قال جيش الإسلام، وهو أحد فصائل المعارضة المسلحة الرئيسية في سوريا، الجمعة، إن الحكومة تحشد قواتها بهدف السيطرة على مزيد من الأراضي، واعتبر أن اتفاق
الهدنة غير ممكن في ظل استمرار هجمات دمشق وحلفائها، في إشارة لمخاطر تهدد الاتفاق الذي أبطأ وتيرة القتال.
وتمثل تعليقات جيش الإسلام الذي يلعب دورا بارزا في
المعارضة السورية تحديا للحكومات الأجنبية التي تأمل في أن يتيح "اتفاق وقف الأعمال القتالية" فرصة لاستئناف محادثات السلام في وقت لاحق الأسبوع المقبل.
ويبدو أن موقف المعارضة السورية يتناقض مع مواقف الغرب الداعم لها بشأن نجاح الهدنة. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين سمع من قادة أوروبيين ترحيبهم بما يبدو أنه صمود للهدنة الهشة، وقالوا إن من الضروري استغلالها لمحاولة تحقيق السلام بدون الرئيس بشار الأسد.
وساهمت الهدنة التي بدأت يوم السبت في إبطاء وتيرة الحرب في سوريا، لكن معارضين ممن يقاتلون ضد الأسد يقولون إن القوات الحكومية لم تكف عن مهاجمة خطوط أمامية لها أهمية استراتيجية في شمال غرب سوريا. ولم تعلن المعارضة حتى الآن موقفها من حضور مباحثات السلام المقررة في جنيف يوم الأربعاء المقبل.
ويقول الأسد الذي تعزز وضع قواته بفضل خمسة أشهر من الغارات الجوية الروسية، إن الجيش يحترم الاتفاق. ولا يشمل الاتفاق جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة ولا
تنظيم الدولة، إذ تعهدت موسكو ودمشق بمواصلة الحرب عليهما.
ولجبهة النصرة حضور قوي في غرب سوريا، حيث تتداخل مع فصائل وافقت على اتفاق الهدنة وهي فصائل يصفها الغرب بالمعتدلة. ولم تتحدث وسائل الإعلام السورية بشكل يذكر عن العمليات في غرب البلاد منذ بدء سريان اتفاق الهدنة.
وقال محمد علوش، رئيس المكتب السياسي لجيش الإسلام، إن "خروقات كبيرة من جهة النظام" قد سمحت له بالاستيلاء على مناطق جديدة "واستخدام كافة أنواع السلاح لاسيما الطيران والبراميل المتفجرة في بعض المناطق، وحشود لاحتلال مناطق استراتيجية مهمة جدا".
وقال جيش الإسلام في بيان منفصل: "بالنسبة لنا لم تتوقف الحرب عمليا على الأرض في ظل هذه الانتهاكات، أما في حال تمت الهدنة فهي فرصة لإعادة بناء المجتمع والإنسان حيث حاولت آلة الحرب تدميرهما".
وقال زعيم جماعة مسلحة أخرى، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن نحو 40 مركبة عسكرية محملة بأسلحة شوهدت تتقدم صوب الشمال مساء الخميس.
وقال القيادي الذي التزمت جماعته أيضا باتفاق وقف الأعمال القتالية، إن القوات الحكومية تنقل قوات من مكان لآخر وتجهز لعمليات.
لم تتوقف الحرب
والاتفاق هو الأول من نوعه في الصراع الذي أودى بحياة قرابة ربع مليون شخص، وخلق أزمات لجوء في الشرق الأوسط وأوروبا.
ويوم الخميس قال ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، إن وقف إطلاق النار صامد بشكل عام لكنه ما زال هشا. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، أيضا، إنه لم ترد انتهاكات مهمة للاتفاق خلال الساعات الأربع والعشرين السابقة.
وقال الأسد في وقت سابق هذا الأسبوع إن المعارضة المسلحة انتهكت الاتفاق منذ اليوم الأول، وإن الجيش السوري يتحلى بضبط النفس بغرض توفير فرصة لنجاح الاتفاق.
وقال زعيم الجماعة المسلحة الثانية، إن العمليات التي تقوم بها القوات الحكومية ركزت على حمص وخاصة في المناطق الساحلية، بينما تشهد حلب هدوءا نسبيا وهي التي كانت هدفا لهجوم القوات الحكومية منذ نحو شهر.
ويسود الهدوء معظم المناطق في جنوب سوريا وبينها مناطق قرب الحدود الأردنية رغم أن متحدثا باسم المعارضة قال إن القوات الحكومية تقوم بتحركات. وقال أبو الغياث الشامي من جماعة "ألوية سيف الشام"، إن الهدنة إذا انتهت فسيكون بوسع القوات الحكومية مهاجمة عدد من المناطق على الفور.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات حربية نفذت ضربتين يوم الجمعة على مشارف دوما شمال شرقي دمشق للمرة الأولى منذ سريان اتفاق وقف الأعمال القتالية، ولم يحدد المرصد على الفور إن كانت الطائرات روسية أم سورية.
وبدعم من سلاح الجو الروسي ومقاتلين من إيران وحزب الله اللبناني، سيطرت القوات الحكومية على مناطق مهمة على حساب المعارضة منذ بداية العام الحالي خاصة في غرب سوريا قرب الحدود تركيا والأردن.
وسعى دي ميستورا لعقد مباحثات سلام قبل شهر لكنها انهارت حتى قبل أن تبدأ.
ودعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا المعارضة السورية لحضور المباحثات لكنها حذرت من أن المفاوضات لن تنجح إلا إذا سُمح بوصول المساعدات الإنسانية واحترام الهدنة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرو، للصحفيين في باريس: "إذا لم يتحقق هذان الشرطان فسيحكم على عملية التفاوض بالفشل وهو ما لا نريده".
روسيا ملتزمة بالهدنة
وتقول الهيئة العليا للتفاوض التي تمثل فصائل معارضة، إن مطالب بوصول المساعدات الإنسانية لم تتحقق حتى الآن رغم أنها اعتبرت من شروط عقد مباحثات السلام. وتشمل هذه الشروط حرية دخول المساعدات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتحاصرها القوات الحكومية، وكذلك إطلاق سراح المعتقلين.
وقال علوش، إن تسليم مساعدات لمناطق تحت سيطرة المعارضة خلال الأيام الماضية "لا تكفي عشرة في المائة من الحاجات المطلوبة، وأكثر المناطق لم يدخلها شيء".
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن بوتين أكد في اتصال هاتفي جمع أيضا قادة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا التزام بلاده بالهدنة.
وتريد دول غربية أن يرحل الأسد عن السلطة بينما تسانده روسيا.
وقالت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إنهم أبلغوا بوتين بضرورة استغلال الهدنة لتحقيق سلام دائم بدون الأسد.
وقالت للصحفيين: "أهم ما أكد عليه القادة الأوروبيون لبوتين في الاتصال هو ترحيبهم بحقيقة ما يبدو من صمود لهذه الهدنة الهشة".
وأضافت حين سئلت عن رد بوتين، إنها لم تكن مناقشة تفصيلية بشأن الرئيس السوري.
وقالت: "نعرف جميعا أن هذه واحدة من أكثر النقاط تعقيدا"، مضيفة أن كاميرون "شدد على أهمية انتقال السلطة من الأسد إلى حكومة... يمكنها تمثيل الطوائف الموجودة في عموم سوريا".
وقال الكرملين إن القادة اتفقوا على أن اتفاق وقف الأعمال القتالية بدأ في تحقيق نتائج إيجابية ومهد الطريق لتسوية سياسية.
وقال الكرملين: "الاتفاق الروسي الأمريكي الذي حظي بدعم مجلس الأمن كان محل إشادة كبيرة. تم خلال الاتصال التأكيد على أهمية الاستمرار دون أي مساومات في الحرب ضد تنظيم الدولة وجبهة النصرة وغيرهما من الجماعات الإرهابية".