أسئلة كثيرة باتت تُطرح الآن.. من هي هذه الوكالة؟ ولماذا تأسست؟ وما هي أهدافها؟ ومن هم هؤلاء اللاجئون الذين تقدم لهم الخدمات؟ ولماذا لم يعودوا إلى ديارهم على الرغم من مرور 67 سنة على نكبتهم؟ ولماذا تخلى المجتمع الدولي عنهم؟ وأين كانت دولتهم؟ ومن الذي استولى عليها؟.. وغيرها من الأسئلة الموضوعية التي فرضها واقع حال الوكالة ومنهجية التقليصات التي تتبعها وتهدد مستقبل حوالي ستة ملايين لاجئ
فلسطيني مُسجّل..!
على الرغم من الصورة القاتمة لتقليص خدمات "
الأونروا" بحجة عدم توفير الأموال المطلوبة، وما سيترتب عليها من أوضاع مأساوية على المستوى الإقتصادي والاجتماعي والنفسي والسياسي والأمني للاجئين وللمنطقة، إلا أن بامكان الفلسطينيين عموما واللاجئين منهم على وجه الخصوص، ومعهم حركات التضامن العالمية من تحويل هذا المُرّ العلقم إلى فرصة ذهبية..!
شكّل تقليص الخدمات وعدم إيفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية الطوعية للأونروا، اهتماما غير عادي بالوكالة الدولية، ومتابعة استثنائية من قبل الأمم المتحدة ودوائر صنع القرار في العالم على المستوى الغربي والعربي والإسلامي، لا سيما من قبل الدول المضيفة المعنية مباشرة بعملية التقليص، بالإضافة إلى انعقاد اللقاءات والمؤتمرات للجنة الإستشارية للوكالة، وما يشكله من عنصر جذب إعلامي، ناهيك عن الحراك الشعبي والفصائلي في مخيمات وتجمعات
اللاجئين في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة الرافض للتقليصات..، فقد شكَّل المؤتمر الصحفي الذي عقده المفوض العام للوكالة بيير كرينبول في 14/ 5/ 2015 وإعلانه عن حالة من التقشف الحاد ستشهدها الوكالة نتيجة أزمة مالية غير مسبوقة منعطفا حادا للمزيد من المواكبة والمتابعة لتطورات أعمال الوكالة..، بمعنى آخر بات ملف "الأونروا" مفتوحا بكل ما يتضمن من مكونات تتعلق باللجوء الفلسطيني والمخيم والعودة ودور المجتمع الدولي تجاه اللاجئين..!
لا أبالغ إذا قلت بأن حُسْن إدارة الأزمة وإستثمار وتوظيف الحدث، لن يقتصر جني ثماره على قضية اللاجئين وحق العودة، بل على القضية الفلسطينية عموماً، لا بل ستساهم في إعادة النظر لدى صانع القرار في الأهداف السياسية الإستراتيجية من تقليص خدمات الوكالة والتي باتت معروفة بممارسة الضغط على اللاجئ الفلسطيني للقبول بأي استحقاق سياسي يمكن أن يعرض عليه في المستقبل على حساب حق العودة..!
لذلك ونحن على أبواب انعقاد الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية شهر أيلول/سبتمبر القادم، أعتقد من الضروري إعداد مبادرة تتبناها إما دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة، أو أي من الدول العربية أو الإسلامية أو الغربية بشكل فردي، أو على مستوى جامعة الدول العربية او منظمة التعاون الإسلامي.. والدفع بأن تكون المبادرة على أجندة الجمعية العامة، وأن تتضمن طلب تعديل قرار تأسيس "الأونروا" رقم 302 للعام 1949، بما يشمل، أن تصبح ميزانية الوكالة جزء من الصندوق المركزي للأمم المتحدة كبقية منظمات الأسرة الدولية، وتوفير الحماية الجسدية للاجئين، وضم غير المسجلين وفاقدي الأوراق الثبوتية إلى سجلات الوكالة، وتوسيع مساحة المخيمات التي بقيت على حالها منذ إنشائها قبل 67 سنة، وتوسيع صلاحيات مكتب "الأونروا" في القاهرة ليتحول من مكتب تنسيق إلى مكتب تقديم خدمات شأنه في ذلك شأن مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة، وفتح مكتب للوكالة في العراق..!
على التوازي وخلال إعداد المبادرة ضرورة استخدام الحملات الإعلامية الضاغطة للتعريف بالوكالة وما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني من الظلم، مع إحترافية استخدام المفردات المتعلقة بحقوق الإنسان، ومخاطبة دول العالم بلغاته المتعددة، وممارسة الأنشطة المختلفة غير التقليدية التي تحقق اختراقات لدى النخب وصناع القرار والشريحة الواسعة من عموم المستهدفين..، وهذا يحتاج إلى خطة منهجية متماسكة واضحة المعالم والأهداف، يشارك في إعدادها فلسطينيون وعرب ومسلمون ومتضامنون رسميون وغير رسميين وخبراء..!