نشرت مجلة "سلايت" الناطقة باللغة الفرنسية، تقريرا تناولت فيه مسألة تجارة
الآثار لدى
تنظيم الدولة، الذي نجح في السيطرة على عديد المناطق التاريخية في كل من
سوريا والعراق، "ليشرع في تدمير المواقع الأثرية والمتاجرة بالقطع الثمينة".
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن التنظيم يسيطر على مساحات شاسعة ممتدة في كل من سوريا والعراق، تتضمن جزءا هاما من منطقة حضارة بلاد الرافدين، مهد الحضارات، والتي تعد موقعا أثريا على غاية من الأهمية.
وبحسب المجلة؛ فإن تنظيم الدولة "المعروف بلا مبالاته التامة بكل ما يمت للآثار والتاريخ بصلة، لم يتوانَ عن تدمير العديد من المواقع التاريخية، علاوة على إقدامه على بيع عدد هام من
القطع الأثرية، التي نجحت بالفعل في غزو السوق الدولية".
وأفادت "سلايت" نقلا عن مصادر مطلعة، بأن لندن تعج بهذه المعروضات، وهو ما أكده عالم الآثار المختص في منطقة الشرق الأوسط، مارك الطويل، على أثر جولة قام بها في المحلات التجارية بالمدينة العتيقة، للتحقق من صحة الخبر.
وأضافت أن الروايات الرسمية البريطانية كانت قد أكدت أن أحدا لم يقدم على اقتناء التماثيل والقطع الفخارية، وغيرها من المعروضات القادمة من المواقع الأثرية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، غير أن العديد من التساؤلات والشكوك تحوم حول سلع أخرى، بحسب الطويل.
وقالت إن الطويل أشار إلى صعوبة تعقب هذه التجارة الممنوعة والتصدي لها، بسبب تعدد الطرق التي يتم من خلالها الحصول على الآثار، علاوة على أن المشترين نادرا ما يحتفظون بسجلات مكتوبة توثق تفاصيل المعاملات التجارية.
وأضافت المجلة أنه من السهل تحديد عمر القطع الأثرية، ومعرفة مصدرها، مقابل صعوبة معرفة ما إن كانت قد بيعت في زمن الصراع القائم بكل من سوريا والعراق، أو قبله، أو بعده؛ حيث يمكن للمشترين انتظار سنوات عدة قبل إعادة عرض مقتنياتهم بالسوق.
وأشارت إلى تنامي قلق "اليونسكو" إزاء هذه الظاهرة؛ حيث أصبح نهب الآثار في كل من سوريا والعراق، سوقا مزدهرة يستغلها تنظيم الدولة للحصول على التمويل، دون ضوابط أو قيود تنظم عملية البيع والشراء.
وفي هذا السياق، نقلت "سلايت" عن عالم الآثار السوري عمرو العظم، قوله إن الحفريات التي يقوم بها التنظيم ليست قانونية بالمرة، معتبرا أن الاحتفاظ بالقطع الأثرية وإعادة بيعها يمثل انتهاكا خطيرا لكل القوانين والمعاهدات الدولية.
وأضاف العظم: "تنظيم الدولة قد شرع في عمليات النهب والاستيلاء فور وصوله للمنطقة، وبطريقة منظمة وممنهجة".
وقالت المجلة إن تجارة الآثار تؤمّن دخلا هاما لتنظيم الدولة الذي يخوض حربا ضروسا، لم يتمكن البترول وحده من تغطية مصاريفها؛ وهو ما دفع به إلى تبني هذه التجارة، والشروع في تأطير عملية التنقيب عن الآثار، ثم بيعها.
وبينت أن تنظيم الدولة "قام بفرض ضريبة قدرت بـ20 بالمائة، على كل حفرية يأذن بالقيام بها، إضافة إلى تجنيد مجموعة من خبراء الآثار التابعين له، ومشاركة عناصره في الأنشطة التجارية الخاصة بالقطع الأثرية".
وأضافت أن هذه القطع تمر بلبنان أو تركيا؛ لتنتهي إلى الأسواق الأوروبية، حيث لا يمكن لأحد ضمان إمكانية تتبعها، مشيرة إلى أنها تسمى "
التحف الدموية"، نسجا على منوال عبارة "الماس الدموي" التي تطلق على أحجار الماس الثمينة التي يتم إخراجها من سيراليون في أفريقيا لتباع بأغلى الأثمان في أوروبا، بهدف تمويل الحرب الأهلية والانتهاكات ضد الأطفال والنساء.
وفي الختام؛ انتقدت "سلايت" تجاهل أغلبية المشترين لكل هذه التفاصيل، على الرغم من التحذيرات التي أصدرتها مؤخرا المؤسسات الأكثر شهرة في هذا المجال، والتي بدأت تولي اهتماما بمعرفة مصادر القطع الأثرية المتداولة في السوق قبل المتاجرة بها.