإن خليفته المتوقع في رئاسة الحكومة بوريس جونسون، عمدة لندن السابق يعد مكسبا كبيرا لإسرائيل، وذلك بسبب مواقف جونسون المؤيدة بقوة لإسرائيل".