نشرت صحيفة "هافنغتون بوست" الإلكترونية، باللغة الفرنسية، مقالا حول موقف
اليهود الأمريكيين من الاتفاق
النووي الإيراني، أشار إلى أن أستاذين جامعيين يهوديين، نشرا مؤخرا مقالا بعنوان "بالنسبة لصفقة إيران، قادة اليهود الأمريكيين لا يتحدثون باسم غالبية اليهود"، يؤكدان فيه أن رأي الأغلبية من اليهود الأمريكيين لا يتفق مع موقف المنظمات الأكثر شهرة، الممثلة للجالية اليهودية في الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة، في هذا المقال الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذين الأستاذين، ينتميان إلى غالبية اليهود الأمريكيين الذين يؤيدون الاتفاق النووي الإيراني، ويرحبون بنتائج دراسة أجريت مؤخرا بينت أن 63 في المئة من اليهود الأمريكيين يؤيدون هذا الاتفاق، وهي نسبة تأييد أعلى من تلك التي تم إحصاؤها لدى الشعب الأمريكي بشكل عام.
وبين الكاتب، البروفيسور بيار غيرلان، أستاذ الدراسات الأمريكية في جامعة باريس، أنه على عكس ما تريد إظهاره الدعاية الإعلامية، يفضل اليهود الأمريكيون تصريحات رئيسهم على تلك التصريحات العدائية وغير الموثوق بها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال الكاتب إن العالم رحّب بالتوقيع على هذا الاتفاق، الذي سيجنّب منطقة الشرق الأوسط خطر انتشار الأسلحة النووية، والذي يؤكد على أهمية اللجوء للتفاوض بين الدول، في وقت لم يتوقف فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي عن تخويف العالم من التهديد النووي الإيراني، رغم أن هذا التهديد غير واقعي، بحسب المقال.
وبيّن المقال أنه بالرغم من عدم احترام إيران للقواعد الديمقراطية، إلا أن ذلك لم يدفعها للتخطيط لمهاجمة إسرائيل، وهذا ما تؤكده المخابرات الإسرائيلية، وخاصة الشاباك، من خلال آراء العديد من المسؤولين السابقين وخاصة مئير داغان.
وفي المقابل، أوضح الكاتب أن نتنياهو أراد، بالتعاون مع وزير الدفاع السابق إيهود باراك، التدخل عسكريا في إيران، إلا أن قادة الجيش والمخابرات والوزراء الإسرائيليين المحافظين لم ينصحوه بذلك. كما نصحت الولايات المتحدة، في عهد جورج بوش، إسرائيل بالعدول عن التدخل في إيران في عام 2008.
واعتبر الكاتب أنه لا مبرر للتخوف من أي تهديد نووي إيراني، حتى في حال امتلاكها للقنبلة النووية، وذلك لعدة أسباب، حيث لا يمكن لإيران استخدام السلاح النووي من دون أن تتعرض في المقابل لردة فعل عنيفة ومدمرة من الدول الغربية، وهذا ما تدركه الولايات المتحدة، على غرار كل أجهزة المخابرات في العالم، بما في ذلك إسرائيل.
وأكد المقال وجود حالة توافق عام حول الاتفاقية الموقعة مع إيران، فكل من أوباما وخبراء البرامج النووية، والعسكريون الأمريكيون والإسرائيليون، والمدافعون عن الحريات في أمريكا، كلهم يتفقون مع موقف غالبية اليهود الأمريكيين: وهو دعم هذا الاتفاق النووي، إلا أن آثار الدعاية طمست هذه الحقيقة، كما يقول الكاتب.
وأشار الكاتب إلى وجود حملة إعلامية ممنهجة، تدعي أن كيري وأوباما من المعادين للسامية، على الرغم من استمرار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، وعلى الرغم من أن غالبية اليهود الأمريكيين يؤيدون أوباما بشأن مسألة الاتفاق مع إيران.
ومن خلال هذا الفرق، بين موقف الإعلام والسياسيين اليهود وبين موقف الرأي العام اليهودي، خلص المقال إلى أن اليهود الأمريكيين أصبحوا لا يعتقدون بنظريات المؤامرة والاتهامات المعادية للسامية، فهم ليسوا من مؤيدي الحرب، بل يفضلون التدخل الدبلوماسي على التدخل العسكري.
وأكد الكاتب أن الجمهوريين في الولايات المتحدة يتبنون المواقف الإسرائيلية بشكل مطلق، ما جعلهم يتخذون موقفا سلبيا بشأن الاتفاق مع إيران، مع تأكيدهم على الاستعداد لإطلاق حرب جديدة في الشرق الأوسط، بالرغم من الكوارث التي سببتها الحروب السابقة في العراق وليبيا، وما لحق الولايات المتحدة من سوء بسبب التكلفة العالية لهذه الحروب مع تراجع نفوذها الحقيقي في المنطقة. وهكذا يمكن القول بوجود نوع من التحالف الضمني بين إسرائيل واليمين المتطرف الأمريكي وملالي إيران والسعودية، كما يقول المقال.
ورأى المقال أن باراك أوباما أحسن تقييم الوضع واتخذ القرار الصائب، وهو الذهاب للمفاوضات، وهو ما سيحسب لصالحه عند تقييم انجازات فترته الرئاسية، خاصة وأن غالبية اليهود الأمريكيين والأوروبيين، ورجال السياسة المعتدلين في إيران وبقية دول العالم، يساندون هذا الاتفاق حول الملف النووي الإيراني.
وفي الختام، اعتبرت أن هذا الاتفاق التاريخي، ينبغي أن يكون نموذجا لمعالجة بقية الأزمات الخطيرة في العالم، ويمكن أن يفتح الباب أمام حل قضايا أخرى عاقة مثل القضية الفلسطينية.