قال كاتب شيعي
لبناني إن "توقيع ورقة التفاهم بين
التيار الوطني الحر وحزب الله داخل كنيسة مارمخايل بتارخ 2006-2-6 أدت إلى (حزبلة) هذا التيار - في إشارة إلى
حزب الله - إلى حد كبير، بعد أن كان المرجو من وراء التفاهم كما كان يصرح العونيون دائما هو لبنة حزب الله".
وقال الكاتب عماد قميحة في مقال له على موقع "جنوبية" اللبناني الشيعي المعارض لحزب الله، إن "التظاهرة الأخيرة التي قام بها التيار العوني في ساحة الشهداء احتوت بشكل واضح اللمسات (الحزباللهية) على كامل تفاصيلها"، موضحا أن هذه اللمسات تضمنت: "ظاهرة المحجّبات، والحشود الاّتية من الضاحية وبعلبك والهرمل، والتغلل الثقافي والفكري الذي تجلى من خلال الشعارات المرفوعة والصيحات التي خيّمت على المتظاهرين".
واعتبر قميحة أن "ثقافة الـ ( لبيك يا جنرال ) هي الترجمة الحرفية لـ ( لبيك يا نصرالله )، مما يجعل من أدبيات تأليه الجنرال ومحورية التيار حوله واعتباره أيقونة مقدسة، فهو يفكر وحده، ويقرر وحده، ويخطط وحده، ويعين رئيسا للتيار وحده بفتوى وبلا رقيب ولا حسيب، ودون الحاجة من القواعد أو حتى الصف الأول لقيادة التيار أن تحمّل نفسها عناء التفكير فضلا عن عناء المناقشة"، متابعا بالقول أن أي "تجرؤ على مناقشة هذه القرارات مصيره المحتوم هو الفصل من صفوف التيار، تماما كما حصل مع الناشطين الخمسة، لأن (الراد على الجنرال كالراد على الله)".
واعتبر المقال أن "التغلغل الثقافي الحزباللهي لم يقتصر على الأمور الظاهرية فقط"، موضحا أن الأمر وصل به إلى "اعتماد نفس الآليات السياسية المعتمدة بشكل كبير على إخفاء الأهداف الحقيقية للأداء السياسي، والتستّر خلف عناوين مطلبية أو خيارات مقبولة شعبيا فيما حقيقة الأمر سياسي بمكان آخر".
وتابع: "هذا الأسلوب المعتمد بشكل كبير عند حزب الله هو نفسه اليوم صار مطبوعا بالأداء الفعلي عند التيار، فحزب الله الذي دخل الحرب بسوريا إلى جانب النظام الأسدي ومن أجل الدفاع عن المصالح الإيرانية بالمنطقة، عمل على تغليف هذه الأهداف بمجموعة شعارات أراد من خلالها التعمية على الهدف الأول، وتمريره على جماهيره قبل اللبنانيين تحت عناوين تبريرية، ليس أقلها أن الجماهير لا يمكن أن تستوعب الأهداف الاستراتيجية، وبأنها قاصرة عن فهم المخططات الكبرى بسبب محدودية فكرها وضيق أفقها".
وأشار بقوله أن "هذه النظرة الاستعلائية التي يتطلع بها حزب الله إلى جماهيره، هي عينها صارت من سمات قيادة التيار اليوم، فالتظاهرة (المطلبية) التي دعا إليها تحت عناوين خدماتية ( كهرباء ومياه وو…) إنما هي بالحقيقة لأهداف أخرى تماما"، معتبرا أن "هذا ما يفسر التناقض بين محاولة تأدية التيار لدور المعارضة، فيما هو جزء أساسي من السلطة، أو أن يطالب بانتخاب رئيس فيما هو من يعطل الانتخابات".
وأضاف: "الحقيقة أن الهدف من التظاهرة إنما هو الالتفاف على الحراك الشعبي القائم، الذي بدأ يؤتي أكله ولو بالمستويات الدنيا، مما يمكن أن يهدد كل منظومة الفساد المتغلغلة بكل مفاصل البلد، التي يستفيد من وجودها حزب الله بشكل أساسي ليس بالسرقات المالية المباشرة، وإنما بسرقة القرار السياسي والاستراتيجي لكل البلد".
وقال قميحة إن "الوضع الراهن بكل ما يصيب البلد من اهتراء سياسي يشكل البيئة الأنسب لمشروع حزب الله، وأن أي تغيّر يمكن أن يطرأ على هذا الواقع، فإن المتضرر الأول ليس اللصوص الصغار وناهبي أموال الدولة فقط، وإنما المتضرر الأكبر هو صاحب مشروع الهيمنة على كامل البلد".
وأضاف :"حزب الله الذي يعي تماما هذه الحقيقة، ويحاول وضعها في خانة المؤامرة على رأس المقاومة، هو توصيف يمكن اعتباره توصيفا دقيقا إذا ما استبدلنا كلمة (مقاومة) بكلمة (الهيمنة)، ولأن حزب الله لا يستطيع أن يواجه بشكل مباشر هذا الغضب المقدّس عند الجماهير الطامحة لإحداث تغيير ما بهذه النمطية المتبعة، فإنه لجأ وسوف يلجأ بالقادم من الأيام بدفش ربيبه العوني من أجل التصدي لهذا الحراك"، بحسب قوله.
واختتم قميحة بقوله: "إذا كان حزب الله قد نجح إلى حد كبير بإضعاف خصمه المفترض المتمثل بـ 14 آذار، من خلال الاغتيالات مرة ومن خلال سوء أداء وفساد هذا الفريق مرة أخرى، فإن الحزب اليوم هو أمام تحدٍّ جديد مع خصم جديد هو هذه الجماهير المنتفضة، مما يعني بالضرورة أن الأيام القادمة سيتحول التيار العوني فيها إلى رأس حربة في هذه المواجهة تحت شعارات لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، ليبقى الرهان الأكبر هنا هو على وعي الناشطين المخلصين داخل التيار العوني، وتوسّع حركة الانشقاقات لإسقاط يافطة لبيك يا جنرال، وأيّة يافطة دخيلة على ثقافته".