تساءلت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، في تقرير حول جماعة الإخوان المسلمين في
مصر، قائلة: مع من تتصل إذا أردت التحدث إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة الإسلامية الرئيسية في مصر؟
ويشير التقرير إلى أن "معظم قادة الجماعة في السجن، والكثيرين منهم يواجهون حكم الإعدام، وهناك الذين اختبأوا من نظام عبد الفتاح
السيسي، الجنرال الذي أصبح رئيسا، وقام بالإطاحة بحكومة جماعة الإخوان المسلمين في عام 2013، وحظرها عندما اتهمها بالإرهاب، وهناك المئات الذين هربوا من قمع السيسي إلى دول متعاطفة معهم، مثل قطر وتركيا".
وترى المجلة أن ما زاد الأمور تعقيدا، هو اختلاف الإخوان المسلمين حول من يتحدث باسمهم، حيث إنه في نهاية العام الماضي، عزل عدد من قادة الجماعة المتحدث الصدامي، واسمه المستعار هو محمد منتصر، فيما رفض آخرون القرار، الذي قالوا إنه مخالف للتعليمات.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "الخلاف هو عرض لنزاع عميق داخل الجماعة، حول القيادة والأولويات، حيث إنه بعد 88 عاما من النشاط الديني والسياسي والاجتماعي، الذي ألهم بإنشاء جماعات مماثلة في المنطقة، فإن الجماعة تمزق نفسها".
وتلفت المجلة إلى أن هناك عددا كبيرا من أعضاء مجلس الجماعة القديم، المعروف باسم مجلس الإرشاد، مثل القائم بأعمال المرشد محمود عزت، والسكرتير العام محمود حسين، الذين يطلق عليهم "الحرس القديم"، وهؤلاء أعطوا نجاة الجماعة الأولوية، ودعوا إلى التغيير التدريجي للدولة، مستدركة بأن هناك عددا كبيرا من أعضاء الجماعة يريدون المواجهة، ويمثلون الآن "بجيل مع أنه لا يزال قديما"، بقادة مثل أحمد عبدالرحمن، الذي يرأس مكتب الإخوان في اسطنبول، ومحمد كمال، الذي جمد الحرس القديم عمله.
ويفيد التقرير بأنه كلما تحول بعض أعضاء الجماعة للعنف، بعد انقلاب السيسي، قام الحرس القديم بمعارضة هذا الفعل، والتلميح بأن الجانب الآخر لا يعارض
العنف.
وتنقل المجلة عن عمرو دراج، وهو أحد القياديين الذين يعيشون في اسطنبول، وهو يقف مع جناح المواجهة، قوله إن "جمود" الجماعة، في ظل القيادة القديمة، عامل يدفع الشباب نحو العنف، مشيرة إلى أن هناك من يتهم الحرس القديم بالتفاوض مع النظام، وهي تهمة ينفيها قادته.
ويعلق التقرير بأن النقاشات الدائرة داخل الجماعة اليوم هي صدى لما حدث في الماضي، في ظل القيادة الديكتاتورية لجمال عبد الناصر وأنور السادات.
وتقول المجلة إن "مؤسس الجماعة حسن البنا، فضل استخدام العنف في بعض الظروف، إلا أن الجماعة فضلت، طوال تاريخها الطويل، النهج السلمي، وحافظ قادتها في أثناء الثورة ضد حسني مبارك عام 2011، على حضور قليل، مع أن العديد من أفرادها انضموا إلى الاحتجاجات، وظهرت الخلافات بعد الانقلاب، الذي أطاح بحكومة مرسي، حيث رفض عناصر كثر تدريجية قادتهم".
ويورد التقرير نقلا عن القادة الجدد، قولهم إنهم يريدون إصلاح مركز عملية صناعة القرار، وتقوية دور المرأة والأعضاء الشباب، مستدركا بأن
الانقسام لا يظهر أنه قائم على الخطوط الجيلية، حيث إن الكثير من أعضاء الجماعة تعبوا من الطرفين، وتبادلوا الاتهامات فيما بينهم علنا، واتهم مثلا السيد حسين بتلقي دعم من تركيا، فيما يستحضر آخرون دماء الإخوان المسلمين لحشد الدعم، ويقول العضو السابق عبد الرحمن عياش إن "الخطاب المستخدم يعمل على الاستقطاب"، وإنه ليست هناك "فرصة لمصالحة".
وترى المجلة أن خلافات الجماعة تصب في صالح السيسي الراغب بسحقها، مستدركة بأن أفعاله، كما يقول بعض أعضاء الجماعة، تدفع الناس نحو التطرف، حيث إنه عندما احتد النقاش حول العنف العام الماضي، كتب أحد قادة الحرس القديم محمود غزلان ردا قويا، جاء فيه "قوتنا في سلميتنا"، وبعد أيام اعتقل مع شيخ نبذ العنف، وكلاهما يواجه حكم الإعدام.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول: "بناء عليه، فإن أعضاء الجماعة في مصر يتساءلون عما إذا كانت هناك طريقة أخرى لمواجهة نظام شرس كهذا".