نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن، تقريرا حول
المسحراتي ميشيل أيوب في
عكا في شمال فلسطين، مشيرا إلى أنه يبدأ عمله في الساعة الثانية صباحا، حيث يحمل طبله، ويتجول في شوارع عكا المرصوفة القديمة.
وينقل التقرير عن أيوب قوله إنه بصفته مسحراتيا للمدينة فإن دوره تقليدي خلال شهر
رمضان المبارك، مستدركا بأنه ليس الشخص التقليدي للقيام بهذه المهمة، فهو مسيحي، ومع ذلك، فإن أيوب، البالغ من العمر 39 عاما، لا يرى تعارضا في ذلك، وكذلك يشعر السكان
المسلمون في هذه المدينة البحرية.
ويقول أيوب، الذي يلبس الثياب الشامية، ويضع الكوفية على كتفيه، ويلبس السروال الواسع التقليدي وعليه الزنار المطرز، بالإضافة إلى العمامة المؤلفة من لفة بيضاء على طربوش أسود، للموقع: "نحن عائلة واحدة، وهناك رب واحد، وليس هناك فرق بين المسيحيين والمسلمين".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هتافات أيوب ونداءه للنائمين: "اصح يا نايم وحد الدايم"، يخترقان صمت الشوارع الخالية المزينة بالقناديل الرمضانية، حيث تبدأ البيوت بإشعال الأنوار، والبعض يطلون من النوافذ لتحيته، ويقولون له إنهم سمعوا دعوته لهم للاستيقاظ لتناول السحور.
ويفيد الموقع بأن المسلمين يصومون خلال شهر رمضان المبارك من الفجر وحتى مغيب الشمس، ما يجعل السحور وجبة مهمة قبل يوم طويل من الصيام.
وينوه التقرير إلى أن سكان المدينة، البالغ عددهم 50 ألف نسمة، يتكونون من مسلمين ومسيحيين ويهود وبهائيين، حيث كانت هذه المدينة مسكونة منذ عهد الفينيقيين منذ 1500 عام قبل الميلاد، مشيرا إلى أنها شكلت المرفأ الرئيسي للمملكة الصليبية في القدس في العصور الوسطى، وكانت مدينة مسورة مهمة في العصر العثماني.
ويذكر الموقع أن نابليون حاول دخول المدينة المحصنة عام 1799، لكن العثمانيين قاموا بصده بمساعدة قوة بحرية بريطانية صغيرة، لافتا إلى أن المدينة القديمة بقلعتها ومساجدها وحماماتها مسجلة في قائمة مواقع التراث العالمي في مؤسسة اليونيسكو.
ويورد التقرير أن عكا اليوم جزء من إسرائيل، حيث سيطرت عليها خلال حرب 1948، التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل، حيث يشكل العرب حوالي 28% من السكان، ومعظمهم من المسلمين، ما عدا أقلية مسيحية.
ويقول الموقع إن وجود المسحراتي كان تقليدا قديما اختفى من عكا، حتى قام أيوب، الذي يعمل عادة في البناء، بإحيائه قبل 13 عاما، ويقول إن ذلك كان طريقته لإحياء تراث جده، حيث يشير إلى أن جده كان كاثوليكيا ملتزما، لكنه كان يستمع إلى القرآن كل جمعة خلال صلاة الجمعة.
ويقول أيوب إن ذلك ساعده على النشأة وهو يحمل فكرة التعايش والاحترام للأديان الأخرى، ويضيف أنه بقيامه بعمل المسحراتي، فإنه "يقوم بواجبه بمساعدة الإخوة المسلمين، الذين يتحملون الجوع والعطش خلال شهر الصيام".
وينقل التقرير عن صابرة عكر (19 عاما) قولها إنها "نشأت مع صوت ميشيل أيوب يوقظ الناس للسحور في رمضان"، وتضيف وهي تطل من نافذة بيتها أنه لو غاب أيوب يوما لما استيقظوا للسحور.
وبحسب الموقع، فإن صفية سويد (36 عاما) تخرج من بيتها، وتسأل إن كان بإمكانها أن تأخذ هي وأبناؤها صورة مع أيوب، وتقول: "من الرائع أن نرى شخصا ملتصقا بثقافتنا وتراثنا، وآمل بأن يستمر على ذلك كل عام".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن أيوب يحضر شخصا ليرث هذا التقليد حتى لا ينتهي عنده، حيث يصطحب معه أحمد الريحاوي (12 عاما) في مهمته الليلة، ويلبس ملابس تقليدية، ويقول عنه أيوب: "إنه مسحراتي واعد وموهوب".