نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده الكاتبان إريكا سولومون وسام جونز، تحدثا فيه عن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على كل من
تركيا والسعودية؛ لمنع تدخلهما العسكري في
سوريا، إن فشل وقف إطلاق النار، بحسب ما اتفق عليه في مؤتمر ميونيخ الجمعة الماضية.
ويقول الكاتبان إنه على الرغم من الإحباط الكبير الذي يسود دول الإقليم من المواقف التي عبرت عنها واشنطن تجاه الأزمة السورية، إلا أن إدارة باراك أوباما والدول الغربية قلقه من تصعيد الأزمة العسكرية ومواجهة خطيرة مع روسيا.
وينقل التقرير عن دبلوماسي في حلف الناتو، قوله: "هل سننشر قوات هناك؟ لا إن كان الأمر بحسب ما نرغب"، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تخشى فيه كل من أنقرة والرياض التدخل عسكريا دون غطاء أمريكي، إلا أنهما غاضبتان مما ترياه فشلا أمريكيا واضحا لتبني موقف أكثر حسما من نظام بشار الأسد.
وتورد الصحيفة نقلا عن دبلوماسيين غربيين قولهما إن تركيا تريد إقامة منطقة آمنة قرب حدودها، "تمتد على عدة كيلومترات في قلب الأراضي السورية"، التي ستسمح لتركيا بمراقبة ومنع توسع المليشيات الكردية في شمال سوريا، وستعطي المنطقة الآمنة مساحة للراحة والتحرك لجماعات المعارضة السورية المعتدلة، التي تتعرض الآن لهجمات النظام والقوى المتحالفة معه وبغطاء جوي روسي، خاصة في شرق حلب.
ويشير الكاتبان إلى أن عددا من قادة المعارضة السورية المعتدلة عقدوا لقاءات مع القادة العسكريين الأتراك في العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول في الأيام الأخيرة، ويعتقد أن الجماعات السورية تعمل على تشكيل "تحالف إسلامي" سينشر في شمال سوريا.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن احتمالا بقيام دولة عضو في الناتو بنشر قوات في مسرح عسكري يشهد تنافسا وتنشط فيه القوات الروسية، أمر يثير القلق لمعظم أعضاء الحلف، ويقول تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط، إن "سوريا تخرج عن السيطرة"، وأضاف أن "الوضع في الشمال يحتمل إمكانية تحويل مسار الأزمة السورية بالكامل".
وتستدرك الصحيفة بأنه مع ذلك، فإنه من المستبعد أن تتدخل تركيا بشكل مباشر دون موافقة أمريكية، لكنها تواصل نقل المقاتلين عبر حدودها إلى ساحة المعركة، ففي ليلة الخميس اجتاز مئات من المقاتلين الحدود قرب المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، مشيرة إلى أنه في الوقت ذاته فإن
السعودية تشعر بأنها تخسر التأثير بشكل متزايد في الساحة السورية، وكذلك في محادثات السلام لصالح الند
الإيراني.
ويعرض الكاتبان لوجهة نظر دبلوماسي في المنطقة يرى أن الرياض تتعامل مع نشر قوات في سوريا على أنه شرط للحفاظ على تأثيرها، ليس في سوريا فقط، ولكن في واشنطن أيضا، لافتين إلى أن إعلان الرياض عن تحالف مكون من 35 دولة مسلمة كان رسالة واضحة لإيران، وبدأت مناورات عسكرية غير مسبوقة شاركت فيها 200 دولة، تضم دول الخليج والسودان ومصر والمغرب والأردن ونيجيريا وماليزيا.
وينقل التقرير عن مسؤولين قولهم إن السعوديين يفكرون بشن عملية في جنوب شرق سوريا قرب الحدود مع الأردن، بدلا من الشمال السوري، وبمشاركة قوات أردنية. وبحسب مسؤولين سعوديين بارزين، فقد اقترح الأردن نشر قوات خاصة قرب معبر التنف العام الماضي، وقال زعماء العشائر إن السعودية قامت بعمليات استطلاعية في المنطقة.
وتذكر الصحيفة أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أعلن بشكل علني أنه لن تتم مشاركة سعودية أو إماراتية دون مظلة الولايات المتحدة. وقال المسؤول الإعلامي في وزارة الدفاع الأمريكي بيتر كوك يوم الثلاثاء: "ستراقب (أمريكا) الوضع عن كثب، فيما يتعلق بتطبيق بنود وقف إطلاق النار ومن سيلتزم به، وسترد إن اقتضى الأمر".
ويستدرك الكاتبان بأن الولايات المتحدة معنية بمواصلة العمليات ضد تنظيم الدولة، حيث أقر البيت الأبيض زيادة "ملحوظة" في عدد القوات الأمريكية الخاصة، مشيرين إلى أن هناك إمكانية لزيادة دعم المعارضة السورية المعتدلة بالسلاح.
ويفيد التقرير بأن مراقبين لاحظوا زيادة في الصواريخ المضادة للدبابات وصلت للمعارضة في الأسابيع التي تلت التدخل الروسي نهاية أيلول/ سبتمبر، ويقول المقاتلون إنهم ينتظرون أسلحة جديدة، وتشمل قذائف هاون وصواريخ متقدمة.
وتورد الصحيفة أن مسؤولا غربيا بارزا يقول إن "إجبار روسيا على دفع ثمن غال هو المفتاح لهذا كله، لكن من الصعب معرفة كيف نقوم بعمل هذا"، ويضيف: "ليس وقف إطلاق النار"، و"لكنه ليس واضحا".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن عدة دول تشك في إمكانية وقف إطلاق النار وتطبيقه، وترى أن هناك حاجة إلى خطة بديلة، وعندما سئل مسؤول آخر في مؤتمر ميونيخ عن رأيه باتفاق وقف إطلاق النار، "ضحك".