ظل الموقف الرسمي للرئيس المخلوع على عبدالله صالح حذرا للغاية من بشار الأسد، بسبب ارتباطه بالموقف السعودي المعارض لنظام حزب البعث في دمشق في الفترة التي سبقت اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا، إلا أن العلاقة شهدت نشاطا غير مسبوق بين علي عبدالله صالح وبشار الأسد، منذ تنحي الأول من السلطة تحت ضغط ثورة 11 فبراير في 2011. بعدما التقت مصالح الرجلين على طاولة العداء لثورات الربيع العربي.
وانتدب المخلوع صالح رئيس أركان الأمن المركزي اليمني السابق يحيى صالح وهو نجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، لعملية التواصل مع بشار الأسد، حيث قام بزيارته الأولى إلى دمشق في الرابع عشر من أيلول/ سبتمبر 2013، لتأكيد "وقوف الشعب اليمني مع سوريا لمواجهة المؤامرة الصهيونية والتهديدات الأمريكية والامبريالية بشن عدوان على سوريا، فضلا عن تكريم الرئيس الأسد على شجاعة موقفه الوطني وصموده وتضحياته"، حسب بيان الزيارة حينها.
ويحيى صالح معروف بتأثره بالقومية العربية، حيث عمل مع شخصيات موالية لحزب البعث السوري على إخراج وتمويل مظاهرات مؤيدة لنظام الأسد في صنعاء في نيسان/ إبريل من العام 2013، رفعت فيها صور الأسد حينها فوق مدرعات عسكرية كان يقودها نجل شقيق صالح يحي.
ومع دخول صالح ضمن منظومة تحالف "طهران - دمشق- حزب الله"، بدأت ملامح النفوذ الإيراني في اليمن في الاتساع، من خلال رعايتها لحلف" الحوثيين وعلي صالح" الذي نجح بعض الشيء ـ أي ذلك الحلف ـ في الانقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية في البلاد خلال الفترة السابقة لعملية التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
جاءت الزيارة الأخيرة الأسبوع الماضي، لنجل شقيق صالح الذي يقيم في بيروت، والذي انتقل إلى دمشق، لتكشف حقيقة الالتحام الوجودي بين علي عبد الله صالح وبشار الأسد، انطلاقا من إيمانه أن بقاء الأسد، سيوفر استدامة النفوذ الإيراني في المنطقة، للعودة عبرها إلى الحكم"، بينما يذهب آخرون أن صالح لجأ إلى التحالف مع الحوثيين، بهدف استخدامهم كحصان طراودة لإيصال نجله أحمد إلى السلطة".
ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن "الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، منذ أن وقع اتفاقية التنازل عن السلطة، دخل في علاقة تنسيق سرية مع إيران، ومع المنظومة التابعة لها ومنها النظام السوري وحزب الله".
وأكد أن "التعامل الوحشي لبشار الأسد مع الثورة السورية مثل مصدر إلهام للمخلوع صالح".
وتابع التميمي قائلا: إن "سقوط نظام محمد حسني مبارك في مصر والعقيد معمر القذافي في ليبيا دفع علي عبدالله صالح، للقبول بالتنحي عن السلطة"، مشيرا إلى أن الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، لو سبقت ثورتي مصر وليبيا، لسار صالح على نهج الأسد في التعامل مع الثورة".
وأضاف في تصريح خاص لصحيفة "عربي21" أن "ما يحدث اليوم هو أن المخلوع صالح قام بترتيبات سرية لتطبيق نموذج الأسد في اليمن، وهو خارج السلطة، وهذا ما نراه في التدمير الممنهج للمدن والقتل العشوائي للناس، والعمل بكل الطرق الممكنة لكسر إرادة المقاومة الشعبية".
وأوضح التميمي أن رئيس اليمن المخلوع صالح عمل عبر نجل شقيقه يحيى وأدواته، وعبر الحوثيين أيضا، على الالتحام وعبر علاقات وجودية مع نظام بشار الأسد المتهاوي، انطلاقا من إيمانه بأن بقاء نظام الأسد، سيوفر فرصة لاستدامة المنظومة المرتبطة بإيران وزيادة تأثيرها في المنطقة، وزيادة فرصه في العودة إلى السلطة إما بشكل شخصي أو بواسطة نجله أحمد علي".
ولفت إلى أن "تنظيم المظاهرات المؤيدة للأسد في صنعاء، والتنسيق مع مليشيا الحوثي يأتيان في هذا السياق، ومع هذا التنسيق جرى اللعب بكل الأوراق بما في ذلك الورقتين الطائفية والمناطقية".
وقال إن "منظومة الإعلام الشيعية هي التي تحمل بكل حماس مشروع صالح- الحوثي الانقلابي، وتحاول تنميطه كفعل تحرري ومقاوم، على الرغم من أنه ثورة مضادة"، كما حملت في السابق نظام الأسد المتهاوي تحت يافطة "محور الممانعة".