علقت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها على
تقرير الأمم المتحدة حول جرائم الحرب الأخيرة في
غزة، قائلة "إنه علامة أخرى على معركة أخرى قاتلة لا نهائية بين
الإسرائيليين والفلسطينيين".
وتشير الافتتاحية إلى أن التقرير وجد "انتهاكات خطيرة للقانون الدولي"، التي يمكن أن "تصل إلى جرائم حرب" ارتكبها الإسرائيليون والمسلحون الفلسطينيون خلال الحملة العسكرية، التي استمرت 50 يوما، وقتل فيها 2251 فلسطينيا، بينهم 1462 مدنيا، ودمرت 18 ألف بيت في قطاع غزة.
وتقول الصحيفة إن كلا الطرفين مخطئ، ولكن اللوم الأكبر يقع على إسرائيل. فالتقرير الذي أعده مجلس حقوق الإنسان، خلص إلى أن "الإفلات من العقاب سائد في المجالات جميعها"، بشأن ما يتعلق بأفعال القوات الإسرائيلية في غزة.
وتلفت الافتتاحية إلى الأرقام التي ضمنها التقرير، حيث أشار إلى 15 حالة قتل فيها 216 شخصا، بينهم 115 طفلا و50 امرأة، وقد استخدم فيها الإسرائيليون أسلحة موجهة بدقة. ولكن التقرير لا يقدم معلومات عن السبب الذي أدى لاعتبار المناطق السكنية أهدافا عسكرية مشروعة.
وتذكر الصحيفة أن التقرير شجب كذلك المسلحين الفلسطينيين، بمن فيهم حركة
حماس؛ "للطبيعة العشوائية" التي أطلقت فيها الصواريخ وقنابل الهاون، التي أطلقت تجاه المدنيين الإسرائيليين. ويقول التقرير إن إسرائيل نفذت 6 آلاف غارة على غزة، فيما أطلق الفلسطينيون 4881 صاروخا و1753 قنبلة هاون، وقد أطلقت في الفترة ما بين 7 تموز/ يوليو إلى 26 آب/ أغسطس.
وترى الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن هذه الحرب هي الأخيرة في الدائرة المدمرة التي بلا شك ستتكرر، إن لم يقم قادة الطرفين بمحاسبة المنتهكين للقانون الدولي على أفعالهم، كما أوصى التقرير، والتوصل إلى طريقة للعيش في سلام.
وتنوه الصحيفة إلى رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التقرير، فقد رفضه واعتبره "متحيزا"، وأكد أن "إسرائيل لم ترتكب جرائم حرب". ورفضت حكومته التعاون مع التحقيق، وفي 11 حزيران/ يونيو، أعلنت عن نتائج تحقيقها، الذي قالت فيه إنها لم تنفذ هجمات متعددة على أهداف مدنية أدت إلى سقوط قتلى، وإنها لم تنتهك القانون الدولي أيضا. وأكدت فيه إسرائيل بوضوح أنها لن توجه اتهامات أو تقوم بمحاكمة الأشخاص الذين شاركوا في الحالات الواضحة والمعروفة، وبينها الغارات الجوية التي قتلت أربعة شباب أقارب على شاطئ غزة، وهي الغارة التي أدت إلى إدانة دولية واسعة.
وتقول الافتتاحية إن تقرير الأمم المتحدة ليس هو الأول الذي يوجه انتقادات. ففي أيار/ مايو نشرت مجموعة إسرائيلية "كسر الصمت" تقريرا من 237 صفحة، وصفت فيه الدمار الكبير الذي ارتكبته القوات الإسرائيلية بعد غزوها، ما أدى إلى "ضرر هائل وغير مسبوق" للسكان، وأثار شكوكا بأخلاقيات الجيش الإسرائيلي.
وتبين الصحيفة أنه في المقابل، فقد رحبت حركة حماس، التي تدعو إلى تدمير إسرائيل، بأجزاء من تقرير الأمم المتحدة التي تنتقد إسرائيل، ولكنها تجاهلت شجب التقرير لأفعالها. فقد هاجمت الحركة، التي تسيطر على غزة منذ أن أخرجت فصيل فتح منه عام 2007، إسرائيل وبشكل منتظم، من خلال إطلاق الصواريخ عبر الحدود.
وتستدرك الافتتاحية بأنه رغم ذلك، فإن هناك تقارير تتحدث عن بدء حركة حماس اتصالات سرية هادئة مع إسرائيل، عبر وسطاء لتمديد الهدنة في غزة، وتخفيف القيود التي تشل غزة وشعبها.
وتقول الصحيفة إن التوصل إلى صفقة مع حركة حماس تبدو مؤكدة لإضعاف السلطة الوطنية، التي تدير الضفة الغربية، وقد أبدت استعدادا للتفاوض مع إسرائيل لتحقيق السلام.
وتعتقد الافتتاحية أنه يتوقع أن يستخدم التقرير قاعدة لتحقيق أشمل حول جرائم محتملة ارتكبت، وتقوم به المحكمة الجنائية الدولية.
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بترجيحها عدم التزام حركة حماس، التي تعدها الولايات المتحدة ودول أخرى منظمة إرهابية، بالقانون الدولي. أما بالنسبة لإسرائيل فيرى التقرير أن أمامها واجبا، ويجب أن تكون لديها رغبة لضبط سياسات جيشها من أجل تجنب قتل المدنيين، ومحاسبة من يفشل بالالتزام. مشيرة إلى أنه في ظل غياب نوع من الاتفاق مع الفلسطينيين، فإنه لا مفر من حرب جديدة في غزة.