نشرت وسائل إعلام غربية تقارير تتحدث عن تراجع وتآكل شعبية رئيس الانقلاب في
مصر، عبد الفتاح
السيسي، في ظل تفاقم
الأزمات الداخلية والخارجية. وطرح موقع "ميدل إيست آي" تساؤلا: هل ما نشهده هي الأيام الأخيرة للسيسي؟.. وهو السؤال الذي طرحته "عربي 21" على بعض السياسيين والخبراء.
يقول أستاذ التخطيط الاستراتيجي بجامعة تكساس بالولايات المتحدة، الدكتور صفي الدين حامد، إن الحقائق على الأرض تقول إن السيسي يتآكل يوما بعد الآخر، داخليا أو خارجيا، في ظل التراجع الكبير للاقتصاد المصري، وحالة القمع غير المسبوقة، وبعدما تدهورت علاقاته الإقليمية والدولية.
وأوضح حامد، في تصريح لـ"عربي21"، أن هذا الأمر "ينعكس بشكل مباشر على شعبيته التي هي في تناقص مستمر، وهو الأمر الذي سيكون عواقبه وخيمة وخطيرة عليه وعلى نظامه"، مؤكدا أن مصر في عهده تتآكل وتتحلل تدريجيا، وأصبحت في وضع حرج للغاية، وفق تقديره.
وعما إذا كانت الأيام الحالية هي الأيام الأخيرة للسيسي، رأى الدكتور صفي الدين حامد أن هذه "ليست هذه هي الأيام الأخيرة له، فالتاريخ يقول إن كل الديكتاتور لا يستسلم بسهولة، خاصة في ظل تلقيه دعما ومساندة من جهات وقوى لا يستهان بها داخليا وخارجيا، وفي مقدمتهم المؤسسة الأمنية والدولة العميقة ورجال الأعمال الفاسدين، بالإضافة لاستمرار الدعم الإقليمي والدولي له، رغم تراجع معدلاته".
واستطرد قائلا: "لذلك من الأحلام أن يفكر البعض أن هذه هي الأيام الأخيرة لنظام السيسي، فالمعركة صعبة للغاية ومعقدة، فهو مثل بشار الأسد لن يرحل بسهولة -كما يأمل البعض- خاصة أن السؤال الأهم الذي يدور في أذهان المصريين ودوائر غربية عديدة: ما هو البديل؟".
وأوضح حامد، الذي يشغل منصب رئيس مركز العلاقات المصرية الأمريكية، أن "الحل الوحيد للإطاحة بالسيسي هو اندلاع ثورة شعبية عارمة لديها رؤية ووعي وقيادة وإصرار، وأن يكون هناك اصطفاف حقيقي بين كافة شركاء ثورة يناير، لأنه دون ذلك ستسرق الثورة مرة أخرى"، وفق تقديره.
ودعا حامد القوى الثورية للتوافق بسرعة، وإجراء مصالحات وطنية، والاتفاق على القواسم المشتركة لكسر الانقلاب والثورة المضادة، والتوافق على "السيناريو البديل" للإجابة الواقعية عن سؤال المصريين والغربيين، مشدّدا على أن الغرب الآن في "ورطة" بعد تأكدهم من أن السيسي لا يصلح لأداء دوره، لكن لا يوجد بديل له.
ونشرت وكالة أنباء أسوشيتد برس تقريرا حمل عنوان: "مشكلات مصر تتسبب في تآكل صورة السيسي الذي لا يقهر"، وذلك على خلفية تصاعد الانتقادات الحادة التي طالته في الآونة الأخيرة، مؤكدة أن التذمر وتراجع حماس أنصاره قد يشكل تهديدا مباشرا لنظامه، ويمثل تحولا في شعبيته.
بدورها، رأت الكاتبة الصحفية، نادية أبو المجد، أن نظام السيسي وأنصاره في وضع لا يحسدون عليه، في ظل حالة التدهور الاقتصادي، والتأزم والانسداد السياسي، ولذلك ترتفع نبرة هجومهم وتخوينهم لكل معارضيهم، حتى أن أحدهم اتهم جميع فصائل المعارضة بالإرهاب (في إشارة إلى المذيع أحمد موسى).
وتحدثت نادية أبو المجد، لـ"عربي21"، عن تراجع وجود الكتلة الشعبية والسياسية المؤيدة لنظام السيسي، ورأت أن الكثيرين انفضوا عنه، إلا أن هؤلاء ليسوا بالضرورة في صف مؤيدي
الشرعية؛ لأن بعضهم في حالة عداء مع جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي، بل إن جزءا منهم كاره للإسلام ذاته، مؤكدة أن "الجميع يحارب في معركة وجود".
وقالت: "من الصعب جدا استمرار الوضع بصيغته الراهنة، لكن لا أحد يعلم متى وكيف سيسقط الانقلاب، خاصة أن السيسي مدعوم بطريقة غير مسبوقة إقليميا ودوليا"، مضيفة: "ما يزيد الأمر التباسا، هو غياب كم هائل من المعلومات، وأن العناصر الإقليمية والدولية متغيرة بشكل كبير".
بدوره، رأى حامد عبد الماجد، أستاذ العلوم السياسية كلية لندن للتجارة وعضو مجلس الأمناء في بيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية، أنه من الخطأ الفادح اختزال الأزمة المصرية في شخص عبد الفتاح السيسي؛ لأن جوهر النظام لا يزال موجودا، والسيسي مجرد ترس بداخله.
وشدّد عبد الماجد، في حديث لـ"عربي21" على أن السيسي في مأزق عسير، وأن دائرة العزلة التي يتعرض لها تتسع بمرور الوقت، بعدما تخلى الكثيرون عنه، لأسباب مختلفة، وهذا يعدّ بداية حقيقية لنهايته، لكن ذلك يتوقف على القوى الثورية والمعارضة التي تمر هي الأخرى بمواقف وتحديات صعبة، وفق قوله.
وفي مقابلة له على قناة "مكملين" الفضائية الاثنين، توقع الصحفي البريطاني، ديفيد هيرست، حدوث انقلاب من داخل الجيش على السيسي، الذي قال إنه يتعرض لعزلة كبيرة وخطيرة جدا بالنسبة له، ولذلك قد تجبره المؤسسة العسكرية على الرحيل، بعد فشله الذريع في كافة معاركه السياسية والاقتصادية والأمنية.
وفي المقابل، دافع محمود عطية، منسق ائتلاف "مصر فوق الجميع"، باستماتة عن السيسي، قائلا إن أي تقارير تتحدث عن تراجع شعبيته وتقول إنه يعيش أيامه الأخيرة "كاذبة تماما، إن لم تكن مدفوعة الأجر"، وهي مجرد أضغاث أحلام تراود جماعة الإخوان وأنصارها في الداخل أو في الخارج"، بحسب قوله.
ورأى عطية، في تصريح لـ"عربي21"، أن السيسي ونظامه يرسخون أقدامهم يوما بعد الآخر، وأنه اكتسب شرعيته الدولية بشكل كبير، بدليل استقبال الكثير من دول العالم له والعلاقات المتبادلة بينهم، فضلا عن أن الأوضاع الداخلية قد استتبت له، ويسيطر عليها تماما، وفق قوله.