وصف المعلق الأمريكي ديفيد إغناطيوس في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، النزاع في
سوريا، بأنه وصل إلى النقطة الحرجة.
ويقول إغناطيوس إن "لوم الرئيس الأمريكي على أخطائه الماضية فيما يتعلق بسوريا قد يرضي النفس، وهو يستحق اللوم، لكن هذا ليس سياسة"، واصفا الحرب في سوريا بأنها "أعقد ميدان حرب شهده العالم منذ عقود، وعلى الولايات المتحدة وحلفائها التفكير مليا في أي خطوة سيتخذونها".
ويدعو الكاتب الولايات المتحدة إلى التحرك نحو تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصل إليه وزير الخارجية جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي في ميونيخ، ويقول: "نعم إنها محاولة صعبة، وتعتمد على (حسن نية)
روسيا، لكنها تقدم فرصة لإنهاء معاناة الشعب السوري، وتحمي الأرواح، ويجب محاولة تطبيق الاتفاق، وفي حالة فشل الدبلوماسية، فما سيأتي بعد سيكون سيئا على الجميع".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن سفير دولة الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، قوله: "إنها اللعبة المتوفرة الآن"، في وصف لدبلوماسية كيري، وأضاف العتيبة: "لا أرى استراتيجية أخرى" غير ما يقوم به كيري.
وتجد الصحيفة أنه في حال واصلت روسيا خرقها لوقف إطلاق النار، واستمرت بقصف المدنيين، فإنه ينبغي على واشنطن وحلفائها تركيز غضب المجتمع الدولي على روسيا، ويقول إغناطيوس إنه "قد يكون كيري متفائلا إلى حد الإفراط عندما توصل إلى اتفاق ميونيخ، لكن الروس وقعوا عليه، ويحب أن يكونوا مسؤولين في حال فشله".
ويشير الكاتب إلى أنه "في الكابوس السوري، فإن أي خطوة صغيرة تعد إنجازا، ولهذا علينا ألا نتجاهل ما جرى من إرسال مواد الإغاثة إلى خمس مناطق محاصرة قرب دمشق، خاصة أن المساعدة الإنسانية هي جزء من اتفاقية ميونيخ، وقال المسؤولون الأمريكيون إن بعض القوافل تحركت داخل بعض البلدات يوم الأربعاء، وهي خطوة أولى وهشة تجاه تخفيف التصعيد، لكنها علامة إيجابية".
ويرى إغناطيوس أن "وقف العمليات العدائية، التي تفاوض حوله كيري، كان يجب أن يسري مفعوله يوم الجمعة، لكنه لن يبدأ، والسبب هو أن الروس واصلوا غاراتهم، ولأن المعارضة السورية قالت، وبوضوح، إنها لن تستسلم بعد، ولأنها ضعيفة في فهم ترددها للموافقة على الهدنة، لكنه أمر غير صحيح، فيجب انتهاز أي فرصة لتقليل حدة العنف، ولفتح مجال للنقاش السياسي".
ويذهب الكاتب إلى أن "المعركة حول حلب هي فوضى وخليط من مقاتلين وقوى أجنبية، ففي منطقة صغيرة هناك القوات التابعة للنظام، التي تلقى دعما من الروس وإيران، وهناك المقاتلون الأكراد، الذين تدعمهم الولايات المتحدة، وتقوم
تركيا بقصف الأكراد، وهناك المقاتلون السوريون، الذين تدعمهم السعودية والمخابرات الأمريكية، بالإضافة إلى جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها، وأخيرا تنظيم الدولة، الذي يريد التخلص من الجميع".
ويعتقد إغناطيوس أن "الوقف الكامل للأعمال العدائية شبه مستحيل، وهذا ليس لأن كيري وضع ثقته الكاملة بالروس، لكن يجب على الجماعات المقاتلة أن تنظم نفسها، فالمقاتلون سيصوتون بأقدامهم من خلال التحالف إما مع جبهة النصرة أو تنظيم الدولة. ويجب على السعودية أن تضغط على (المعتدلين)، وتقنعهم بالموافقة على دعم وقف النار بعيدا عن الإرهابيين، وفي حال استمر قصف الروس للمقاتلين حول حلب، بحسب ما يريدون، فإنهم سيقضون على أي أمل لهدنة، وهنا علينا لوم روسيا إن وقفت أمام تخفيف العنف".
ويفيد التقرير بأن "الولايات المتحدة لديها النفوذ العسكري والتفوق على روسيا كي تتقدم إلى الأمام، وهذا قادم، خاصة بعد عرض كل من السعودية والإمارات العربية إرسال قوات خاصة إلى سوريا تحت قيادة أمريكية كاملة، وهناك مناقشة جارية للاتفاق على التفاصيل، إلا أن الإمارات لديها استعداد لتدريب المقاتلين السوريين في المعارضة لنظام بشار
الأسد، وهو ما يغطي ثغرة في الاستراتيجية الأمريكية، وقد تكون هذه القوات جزءا من الهجوم على تنظيم الدولة في الرقة".
وتلفت الصحيفة إلى أن الحملة ضد تنظيم الدولة تتواصل، ولا يزال حلفاء أمريكا فيها هم عناصر ما يطلق عليها قوات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وتمت إعادة تسميتها تحت اسم "قوات سوريا الديمقراطية".
ويكشف الكاتب عن أنه في هذا الأسبوع تحرك ستة آلاف مقاتل للهجوم على الشدادي، وهي بلدة تبعد 50 ميلا عن الرقة، مشيرا إلى أن القوة تضم 2500 من أبناء العشائر العربية، الذين يبلغ عددهم سبعة آلاف من مجمل عدد قوات سوريا الديمقراطية، الذي يقدر بـ 40 ألف مقاتل. ويشير إلى الموقف التركي من الأكراد، حيث قررت أنقرة قصف وحدات حماية الشعب التي تعدها إرهابية.
ويخلص إغناطيوس إلى أن "النزاع السوري وصل إلى مرحلة حرجة وحساسة، وسيكون أي خطأ من تركيا أو روسيا كارثيا، ولم يفت الوقت كي تقوم الولايات المتحدة بعمل ما هو صحيح: بناء إطار سياسي وعسكري لسوريا الجديدة".