يسجل الكاتب بيتر شوارتزستين في تقرير نشره موقع "ديلي بيست"، ردود فعل
المصريين على عيد ميلاد الملك الراحل فاروق، الذي حل في نهاية شهر شباط/ فبراير، متسائلا: هل جعل عبد الفتاح
السيسي المصريين يحنون لأيام
الملك فاروق؟
ويشير التقرير إلى أنه مع بدء يوم ميلاد الملك الراحل امتلأت صفحات "فيسبوك" بالتهاني، وكتبت مها أحمد: "عيد ميلاد سعيد يا صاحب الجلالة"، وكتبت أخرى: "الإسكندرية تفتقدك يا ملكنا العزيز".
ويلفت الموقع إلى أن التهاني والحنين للملك الراحل منذ زمن زادت مع ظهيرة ذلك اليوم، وكتبت أمريكية من أصول مصرية: "نفتقدك يا صاحب الجلالة، تمنينا لو بقيت"، وحصلت العبارة على كم هائل من المعجبين، وقالت: "لماذا تركتنا؟ لماذا لماذا لماذا؟".
ويعلق شوارتزستين بأنه بعد سنوات قليلة جلبت ثلاثة تغييرات للحكومة منذ عام 2011، فإن مصر تعيش حالة من الحنين إلى الماضي، مشيرا إلى أن المصريين يرون أن نظام عبد الفتاح السيسي فشل في محاولاته لإنعاش الاقتصاد، وقمع التمرد في شبه جزيرة سيناء.
ويستدرك التقرير بأنه مع زيادة مظاهر عدم الرضا بالوضع القائم هناك، فإن هناك تزايدا في الجنوح نحو تذكر السنوات التي سبقت الحكم الجمهوري.
ويقول الموقع إن الفعاليات والمنتديات المخصصة للعائلة الحاكمة السابقة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع، وهناك صفحة في "فيسبوك" لها 3.5 ملايين معجب، ويقوم الذين يحنون إلى العصر الذهبي للملكية بتبادل الصور والذكريات التي تعود إلى القرن التاسع عشر، وهناك حوالي 50 ألف شخص يتشاركون في صور مصر من نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
وينوه الكاتب إلى أن بعض الرموز والأمراء من العائلات التي ارتبطت بالملكية، يشعرون بالدهشة وعدم القدرة على استيعاب الاهتمام الحالي بالزمن الماضي والحنين له، ويرى الأمير عباس حلمي، الذي يعد من أبرز الشخصيات المرتبطة بالعائلة، أنها "حنين ليس في مكانه"، وذهب الأمير نجيب، الذي ينتمي إلى الدولة المملوكية قبل 800 عام، ولا علاقة له مباشرة مع العائلة المصرية الحاكمة، أبعد من ذلك، حيث يقول: "هناك بعد رومانسي لهذا كله، والفكرة عن العصر الذهبي فيها سذاجة".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه بالنسبة للكثير من المصريين، فإن الارتباط بزمن كانت الحياة فيه بسيطة، وكان مسار البلد فيه واعدا، أصبح البلسم الشافي وسط حالة من الفوضى.
ويقول شوارتزستين: "عندما كنت أغطي الأحداث التي تبعت الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013، دهشت لعمق الشعور الذي لا تزال بعض القطاعات من المصريين تحمله للملكية"، ويتذكر أن مدير نادي الكروكيت في هيوليوبوليس قال له: "أعد لي الملك".
ويورد الموقع أن الرئيس السيسي، الذي ينتمي للجيش ذاته، الذي أطاح بالملكية قبل 60 عاما، يبدو واعيا لما تمثله
الملكية وظروفها، ففي افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس الصيف الماضي، اختار السيسي أن يبحر في القناة الجديدة، مستخدما يختا ملكيا يعود إلى الخديوي إسماعيل، الذي سبق الملك فاروق بسنين، وهو أول من افتتح القناة الأصلية عام 1869.
ويشير التقرير إلى أن مصر منذ عهد البطالمة، الذين انحدروا من مقدونيا اليوم، التي أنشأها أحد جنرالات الإسكندر الأكبر، مرورا بالإمبراطورية الرومانية والفتح الإسلامي والمماليك، لم يحكمها طوال هذه العهود مصري الأصل، لافتا إلى أن حكامها الأتراك والألبان في القرن العشرين ليسوا استثناء.
ويبين الكاتب أن الملك فاروق كان آخر حاكم في سلسلة من الحكام الذين حكموا مصر مدة 150 عاما، وانتموا للسلالة التي أنشأها الجنرال الألباني في الجيش العثماني محمد علي عميد عائلة فقدت طريقها، ويصف عباس حلمي الملك فاروق بالرجل الذي كان "يتحدث اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية بركاكة"، وبأنه قاد حكما سيطرت فيه مجموعة من ملاك الأراضي على وادي النيل الخصيب، مشيرا إلى أن أكبر التهم الفاضحة التي وجهت إليه أنه كان جشعا، ولم يزود الجيش المصري إلا بأسلحة فاسدة، كانت سببا في أدائه الفقير أثناء حرب 1948.
ويستدرك الموقع بأن الداعمين للملكية يرون أن هذا كله تضليل مارسته حكومة الضباط الأحرار، بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر، الذي حكم مصر لعقدين من الزمان، بعدما أبحر الملك فاروق إلى المنفى في إيطاليا.
ويذكر التقرير أن عبد الناصر خلف جنرالات أصبحوا رؤساء، باستثناء مرحلة قصيرة بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك في عام 2011، وقبل أن يصل الحاكم الحالي إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 2013.
وينقل شوارتزستين عن دعاة الملكية، قولهم إنه مع أن الملك كان غير مناسب للوظيفة، وغادر البلاد، وترك الناس، كما يقول المؤرخ محمود سبيت الذي كان والده أحد أقارب الملك، وأن والد فاروق، الملك فؤاد، لم يكن يتحدث العربية مطلقا، ومرر دستورا أعطى الملك سلطات واسعة، إلا أنه يجب عدم التعميم على عائلة قدمت الكثير من الخدمات لمصر، كما يقول حلمي، ففي عهد العائلة تحولت مصر من ولاية عثمانية مهملة إلى دولة قوية أجبرت الإمبراطورية البريطانية على الحد من نفوذها في القرن التاسع عشر.
ويورد الموقع نقلا عن حلمي، قوله: "لا أستطيع أن أتحدث نيابة عن الناس، لكننا قمنا بجهود جبارة، أخرجت البلد من القرون الوسطى"، مشيرا إلى أن حلمي يكن احتراما لمؤسس الدولة محمد علي باشا، الذي "أقام بلدا تحول إلى نموذج في سنوات قليلة، وفي ظل محمد علي أصبحت مصر -بعد بريطانيا- الدولة التي أنشأت سكك الحديد والقطارات ونظام البرقية، وكانت من أوائل الدول التي أقامت نظاما بريديا".
ويفيد التقرير بأن إرث خلفه لم يكن أفضل منه، فقد أفلس الخديوي إسماعيل خزينة البلاد، عندما حاول إظهار البذخ أمام المشاركين في حفل افتتاح قناة السويس، مستدركا بأن ما يهم هو أن سلوك حكام مصر المعاصرين أدى إلى تحسين صورة الملكية، الذين تبدو سلبياتهم حسنات، مقارنة بأعمال حكام مصر اليوم.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن هناك في مصر من يحن إلى ملكية دستورية، ومن بين المرشحين المؤهلين نجل الملك فاروق أحمد فاروق، الذي حكم مصر وهو طفل لمدة 11 شهرا، بعد تنحي والده، ويعيش اليوم في إيطاليا، ومنحه السيسي جواز سفر يشير فيه إلى أن مهنته هي "ملك سابق".