تساءلت مجلة "إيكونوميست" عن "حقيقة" التأثير الذي يحظى به
تنظيم الدولة خارج
سوريا والعراق.
ونشرت المجلة في عددها الجديد تقريرا جاء فيه: "عندما أعلن أبو بكر
البغدادي الخلافة في تموز/ يوليو العام الماضي، قرر حذف
العراق وسوريا من اسم التنظيم. وقال إنه يجب من الآن إطلاق اسم (الدولة الإسلامية)، وهو اسم يتناسب مع طموحه لنشر نسخته الشنيعة للحكم الإسلامي في أنحاء العالم كله. وبعد عام أصبح بالتأكيد (للدولة) تأثير خارج حدودها، كما أظهر الأسبوع الدموي السابق".
ويشير التقرير إلى أن هناك جماعات تستخدم اسم "الدولة الإسلامية" قد أعلنت مسؤوليتها عن قتل السياح في تونس، وتفجير مسجد للشيعة في الكويت في 29 حزيران/ يونيو.
وتنقل المجلة عن المسؤولين الفرنسيين قولهم إن "الدولة الإسلامية" لها صلة بحادث ذبح في غرينبول الذي تم في اليوم ذاته، وبعد عدة أيام أعلنت "الدولة الإسلامية" أنها وراء تفجير مسجد في العاصمة اليمنية في صنعاء، فيما يتكهن البعض أنها وراء اغتيال النائب المصري العام هشام بركات في القاهرة. وفي 29 حزيران/ يونيو سيطرت على بلدة في أفغانستان، وبعد ذلك بيومين شنت هجوما دمويا على الجيش المصري في سيناء.
ويعترف التقرير بأن "الدولة الإسلامية" لديها فروع في الشرق الأوسط وأبعد منه. لكن العلاقة بين قادة التنظيم في سوريا والعراق وأولئك الذين يحملون اسمه ويستخدمونه متغيرة وغامضة. ففي 11 دولة، بينها اليمن وروسيا التي أضيفت للقائمة مؤخرا، اعترفت الدولة الإسلامية بوجود جماعات موالية لها. وفي مناطق أخرى مثل الهند هناك جماعات تقول إنها تابعة للدولة الإسلامية، لكن البغدادي لم يعترف بها بعد.
وترجح المجلة أن يكون المهاجم التونسي قد استجاب لدعوة التنظيم للقيام بهجمات، مع أن الجماعة التي أعلنت ولاءها للتنظيم لم تعترف بالهجوم.
ويلفت التقرير إلى إجراءات الاعتراف، التي لا تتم دون الموافقة على البيعة، حيث تعلن بعدها "الدولة الإسلامية" عن "ولاية" جديدة تابعة للخلافة. لكن مجلة "دابق"، وهي المجلة الناطقة باسم "الدولة الإسلامية"، تتحدث عن الشروط الشديدة التي وضعتها الجماعة لمن يريد الانضمام إليها.
وتورد المجلة أن من بين شروط الانضمام تعيين حاكم ومجلس حكم وتطبيق رؤية الدولة الإسلامية، وأن يكون لدى الجماعة الراغبة بالانضمام لـ"الدولة الإسلامية خطط للهجمات.
ويتوصل التقرير إلى أنه نتيجة لذلك فإن "الدولة الإسلامية" تختلف عن بقية المنظمات الإسلامية في تأكيدها على مفهوم الدولة. وتؤكد مجلة "دابق" أهمية الاتصالات، حيث تقول إن الجماعة التي تمت الموافقة عليها ستحصل على الدعم.
وترى المجلة أنه حتى الجماعات المعترف بها تتمتع بعلاقة محدودة مع قادة التنظيم في العراق وسوريا. وتقول إن الفرع الليبي يبدو متداخلا مع التنظيم في العراق وسوريا، حيث أنشئ في مدينة درنة عام 2014 من ليبيين قاتلوا في العراق وسوريا.
ويبين التقرير أن عملية ذبح العمال الأقباط، التي تمت في شباط/ فبراير، تشبه عمليات الذبح في العراق وسوريا في كل شيء من الزي البرتقالي الذي لبسه الرهائن، إلى الفيديو الذي أصدره مكتب الدولة الإعلامي.
وتنوه المجلة إلى أن "ولاية سيناء" في مصر، قد انبثقت عن تنظيم أنصار بيت المقدس، وقامت بعقد صلات مع "الدولة الإسلامية" وقادتها. وأصبحت أكثر شراسة منذ انضمامها لها، وقامت الجماعة في 1 تموز/ يوليو بقتل العشرات من الجنود في هجمات منسقة في سيناء. وربما نبع هذا من كون الولايتين المصرية والليبية حظيتا برعاية من جيش الخلافة، الذي أنشئ خصيصا للعمليات الأجنبية، بما في ذلك تدريب الفروع المحتملة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هناك بعض الجماعات التي تتبنى شعار الدولة، ولكنها لا تظهر إشارات على السيطرة على المناطق، أو محاولة الحكم. فالفرع الجزائري لم يقم إلا بعملية واحدة، وهي ذبح فرنسي، وقد حدثت قبل قبول البغدادي البيعة. أما جماعة "بوكو حرام"، وهي الجماعة الجهادية النيجيرية، فقد أصدرت شريط فيديو ظهر فيه علم "الدولة الإسلامية" منذ انضمامها لها في شهر آذار/ مارس الماضي، وتبنت الأساليب الوحشية في الذبح، وبدأت تطلق على نفسها "ولاية غرب أفريقيا"، ولكن القليل قد تغير، فكما يقول ويليام ماكانتش من معهد بروكينغز: "إن قيادة بوكو حرام ليست عربية، ولن تكون معروفة لتنظيم الدولة".
وتعتقد المجلة أن العلاقة المالية بين تنظيم الدولة وفروعه غير واضحة. وقد لا يكون لديه فائض مالي، خاصة أن التحالف الدولي ضده يستهدف ماليته ومصادره وتحديدا النفط. ولهذا فإن حركة السلاح بين المناطق غير المترابطة صعب. فالمهاجم التونسي يبدو أنه حصل على السلاح من ليبيا لا من سوريا أو العراق، رغم المناطق الشاسعة الواقعة تحت سيطرة التنظيم في هذين البلدين.
ويشير التقرير إلى أن تنظيم الدولة قد يكون له تأثير على الطريقة التي يتم فيها اختيار المتطوعين للقتال، وهو ما يفسر تراجع أعداد المقاتلين التونسيين الذين بدأوا بالسفر إلى ليبيا، أو البقاء في بلادهم للقيام بهجمات.
وتجد المجلة أن الفروع تستخدم أساليب عديدة، ففي الخليج بدأ عناصر التنظيم باستهداف مساجد الشيعة. وفي اليمن وأفغانستان يحاول التنظيم إضعاف تنظيم
القاعدة. وساعدت مذبحة سوسة التنظيم على تأكيد شعاره "باقية وتتمدد"، وهو ما حرف الانتباه عن خسائر التنظيم في سوريا والعراق.
ويلاحظ التقرير أنه في السياق ذاته فقد طرد مقاتلو التنظيم من درنة، ويحاولون تأكيد أنفسهم في سرت. وكانت "بوكو حرام" تسيطر على مساحة بحجم بلجيكا حتى شباط/ فبراير، وقد طردت من معظمها.
وتختم "إيكونوميست" بالإشارة إلى أن التوسع قد يكون علامة ضعف، فقد وجد تنظيم القاعدة نفسه ضعيفا في مواجهة فروع أخرى، مثل الفرع العراقي الذي كانت لديه أهدافه الخاصة.