كشفت صحيفة "التايمز" عن سياسة
تمييز عنصري خفية، تمارس ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، وذلك من خلال إسكانهم في بيوت يكون لون مدخلها أحمر، وهو ما يجعلهم عرضة للهجمات الإرهابية.
ويشير التقرير إلى أن اللون يسهل تحديد طبيعة المقيمين في البيت، الأمر الذي كان سببا في عدد من الهجمات
العنصرية. وقارن نائب سابق اللون الأحمر، الذي ميزت به بيوت في أحياء فقيرة في مدينة
ميدلزبرة، بالنجوم الصفراء التي أجبر
النازيون اليهود على حملها.
وتبين الصحيفة أن البيوت تعود إلى رجل أعمال ومالك عقارات معروف، وهو ستيوارت مونك، الذي ورد اسمه في قائمة أثرياء
بريطانيا، التي تعدها كل عام صحيفة "صندي تايمز"، وقدرت ثروته بحوالي 175 مليون جنيه إسترليني، وتتعامل شركته "جومسات" مع شركة "جي4أس" المتعاقدة مع وزارة الداخلية البريطانية؛ لتوفير الإسكان لطالبي اللجوء في شمال شرق إنجلترا.
وينقل التقرير عن لاجئين قولهم في عدد من العناوين حول مدينة ميدلزبرة، إن الأبواب الحمراء، التي تستخدمها شركة "جومسات" تعد هدفا سهلا لهجوم العنصريين، وتحدثوا عن حوادث تم فيها رمي براز الكلاب على أبوابهم ونوافذهم، بالإضافة إلى البيض والحجارة التي قذفت على النوافذ.
وتورد الصحيفة أن أحدهم رسم شعار الجبهة القومية العنصرية على باب أحد المهاجرين. وفي داخل أحد البيوت جلست سيدة القرفصاء عندما أخذ عنصريون يهتفون ويرمونها بالشتائم العنصرية.
وينقل التقرير عن لاجئ قوله: "لقد وضعونا خلف بيوت لون مدخلها أحمر، وعندما يشاهدها أي شخص يعرف أن من فيها هو طالب لجوء، وكأنهم يقولون لنا نحن لا نشبهكم".
وتذكر الصحيفة أن وزير الهجرة جيمس بروكينشاير عبر عن قلقه من نتائج تحقيق الصحيفة، وأمر بتحقيق في عملية إسكان طالبي اللجوء في مناطق شمال شرق إنجلترا. ونفت شركتا "جومسات" و"جي4أس"، المسؤولتان عن توفير الحماية والأمن لطالبي اللجوء، وعدم تعريضهما للخطر، إسكان معظم طالبي اللجوء السياسي في مدينة ميدلزبرة في بيوت مداخلها ذات لون أحمر.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مدير شركة "جي4أس" نفى الأسبوع الماضي "وجود سياسة كهذه". وقال إن نسبة أقل من 20% من العقارات التابعة لـ"جومسات" تستخدم لإسكان المهاجرين.
ولكن تحقيق الصحيفة وجد أن من بين 168 بيتا زارتها في اثنين من أفقر أحياء ميدلزبرة هناك 155 بابها الرئيسي لونه أحمر. وعندما تحدث مراسل الصحيفة مع سكان 66 بيتا، وجد أن فيها سكانا من 22 جنسية، ووجد أن البيوت التي لا يسكنها طالبو لجوء، يسكن أحدها طالب لجوء سابق، واثنان يسكنهما مواطنان بريطانيان. ويشعر اللاجؤون بالإهانة من هذه السياسة، وقاموا بطلي مداخل بيوتهم بالأبيض. وقالوا إن موظفا من "جومسات" سأل في زيارة عن سبب تغيير لون الباب، معلقا بأن هذا ضد سياسة الشركة.
ويفيد التقرير بأن مدافعين عن حقوق طالبي اللجوء السياسي عبروا عن قلقهم من هذه السياسة، وتحدثوا مع الشركتين المنوط بهما توفير الأمن والسكن لطالبي اللجوء الهاربين من الحروب والكراهية. وقيل لهم إن لون الباب الأحمر مهم؛ من أجل زيارة موظفيهم للعنوان الصحيح.
وتورد الصحيفة نقلا عن ناشطين قولهم إن مسؤولين من وزارة الداخلية حضروا اجتماعين، عبر فيهما طالبو اللجوء عن مخاوفهم من لون أبواب بيوتهم.
وينقل التقرير عن مسؤولين في الوزارة قولهم إن شركة "جي4أس" قامت بالتحقيق في الأمر، وتوصلت إلى عدم وجود سياسة من هذا النوع، ولكن وزير الهجرة بروكينشاير قال يوم أمس: "نتوقع أفضل الخدمات من المتعهدين، ولو وجدنا أي دليل عن التمييز العنصري ضد طالبي اللجوء، فسنتعامل معه حالا".
وبحسب الصحيفة، فقد قالت شركة "جي4أس" إنها لم تتلق شكاوى من أي طالب لجوء، وإن شركة "جومسات" أخبرتها أنها لا تفرق بين العقارات التي تؤجرها عبر عقود خاصة مع عائلات، أو تلك المخصصة لطالبي اللجوء.
وينوه التقرير إلى أن مدينة ميدلزبرة فيها أكبر تجمع من طالبي اللجوء، حيث يوجد طالب لجوء واحد بين 175 مواطنا فيها، وهي المدينة الوحيدة التي تخرق تعليمات وزارة الداخلية القاضية بإسكان لاجئ لكل 200 مواطن.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن طالبة لجوء ألبانية اسمها ريدة كولاني وصفت الحياة في واحد من البيوت التابعة لشركة مونك، حيث قالت إنها عاشت معاناة يومية وتحرشات من مراهقين كانوا "يطرقون الباب ويقذفون الحجارة على النوافذ، وكانوا يصرخون ويستخدمون كلمات وقحة".