علق الصحافي البريطاني روبرت فيسك في صحيفة "إندبندتت" على الهجوم الذي نفذه تونسي ضد سياح في فندق "إمبريال مرحبا" في مدينة
سوسة، بأن الهجوم مرتبط بتاريخ العنف ضد المسلمين.
ويقول فيسك: "إنها صيغة (نحن) و(هم) مرة أخرى. وبدأت بعد تنفيذ ثلاثة مهاجمين إسلاميين عملياتهم. وقد بدأ رئيس الوزراء ديفيد
كاميرون (بالحديث أولا) عن القتل الفرنسي والتونسي، وترك مذبحة المسجد في
الكويت التي تذكرها لاحقا".
ويتساءل الكاتب عن سبب عدم ذكره الشيعة، الذين قتل منه 27 شخصا، وكذلك السعوديين، الذين قال إنهم لا يزالون يمارسون حكم الإعدام، وقد أمر كاميرون بإنزال العلم البريطاني إلى المنتصف بعد وفاة الملك عبدالله في كانون الثاني/ يناير هذا العام. وعاد إلى نغمته بالتذكير أن السعودية هي التي جاء منها معظم المهاجمين إلى نيويورك وواشنطن عام 2001. وساعدت في نشوء حركة طالبان، وأن هناك عددا كبيرا من السعوديين ممن يدعمون تنظيم الدولة.
ويرى فيسك أن "مذبحة لا تبرر مذبحة أخرى، فحمام الدم الذي سال العام الماضي في غزة ليس مسؤولا عن مذبحة الشاطئ في تونس، مع أن كاميرون دعم (حق
إسرائيل في الدفاع عن نفسها) ضد الهجمات التي لا تميز، التي تنفذها حركة حماس من غزة، وذلك عندما كان يحاول الحصول على الصوت اليهودي في نيسان/ إبريل في الحملة الانتخابية. ومرة أخرى فلا مبرر لقاتل سوسة. فاي (فارس) إسلامي هذا من يزعم أنه يقاتل أعداء كهؤلاء: سياح على شاطئ تونسي وصاحب عمل فرنسي ومصلين في الكويت".
ويستدرك الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه "قبل أن نقرع الطبل الذي يذكر نهاية هذا الأسبوع بمقتل ثمانية آلاف رجل وطفل أبرياء قبل 20 عاما، نعم لقد حدث هذا في أوروبا، في مكان اسمه سبرينتشا. وكانوا مسلمين، ولم يلم أحد الكنيسة الأرثوذكسية التي ينتمي إليها القتلة، مثلما لم نلم الكنيسة الكاثوليكية لعملية قتل جماعية ارتكبها رجال مليشيا مسيحية كاثوليكية وحلفائها الإسرائيليين، حين ذبحوا 1700 مدني فلسطيني في مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982. وبالتأكيد كان أؤلئك القتلة يحملون صورة السيدة العذراء على أعقاب بنادقهم، تماما مثلما كان شعار القاتل في سوسة قرآنيا".
ويقول فيسك: "أنا مذنب لقيامي بهذا التفريق بين (نحن) و(هم)، فلسنوات كنت أتذكر مذبحة سبرينتشا؛ لأنها حدثت في يوم ميلادي. وأتذكر صبرا وشاتيلا؛ لأنني كنت هناك وشاهدت الجثث، ولأنني كنت أغطي حروب البلقان والتطهير العرقي، وعمليات الاغتصاب الجماعية للنساء المسلمات، فقد نسيت أثر هذا كله في العالم الإسلامي. فبعد كل رحلة كنت أعود من سراييفو وأجلس على الشاطئ أقلب في العناوين المهيجة في الصحافة العربية، فقد كنت هناك وغطيت الحرب".
ويبين الكاتب أن هناك سببا آخر يدعوه للتفريق، ويقول: "ولأنني أكتب دراسة عن التعذيب والمذابح في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، فقد كنت واعيا بشكل تام بالغضب الذي يخلقه العنف الموجه ضد المسلمين. فمن خلال بحثي في الصحف والخطابات التي في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، فقد عثرت على عالم من الغضب الذي لا يمكن وصفه، ونعم هناك حديث عن الانتقام، رغم وجود الحكام العرب الذين كانوا يحاولون خنق هذا الغضب نيابة عنا، ورغم أن العراقيين كانوا يموتون بالآلاف".
ويختم فيسك مقاله بالقول: "لا إنها لم تخلق الإسلاميين الذين يقتلوننا اليوم، ولكنها ساعدت في وضع الأساس لظهور (نزعة حب الموت) والعالم الذي نشأوا فيه. ولكن هذا كله يعود إلى العدل، فلو كنا راغبين بتحقيق العدل لهؤلاء الناس المسحوقين والمهانين آكثر من مناقشة مسألة تشددهم بفوقية، فقد نوقف القتلة الذين يخوضون في مياه شاطئ للسياح، أو يتجولون في مساجد، أو يقتلون شخصا بريئا في فرنسا. فلا أمل، فنحن بحاحة إلى الأمن أكثر، والمزيد من التنصت على الهواتف والشرطة المسلحة، هذا ما نريده".