نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن حلول شهر
رمضان في فصل الصيف الذي يجعل منه أياما صعبة للجالية المسلمة التي تمارس هذه الشعيرة الدينية. كما تحدثت الصحيفة عن كيفية تعامل البلدات القريبة من الدائرة القطبية
الشمالية، التي يصعب فيها التمييز بين الليل والنهار خلال المدة الفاصلة بين شهري أيار/ مايو وآب/ أغسطس.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "الليالي البيضاء" خلال رمضان، تجعل من الصيام عملا صعبا في القطب الشمالي، حيث أنه على مدى السنوات الماضية، أصبح شهر رمضان يتزامن مع فصل الصيف، الذي يكون فيه النهار أطول كثيرا من الليل.
وذكرت الصحيفة أن طول ساعات الصوم أصبح بمثابة التحدي بالنسبة للمسلمين في عموم
أوروبا، لكنه يكاد يكون مستحيلا بالنسبة للذين يعيشون في المناطق التي تقع في الدائرة القطبية الشمالية.
فخلال الفترة الفاصلة بين شهري أيار/ مايو وآب/ أغسطس، تشهد المناطق القريبة من الدائرة القطبية الشمالية ظاهرة "شمس منتصف الليل"، التي تستمر لمدة أيام حسب درجة قرب البلدة إلى القطب الشمالي، الأمر الذي يجعل من المستحيل معرفة الليل من النهار.
وبسبب اتباع التقويم القمري، فليس لشهر رمضان مواعيد ثابتة، ففي كل سنة يتقدم بمعدل 11 يوما.
وهذه الظاهرة ستتكرر أيضا في عام 2017، علما بأنه منذ ما يقارب 30 عاما، لم يتزامن شهر رمضان مع فصل الصيف. وفي ذلك الوقت، كان عدد
المسلمين الذين يعيشون في هذا الجزء من العالم، قليلا جدا.
ولكن الوضع تغير اليوم، كما أن تدفقات الهجرة الجديدة جعلت من عدد المسلمين الذين يعيشون في المناطق الشمالية من الأرض، في تزايد متواصل.
وأوردت الصحيفة أنه نظرا إلى غياب معيار موحد، اختار بعض المسلمين في السنوات الأخيرة اتباع ساعات الصيام في مكة المكرمة أو المدينة المنورة.
وفي المقابل، اختار البعض الآخر اتباع نفس ساعات الصيام في بعض العواصم الأوروبية التي هي أقرب إليهم، مثل ستوكهولم وأوسلو وهلسنكي، حيث تختفي الشمس فيها من الأفق، ولكن لبضع ساعات فقط. كما أن هناك من اقترح تأجيل شهر رمضان لمدة أسابيع حتى انتهاء هذه الظاهرة الطبيعية وتغيب الشمس من جديد.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاختلال الكبير في المعايير دفع العلماء المسلمين لإصدار قواعد مشتركة للمسلمين كي يتم التعرف على ما يجب القيام به في مثل هذه الحالات.
ونقلت الصحيفة قول المتحدث باسم الرابطة الإسلامية في السويد، محمد أمين خراقي، أن "الموضوع ليس سهلا، لذلك طلبنا من المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، البت في هذا الأمر".
وأوضحت الصحيفة أنه بعد سنوات من الدراسة، أصدر المجلس فتوى في عام 2015، تنص على أنه يجب على سكان المناطق الواقعة في أقصى القطب الشمالي بدء الصيام مع الجميع، ولكن مع تحديد وقت الصيام والإفطار بناء على آخر يوم كان فيه فرق واضح بين الليل والنهار في منطقتهم.
وبعد الكشف عن هذه الفتوى، قبل أيام قليلة من شهر رمضان؛ صرح الخراقي بأنه "هذه هي السنة الأولى التي كان لمسلمي هذه المناطق توجيهات واضحة بشأن ما يجب القيام به".
وقال أيضا: "من المهم جدا بالنسبة للمسلمين، معرفة أن هناك قاعدة واحدة توجههم، ليشعروا بالارتياح وبأنهم يتبعون الطريق الصحيحة".
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم ذلك، فإن بعض الناس يعتقدون أن ساعات الصيام في بلدان الشمال لا تزال طويلة، ما يجعل الصيام صعبا. فعلى سبيل المثال، في هذا العام، يصوم مسلمو ستوكهولم حوالي 20 ساعة.
وفي المقابل، يشعر البعض الآخر بالفخر عند تمكنه من أداء هذه الفريضة والصبر لمدة طويلة، الأمر الذي اعتبرته جميلة، وهي من أصول إريترية "تحديا حقيقيا".
وتقول جميلة إن "الصيام يساعد الأشخاص كي يصبحوا أكثر وعيا لكل النعم التي منحهم إياها الله"، كما أن الصيام يجعل من الأشخاص "أكثر وعيا بالأشخاص الذين يعيشون حياة صعبة".
وقالت الصحيفة إنه بتقدم الوقت سيتزامن شهر الصيام بعد عدة سنوات مع فصل الشتاء، ما سيساهم في انخفاض معدل ساعات الصيام. وربما، يفضل العديد الصيام في شهر الصيف مع القليل من الطعام، عن الصيام خلال الليالي السود التي لا نهاية لها من الظلام، خلال فصل الشتاء في هذه المنطقة من الكوكب.