كتب ريتشارد هول في موقع "غلوبال بوست" عن معاناة اللاجئين السوريين في
لبنان، وقال إنهم أجبروا على العيش بسرية وتحت الأرض.
ويقول هول: "كان عبد الله يعيش في معسكر من الخيام غير الرسمية، مخصص للاجئين السوريين، عندما داهم 300 جندي المخيم قرب حلبا في شمال لبنان. وتعرض عبد الله للصفع والركل وتم تقييده والتحقيق معه حول الجماعات المسلحة في قريته".
ويضيف الكاتب: "عندما حاول عبد الله تقديم شهادة للأمم المتحدة تظهر وضعه كونه لاجئا، قال له أحد الجنود: اذهب وادفع لكفيل مالا، أو ارحل إلى بلدك، نحن دولة ويجب أن تتبع القانون، ولا تعني الأمم المتحدة أي شيء".
وينقل التقرير عن عبد الله قوله إنه ظل محتجزا لمدة يومين. ويشير هول إلى أن شهادة عبد الله هي من ضمن عدد من الشهادات في تقرير أصدرته منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية اليوم.
ويعلق الصحافي هول بأن "قصصا، مثل قصة عبد الله، أصبحت مألوفة في لبنان، حيث تترك القوانين المتشددة أثرا قاسيا على حياة اللاجئين السوريين في البلد، والأمر ذاته ينطبق على الدول الأخرى، التي تستوعب لاجئين في المنطقة، حيث تعقد القوانين الجديدة حياة الهاربين من الحرب".
ويشير الموقع إلى "أزمة اللاجئين التي تسببت بها الحرب الأهلية السورية، وأثرت على لبنان بشكل كبير أكثر من أي بلد آخر، فهناك حوالي 1.2 مليون لاجئ سوري في لبنان تقريبا، وهو رقم مثير للانتباه، إن أخذنا بعين الاعتبار عدد سكان البلد، الذين لا يتجاوز عددهم 4 ملايين نسمة قبل الحرب الأهلية السورية، وهناك عدد آخر غير معروف من اللاجئين غير المسجلين".
ويلفت التقرير إلى أنه "في كانون الثاني/ يناير 2015، فرض لبنان، وهو يحاول مواجهة آثار الأزمة، قيودا شديدة على الحدود مع
سوريا، ما صعب اجتياز الهاربين من الحرب والاضطهاد من سوريا إلى لبنان. وفي الوقت ذاته وضعت الدولة قيودا على السوريين المقيمين في البلد من أجل تجديد تأشيرات الإقامة".
ويورد الكاتب أنه بحسب مدير "هيومان رايتس ووتش" في الشرق الأوسط نديم خوري، فقد جعلت هذه القيود حياة اللاجئين "مستحيلة"، وهو ما دفعهم للعيش في الظل أو تحت الأرض. ويقول خوري: "آخر ما يريده لبنان هو أعداد كبيرة من اللاجئين غير المسجلين، يعيشون على هامش المجتمع، ويكونون عرضة لمخاطر الانتهاك"، مشيرا إلى أن "سياسات لبنان (قصيرة النظر) تهيئ الظروف لوضع متفجر". ويلفت هول إلى أن "القيود في أماكن أخرى تترك أثرها على لبنان".
ويذكر الموقع أن تقرير "هيومان رايتس وورتش" يأتي بعد أسبوع من قرار السلطات اللبنانية ترحيل 400 سوري إلى بلادهم. وكان السوريون سافروا من دمشق إلى بيروت في 7 كانون الثاني/ يناير، في طريقهم إلى تركيا، ولكن رحلتهم جاءت في الوقت الذي بدأت فيه تركيا بفرض قيود جديدة على القادمين، التي كان سيسري مفعولها في 8 كانون الثاني/ يناير. ووصفت منظمة "أمنستي إنترناشونال" الترحيل بأنه تعريض حياة المئات للخطر.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مسؤول
حقوق اللجوء والهجرة في المنظمة شريف السيد، قوله: "انحدرت الحكومة اللبنانية إلى مستوى جديد من تعريض حياة هؤلاء الناس للخطر". ويضيف السيد أن "هذا انتهاك مشين للالتزامات الدولية، التي تقضي بحماية اللاجئين الهاربين من القتل والاضطهاد في سوريا".
ويقول هول إن السوريين كانوا يخططون للمرور عبر لبنان، ولم يكونوا مسجلين في قوائم الأمم المتحدة، ولهذا لم تعترف بهم السلطات اللبنانية. وتم إرسال ثلاث طائرات من سوريا لنقل اللاجئين، بحسب "أمنستي إنترناشونال".
ويورد الموقع نقلا عن خير النساء دالا، التي تعمل مع فريق "أمنستي إنترناشونال"، الذي يتابع حقوق اللاجئين والمهاجرين، قولها إن الخطر يكمن في أن الكثير من الذين يحاولون الفرار من سوريا عرضة للاعتقال من الحكومة السورية.
وتضيف دالا: "هناك احتمال تعرض بعضهم للمساءلة من السلطات السورية، وهو ما يثير قلقنا، خاصة الرجال غير المتزوجين المطلوبين للخدمة العسكرية، حيث سيتم احتجازهم من السلطات، بالإضافة إلى الناشطين الذين تم اضطهادهم في السابق". كما يشير تقرير "هيومان رايتس ووتش"، فيجب عدم ترحيل السوريين لئلا يواجهوا القمع على يد السلطات في بلادهم.
ويرى الكاتب أن إجراءات التأشيرة التي بدأ لبنان العمل بها منذ كانون الثاني/ يناير العام الماضي، تجعل من الصعوبة أو المستحيل على السوريين تجديد إقامتهم، حتى لو كانوا مسجلين في قوائم المفوضية السامية للأمم المتحدة.
ويفيد التقرير بأن المسجلين لدى الأمم المتحدة عليهم تجديد وضعهم، أما غير المسجلين فيجب عليهم العثور على كفيل لبناني ليكفلهم حتى يضمنوا الإقامة بشكل قانوني في البلاد. وفي الحالتين على السوري دفع 200 دولار لتجديد الإقامة السنوية والحصول على بطاقة هوية.
ويوضح الموقع أن القوانين الجديدة تعني فقد الكثير من السوريين في لبنان وضعهم القانوني للبقاء في البلد. ويقول التقرير: "فقط 2 من بين كل 40 لاجئا يعيشون في لبنان ممن قابلتهم (هيومان رايتس ووتش) في الفترة ما بين شباط/ فبراير إلى تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، استطاعوا تجديد إقاماتهم، رغم حصولهم على بطاقة من الأمم المتحدة".
وبحسب هول، فإن تقرير المنظمة الحقوقية يعلق بأن من فقد وضعه القانوني يعني تعريض حياته للخطر وسوء المعاملة والسجن، بالإضافة إلى تعرضه للعمالة الرخيصة من أصحاب الأعمال والاستغلال الجنسي.
ويقول التقرير إن "نظام الكفالة يعرض السوريين للتحرش والاستغلال والانتهاك، ويسهل الفساد. ووصف لاجئ في زحلة النظام بأنه شكل من أشكال العبودية".
ويذكر التقرير أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" قابلت ثلاث نساء، قلن إنهن تعرضن للاستغلال من أصحاب عمل لبنانيين، وتعرضت إحداهن لاعتداء جنسي. ولم يكن قادرات على الحصول على مساعدة لدى السلطات؛ نظرا لوضعهن القانوني، واضطررن لترك العمل بسبب الانتهاك.
وينقل الموقع عن سيما، وهي لاجئة سورية تعيش في طرابلس في شمال لبنان، قولها: "لو رفضت تحرشات مسؤولك فستطرد من العمل، وبالنسبة لي أفضل البقاء في البيت لتجنب الاستغلال الجنسي، حتى لو لم يكن لدى عائلتي ما تكاد تأكله".
ويختم "غلوبال بوست" تقريره بالإشارة إلى قول يسرا، وهي لاجئة سورية تعيش في شمال لبنان: "كل ما أريده هو أن أعيش بسلام وأساهم في المجتمع اللبناني، حتى أستطيع العودة إلى سوريا، وكل ما أريده أن أعامل على أنني بشر".