نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في التصدي لتأثير
دعاية تنظيم الدولة على مواطنيها، وخاصة الشباب منهم، وعدم قدرتها على الحد من موجة "
التطرف" التي تجتاح العالم، بعد أن كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد لمّح إلى فشل فرنسا في توفير أرضية اجتماعية فعالة للوقوف أمام هذه الظاهرة.
وأفادت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن الوقت قد أثبت أن الولايات المتحدة ليست في مأمن من خطر "الذئاب المنفردة"، حيث انتشرت موجة من القلق في صفوف المجتمع الأمريكي، على خلفية الاكتشاف المتكرر لحالات التأثر بدعايات تنظيم الدولة في صفوف الشباب الذين ذهبوا ضحية للدعاية الإلكترونية.
وأكدت أن السلطات الأمريكية تكتشف حالات جديدة كل أسبوع، وقد قامت حتى الآن باعتقال 52 "ذئبا منفردا"، من بينهم من انتقل لمرحلة التنفيذ، مثل منفذ هجوم تشاتانوغا بولاية تينيسي التي ذهب ضحيته خمسة جنود، ومنهم من حاول الانتقال إلى سوريا أو تقديم دعم مادي لتنظيم الدولة.
أضافت أنه قد تم توقيف ثلاثة شبان مسلمين، في شباط/ فبراير الماضي، وهم بصدد التخطيط لعملية انتحارية، كما أن أحدهم، ويدعى أحمد سادخمتوف، قد اعترف برغبته في الانضمام إلى الجيش الأمريكي بهدف تسريب معلومات لتنظيم الدولة، فيما قال آخر إنه "يرغب في قتل الرئيس الأمريكي باراك أوباما".
ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي فرانك سيلوفو، وهو خبير في مكافحة الإرهاب، ومؤسس مركز دراسة مختص في قضايا التطرف الديني المسلح بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، أن "المجتمع الأمريكي غير محمي مما أصبح يعرف بالثورة الدينية المتطرفة العالمية"، وأن الدعاية الإلكترونية أصبحت تمثل خطرا حقيقيا على الشباب مثلما كان الحال مع الفتاة المسيحية، البالغة من العمر 23 عاما والقاطنة بمنطقة ريفية من ولاية واشنطن، حيث كانت على وشك أن يتم تجنيدها من قبل إمام يقطن في مانشستر، بالمملكة المتحدة، لولا تدخل جدّيها في الوقت المناسب.
وأشارت إلى أن الوكالات الأمنية الأمريكية تهتم بصفة خاصة بدور الإنترنت في نجاح تنظيم الدولة، حيث أكدت داين بوانتزي، المتحدثة باسم وزارة العدل، أن "تنظيم الدولة قد اكتسح حقيقة كل الفضاءات" فيما حذر مايكل ستاينباك، وهو خبير تابع لمكتب التحقيقات الفدرالي، من "خسارة الولايات المتحدة لمعركة الدعاية".
وأفادت الصحيفة أن السلطات الأمريكية تريد وضع خطة ثلاثية متكاملة لمواجهة الخطر الذي تواجهه، تتضمن جانبا عسكريا يهدف إلى إضعاف قوة تنظيم الدولة، ولكن لا تزال نتائجه محتشمة إلى الآن، وجانبا أمنيا يهدف إلى مراقبة "شبكة الواب" من أجل إيقاف المتطرفين قبل تحولهم نحو التنفيذ، وهو يشهد تقدما ملحوظا، بحسب فرانك سيلوفو، وجانبا إعلاميا يتمثل في الدعاية المضادة لتنظيم الدولة.
وأضافت أن نقاشا حادا يدور حول مدى فاعلية ما تقوم به السلطات الأمريكية، وحول قدرتها على التفريق بين المسلمين والمتطرفين، حيث نقلت عن فرانك سيلوفو قوله: "إن المشكلة تكمن في عجز السلطات الأمريكية عن تنفيذ الجانب الثالث من خطة الرد، والمتمثل في القيام بالدعاية المضادة، وهذه هي الحلقة المفقودة. لقد تمكن تنظيم الدولة من التغلب على البلد الذي فيه وادي السيليكون وهوليوود. يجب علينا استئناف الدعاية المضادة كما في زمن الحرب الباردة."
وأكدت الصحيفة أن وزارة الخارجية الأمريكية على وعي تام بخطورة ما يحصل، حيث قامت بإنشاء مركز مكلف بمواجهة رسائل تنظيم الدولة الإلكترونية القادمة من الخارج، حيث يهتم 50 شخصا بنشر رسائل على حسابات "تويتر"، مثل رسالة تقول "فكر مرتين، ثم فكر من جديد".
ونقلت عن السفير السابق ألبرتو فرناندز، الذي كان رئيس قسم الدعاية المضادة قبل أن يقدم استقالته بسبب نقص الإمكانيات، أن "ما يقوم به المركز يعد جهودا تافهة مقارنة بآلاف الحسابات التابعة لتنظيم الدولة، باعتبار أن المركز يدير ستة حسابات فقط على "تويتر"، في ظل غياب تام لأية وكالة مهتمة بالمجال الداخلي."
ونقلت لوفيغارو عن ألبرتو فرناندز دعوته إلى "التكثيف من الجهود من أجل كشف أكاذيب التنظيم، وأن يكون أفراد المجتمع في طليعة المتصدين له، لتبيين مدى خطورة الأمر"، كما اعتبر أن "تنظيم الدولة قد ملأ فراغا كان موجودا من قبل، إذ يتعلق الشباب بتنظيم الدولة؛ لأنه يمدهم بإجابات عن أسئلة أساسية حول الدين والعقيدة والمواطنة في حين أن توفير هذه الإجابات هو واجب الدولة والمجتمع في الأساس."