للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام، تعرضت شوارع محافظة الإسكندرية للغرق مجددا بسبب هطول الأمطار ليلة الأربعاء ما تسبب في إصابة الحياة فيها بالشلل.
وكانت الأزمة التي شهدتها الإسكندرية الأحد الماضي قد أسفرت عن مصرع سبعة أشخاص وأطاحت بالمحافظ "هاني المسيري" من منصبه بعد انتقادات حادة لأداء الأجهزة المحلية بالمحافظة وفشلها في معالجة الكارثة.
وبعد هطول الأمطار لعدة ساعات، فقد تراكمت المياه بشكل كبير ما أدى إلى توقف الحركة المرورية على الكورنيش والطرق الرئيسة في ثاني أكبر المحافظات
المصرية، كما لأنه فوجئ أهالي عدد من المناطق بغرق منازلهم ومتاجرهم بمياه الصرف الصحي المختلطة بمياه الأمطار.
وكان قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، قد عقد اجتماعا مع الحكومة يوم الاثنين، وأصدر لها توجيهات بمعالجة آثار هذه الكارثة ومنع تكرارها ثانية.
من جانبها، أعلنت القائمة بأعمال محافظ الإسكندرية سعاد الخولي، أن الحكومة قررت صرف 75 مليون جنيه كمعونة عاجلة للإسكندرية لتحديث وصيانة شبكات صرف مياه الأمطار وزيادة كفاءتها، مؤكدة - في تصريحات صحفية - أنها شكلت غرفة عمليات مع من المسؤولين عن الأحياء المختلفة تعمل بشكل دائم طوال فصل الشتاء للتعامل مع أزمة مياه الأمطار مجددا.
وكان اللواء يسري هنري، رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية، قد أكد يوم الثلاثاء بدء العمل على إصلاح ورفع كفاءة شبكة الصرف لاستيعاب مياه الأمطار بعدما أعلنت هيئة الأرصاد الجوية منذ يومين، أن البلاد ستتعرض يوم الأربعاء لموجة من الطقس السيئ وسقوط الأمطار الغزيرة، خاصة في المحافظات الشمالية ومن بينها الإسكندرية.
مظاهرة لإقالة رؤساء الأحياء
إلى ذلك، أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر يوم الجمعة المقبل للمطالبة بإقالة جميع رؤساء أحياء الإسكندرية، مؤكدين أن استقالة المحافظ وحده ليست كافية لحل المشكلات المتراكمة في المحافظة.
ونجحت الدعوة في اجتذاب آلاف المشاركين وغالبيتهم من الشباب، حيث إنهم أكدوا إصراراهم على تغيير جميع القيادات الفاشلة في الإسكندرية والتي أدت إلى تدهور الحدمات بالمحافظة بشكل غير مسبوق.
ونشرت الصفحة الخاصة بهذه الدعوة، أسماء رؤساء الأحياء الذين يطالبون بإقالتهم، موضحة أن جميعهم لواءات سابقون في الجيش والشرطة، وأنه يتم تعيينهم في هذه المناصب لضمان ولائهم.
وأشارت الصفحة إلى أن جميع رؤساء الأحياء من خلفية عسكرية، وأغلبهم ألوية متقاعدون.
ويقول خبراء إن الإسكندرية تعاني من انهيار شبه تام في البنية الأساسية، وخاصة شبكة الصرف الصحي التي لم تخضع للإحلال والتجديد منذ عقود طويلة، حتى إن مناطق كاملة ما زالت حتى الآن بدون صرف صحي على الإطلاق ويسكنها عشرات الآلاف من المواطنين. كما أن الضغط تزايد كثيرا في السنوات الأخيرة على البنية التحتية جراء التزايد الكبير في بناء العقارات المخالفة وانتشار المناطق العشوائية بالمحافظة.
وتظهر مشكلة غرق الشوارع بالمياه مع كل موجة أمطار، لكن الأزمة الأخيرة كانت الأعنف منذ سنوات وعمت جميع أحياء الإسكندرية.
وبسبب هذه الأزمة، تقدم رئيس مجلس إدارة شركة الصرف الصحي بالإسكندرية اللواء يسري هنري باستقالته الثلاثاء، ليلحق بالمحافظ "هاني المسيري".
تبريرات وردود
وقال العميد المتحدث باسم الشركة محيي الصيرفي، إن شبكة الصرف الصحي في الإسكندرية لا تستوعب إلا ثلث كمية المياه التي تستقبلها الآن، مستبعدا أن يتم حل المشكلة ما لم تتم إعادة تأهيل الشبكة مجددا وبتكلفة قد تصل إلى مليار جنية وتستغرق نحو عامين على أقل تقدير.
لكن محافظ الإسكندرية الأسبق اللواء طارق المهدي، نفى هذا التفسير، وأكد في تصريحات صحفية، أن هذه الكارثة لم تكن لتحدث لو أن العاملين في شركة الصرف قاموا قبل حلول فصل الشتاء بتطهير شبكة الأمطار الموجودة بالفعل لتكون مستعدة لسحب مياه الأمطار من شوارع المحافظة.
جدير بالذكر أن الإسكندرية شهدت تولي ستة أشخاص منصب المحافظ في أقل من خمس سنوات، عقب ثورة 25 يناير 2011، هم عصام سالم وأسامة الفولي وعطا عباس وماهر بيبرس واللواء طارق المهدي وأخيرا هاني المسيري، وجميعهم فشلوا في التعامل مع مشكلات المحافظة وأهمها العقارات المخالفة وتدهور الخدمات والبنية التحتية.
وكان هاني المسيري محافظ الإسكندرية المستقيل، قد نفى وجود مؤامرة أطاحت به من منصبه، مؤكدا أن استقالته جاءت احتراما للرأي العام الغاضب بعد أزمة غرق المحافظة.
وأوضح المسيري - عبر صفحته على "فيسبوك" - أنه ليس مسؤولا عن البنية التحتية بالمحافظة ولا يمكنه التحكم فيها، مشيرا إلى أنه كان ينوي تقديم استقالته بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية في كل الأحوال.